تنوع الجنسيات داخل أي مجتمع عامل رئيسي في تكوين ثقافة شعبه، ومصر بلد يحوي عددا كبيرا من الجنسيات،  منهم من يقيم بها إقامة كاملة، ومنهم من يأتي في زيارات موسمية بعض الوقت، ومنهم من يلجأ إليها تحت مظلة شرعية اللجوء، منذ مجيئهم واستقرارهم في مصر شكلوا أنشطتهم الخاصة، والتي تعبر عن نمط من طقوسهم ومهنهم التي نقلوها معهم من بلدانهم، كرسائل تعريفية تحمل شكل ثقافاتهم وحياتهم، لاسيما شهرتهم ببعض الحرف والمهن التي ذاع صيت كل بلد فيها في الآونة الأخيرة، وبالرغم مما فعلته الجائحة بهم من توقف لتلك الأسواق إلا أن جميعهم لديهم حلم العودة لممارسة أنشطتهم من جديد .

يعد الحضور العربي في مصر قديماً إلى حد ما، خاصة السوري والليبي واليمني والعراقي والسوداني، اختلف كل منهم في مجال عمله، وتركز في مدن عدة جاءت على رأسها القاهرة والجيزة ومرسى مطروح ودمياط، وذلك بحكم تركز غالبية حاملي تلك الجنسيات فيها.

فيروس كورونا.. التعايش مع المخاطر أو الانهيار الاقتصادي

فبمجرد دخولك مدينة السادس من أكتوبر وحي الدقي التابعين لمحافظة الجيزة تلاحظ انتشار السوريين، ومن الممكن التعرف عليهم سريعاً من خلال مطاعمهم التي تمركزت هناك وتميزت كثيراً بنكهاتهم، وهي الآن جميعها مغلقة ماعدا القليل منها والقائم على “الدليفري” فقط .

تسريح العمال

يقول نور الماجد، وهو لاجئ سوري في مصر منذ 5 سنوات، و يعمل في مطعم بالدقي، إنه قبل انتشار حالات كورونا في مصر كان هناك عدد كبير يتردد عليهم من مختلف الجنسيات، يقبلون كثيراً على الشاورما السوري، ووجبات العربي المقطع والفلافل والكبيبة، إلا أن كل ذلك توقف تماماً مع الجائحة ونتج عنه تسريح العمالة المتواجدة بالمحل، وهو نفس ما حدث في منطقة المهندسين التي شهدت رواج المنتجات السورية أيضاً لكنها تمثلت في عرض عدد كبير من المشغولات اليدوية السورية في المعارض التي تُنظم لها، ومنها المعرض السوري الحديث.

يقول نصر رؤوف أحد القائمين على تنظيم المعرض إنهم اهتموا بالتركيز على الملابس الحريمي والحلي والإكسسوارات، أكثر من أي شيئ آخر، موضحاً أنهم يقبلون على تنظيم هذا المعرض كل عام في نفس التوقيت ، استغلالاً لفرصة تغيير الفصول، مما يضفي على بضاعتهم رونقا مختلفا ومطلوبا سواء من المصريين المترددين على المعرض أو من الجنسيات الأخرى، إلا أن كل ذلك يندرج تحت بند الماضي ولم يعد موجوداً هو الآخر .

وفي منطقة باب الشعيرية بمحافظة القاهرة، انتشرت السوق السودانية، فلم تمنعهم ظروفهم القاسية من احتلال المرتبة الأولى من قائمة الأعمال ذات الطابع البدني العنيف، والتي تتطلب جهدا عضليا خلال القيام به، كالعمل في مناجم الفحم، ودباغة الجلود، ومصانع الحديد والصلب، وقد جاء هذا متماشياً مع من يتسمون به من قوة عضلية وبنية قوية تمكنهم من بذل جهد بدني كبير خلال العمل.

التزام بالحظر

يقول حسن غانم، سوداني الجنسية يعيش في مصر منذ 20 عاماً، : “جئت إلى مصر وكنت شاباً وعملت في دباغة الجلود، حتى تمكنت من فتح ورشة متخصصة لدباغة الجلود” بمنطقة باب الشعيرية بالقاهرة”، مضيفاً أن هناك عدد من أشقائه السودانيين يساعدونه في العمل داخل الورشة، بالإضافة لعدد آخر من أبناء جنسيته في مصر اتجهوا للعمل بهذه الحرفة وانتشرت محلاتهم في عدد مختلف من المناطق المصرية، وهم لم يغلقوا محلاتهم خلال جائحة كورونا بل يلتزموا فقط بمواعيد الحظر التي حددتها الدولة.

السياسة بعد كورونا.. انعزال وسلطوية وتغييرات شاملة للأنظمة الحاكمة

أما في مناطق القاهرة الجديدة والرحاب، والمعادى فيعاني معظم اللاجئين هناك من كساد في سوق العمل، فمعظم اللاجئين هناك يحملون الجنسية العراقية ، و مجالات عمل العراقيين في مصر تنصب بشكل رئيسي على المقاهي ومحلات الحلويات والمعجنات، لما لها من مذاق مميز للشعب العراقي.

و انتشر في الآونة الأخيرة عدد كبير من محلات الخبز والحلويات التي تحمل أسماء عراقية في مصر، منها على مخبز الصمون الحجرى بمنطقة الرحاب، التي يعاني معظم قاطنيها من اللاجئين من بطالة كبيرة بل ويعيشون في قلق التعرض للإصابة بكورونا.

نصائح أممية

وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد نصحت رعاياها وملتمسى اللجوء في مصر باتباع التوصيات المقدمة من السلطات المصرية، خاصة وزارتى الصحة والداخلية للتعامل مع فيروس كورونا.

وقد أخبرت رعاياها أنه سيتم توفير الخدمة الصحية للاجئين وطالبى اللجوء من قبل وزارة الصحة المصرية مثل المصريين حيث توفر لهم الدعم الصحى فى فترة جائحة كورونا بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين ومنظمة الهجرة، سواء فى حالات الاشتباه فى مستشفيات الحميات، أو تحويلها لمستشفيات للعلاج والعزل.