بعدما طغى فيروس كورونا على جميع مناحي الحياة، أجبر الجميع على تغيير عاداتهم وتقاليدهم، وفرض كلمته علي سلوكيات البشر، لجأ عدد كبير من العرسان في مصر لفكرة إقامة حفلات الزفاف تحت إجراءات وقائية التي فرضها الفيروس، والتي غيرت من طقوس وعادات الأفراح في المجتمع المصري.
تلبس سلوى فستانها الأبيض، تضع القليل من مساحيق التجميل، تخرج لتجلس بجوار زوجها المستقبلي وإلى جواره على بعد متر تقريباً يجلس المأذون، وبعده يجلس والدها، ليعقد قرانهما في حضور 6 أفراد هم إجمالي عدد الحضور من الأسرتين، يحدث هذا وسط زغاريد وتهاني كثيرة يعلو صوتها على صوت المأذون نفسه، تخرج هذه الأصوات من الهواتف المفتوحة في غرف دردشة جماعية يشاهد من خلالها أقارب الطرفان عقد القران، يبعثون تهانيهم بقلوب وباقات ورد أون لاين، مع أجمل الأمنيات للعروسين بحياة قادمة سعيدة.
سلوى ليست الوحيدة بل هي واحدة من عشرات العرائس التي عقدت قرانها بهذه الطريقة خلال إجازة عيد الفطر المبارك، فتقول نسمة عبد الحليم، طالبة الفرقة الرابعة بكلية الآداب جامعة القاهرة أن أختها عقدت قرانها أول أيام عيد الفطر وسط حضور من أسرة العريس وأسرتها حيث كان عدد الحضور إجمالي لا يتجاوز 10 أفراد جلسوا على كراسي متباعدة عن بعضهم البعض، حتى انهى المأذون إجراءاته وذهبت أختها مع العريس لمنزل الزوجية الذي يقع في نفس الشارع وسط زغاريد الجيران من الشبابيك، دون أن ينزل أحد من منزله .
احتياطات صحية
أضافت نسمة انها كانت مسؤولة خلال الإعداد لفرح أختها عن امر واحد فقط، وهو تطبيق أعلى نظام حماية صحية لأختها وللحضور من العائلتين، فرغم أن عدد الحاضرين قليل إلا أنها جهزت منضدة بجانب باب المنزل عليها كحول طبي إيثيلي تركيز 70%، وبجواره زجاجات “جل كحول” بنفس التركيز، وجوارب لليدين، ارتداها المأذون والعريس ووالد العروسة، خلال عقد القران، وكمامات، وكانت تطهر أيدي جميع من بالمنزل كل نصف ساعة خلال تواجدهم، حتى انتهى الحفل.
أضافت نسمة انها اهتمت أيضاً بإستخدام البلاستيك في ضيافتهم من حيث الأكواب والأطباق حتى يتم التخلص الآمن من كل ما يتعلق بالحفل الصغير، فبرغم أن الأمر يبدو بسيط لمن يتابعه عن بعد إلا أنه كان مرهق بالنسبة لنسمة لأنها كانت متشككة في كل شيئ وتتابع كل شيء بطلب من العروسة نفسها.
اضطرت نسمة قبل عقد قران اختها بيومين أن تبحث عن وسائل تواصل مع جيرانهم المقربين لتخبرهم بعقد قران اختها وتطلب منهم عدم النزول، فتقول نسمة :”وجدت في الأمر حرج في أن أطلب من جيراني عدم الحضور ونحن في منطقة شعبية أعتاد اهلها مشاطرة الجيران دائماً في الأفراح والأأحزان فهم قبل الأهل يتواجدون” إلا أن نسمة اتخذت قرار أن تنحي الحرج جانباً في سبيل الحفاظ على أعلى سبل وقاية لها ولأسرتها.
تفهم الجيران مطلب نسمة وأسرتها جيداً وتعاملوا مع الأمر بصدر رحب، بل وخرجوا من الشبابيك والبلكونات يهنوا العروسان حتى طلعا منزلهما الجديد وانتهى اليوم بمشاركة الفرحة عن بعد.
فرح زووم
انتشر في الآونة الأخيرة استخدام برنامج الدردشة الجماعية عبر الفيديو “زووم” لكنها كان بغرض الاجتماعات العملية لحد كبير، فشاع استخامها في العمل ،إلى أن جاء عيد الفطر وانتشر استخدامه لحضور حفلات الزفاف وعقد القران عن بعد.
ويقول أحمد البحيري مدرس للمرحلة الإعدادية أنه لم يكن بإمكانه تأجيل فرحه نظراً لأن لا أحد يعلم أي مدى قادم لإنتهاء الأزمة، وبناء عليه فالتأجيل في غير محله، فربما تسوء الأمور أكثر من ذلك، وهو أقبل على خطبة بنت عمه منذ 3 سنوات، فلم يكن لديه أي نية أو فرصة للتأجيل، مما دعاه لإكمال الزواج في الموعد المحدد وعقد القران في اليوم الثالث لعيد الفطر المبارك، وما سهل عليه الأمر أن العروسة هي أبنة عمه، فكانت العائلتان متفاهمتان لتقليل عدد الحضور الذي اقتصر على 5 من كل أسرة، وباقي العائلتان هم أيضاً حضروا ولكن عن بعد من خلال برنامج زوووم، فكل الموجودين فعلياً وعددهم 10 كانوا يفتحون هواتفهم ويستقبلون الدردشات الجماعية لتحضر عقد القران وهو ما بسط الأمور على الجميع.
ويضيف أنه اضطر لعقد القران في الثالثة عصراً حتى يتمكن من الذهاب مع عروسته للمنزل قبل مواعيد الحظر التي حددتها الدولة خلال أيام العيد والتي كانت تبدأ في الخامسة مساءً طوال إسبوع العيد.
يُذكر أن هناك حزمة من القرارات اتخذتها الدولة المصرية مع بدء أزمة كورونا في مصر، كان على رأس تلك القرارات غلق النوادي الإجتماعية وقاعات الأفراح في الأماكن العامة ودور المناسبات والمساجد، الأمر الذي ترتب عليه تعطيل العديد من الزيجات، إلا أن لا يأس مع المصريين ولا مصريين مع اليأس فقرروا التغلب على الأزمة ببرامج الدردشة الجماعية “فيديو كوول” ليحضر معهم الأهل والأحباب رغم الفرحة المنقوصة إلا أن رؤية الأقارب تسعد أصحاب الفرح وتحيي سعادتهم.