اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير لها، قوات الأمن الإثيوبية بإعدام 39 شخصا من أنصار المعارضة واعتقال آلاف آخرين بتهمة تأييد جيش تحرير أورومو، وهو فصيل معارض مسلح.
وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان في إثيوبيا إن النتائج الواردة في التقرير “ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد”، في حين دعا حزب تحرير أورومو ومؤتمر أورومو الاتحادي المعارضان الحكومة للتحقيق في ما جاء به.
وأصدرت منظمة العفو الدولية، الجمعة الماضية، تقريرا قالت فيه: “إن قوات الأمن الإثيوبية أعدمت 39 شخصا من أنصار المعارضة واعتقلت آلاف آخرين بتهمة الانتماء إلى مجموعة مسلحة في منطقة أوروميا”.
وأضاف التقرير أن الضحايا متهمون بتأييد جيش تحرير أورومو، الجناح المسلح المنشق عن جبهة تحرير أورومو، التى كانت الحكومة قد صنفتها من قبل حركة إرهابية لكن رئيس الوزراء آبى أحمد رفع الحظر عنها.
قوانين إثيوبيا عائق يهدد حياة أطفال إريتريا اللاجئين
وقال الباحث في منظمة العفو الدولية في إثيوبيا فيسيها تيكلي “ما زالت قوات الأمن تنتهك حقوق الإنسان بالرغم من الإصلاحات التي أدخلها رئيس الوزراء آبي أحمد، وسبب ذلك هو الحصانة من العقاب إلى مدى بعيد وانعدام المساءلة عن هذه الانتهاكات”.
ولم يرد الجيش الإثيوبي ومكتب رئيس الوزراء وشرطة أوروميا وأمهرة على الفور على طلبات للتعليق، بحسب وكالة رويترز.
وقال دانييل بيكيلي، رئيس لجنة حقوق الإنسان في إثيوبيا، إن النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية “ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد”.
وأدخل آبى إصلاحات اشتملت على إلغاء الحظر الذي كان مفروضا على الأحزاب السياسية، والإفراج عن سجناء سياسيين، والترحيب بعودة الجماعات المسلحة من المنفى مثل جبهة تحرير أورومو.
توترات مكبوتة
لكن الحريات الجديدة أثمرت عن تصاعد التوترات المكبوتة منذ فترة طويلة بين المجموعات العرقية الكثيرة في البلاد.
ومنذ ديسمبر 2018، ينتشر الجيش الإثيوبي في غرب وجنوب أوروميا لمكافحة النشاط المسلح لجيش تحرير أورومو.
وقال حزب تحرير أورومو ومؤتمر أورومو الاتحادي، وهو حزب معارض، فى بيان مشترك إن هذا التقرير هو “دليل آخر على أن الإدارة الجديدة لم تتخل عن ممارسة تضييق الخناق على المعارضة باستخدام القوة، وارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، وتنفيذ عمليات الإعدام بلا محاكمة”. ودعا الحزب الحكومة إلى التحقيق فيما ورد بالتقرير.
واستنادا إلى مقابلات أجريت مع 80 ضحية أو شاهد مباشر على العنف، ذكر تقرير منظمة العفو الدولية أن أفراد الجيش الإثيوبى وقوات الأمن فى أمهرة وأوروميا تورطوا فى عمليات قتل على أسس عرقية واعتقالات تعسفية جماعية واغتصاب.
من هي جبهة تحرير اورومو
نشأت جبهة تحرير أورومو عام 1973 باعتبارها حركة قومية للشعب الأورومي يتمركز في جنوب ووسط إثيوپيا، وتشكل أكبر جماعة عرقية في البلاد، وقاتل مقاتلو الجماعة إلى جانب القوات الموالية لملس زناوي رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، وساعدت في الإطاحة بمنجستو هايلاي مريم الرئيس السابق في عام 1991 لتقرير مصير شعب اورومو ضد ما يسمونه “الحكم الاستعماري الحبشي”.
الأمن الغذائي لمليون شخص في إثيوبيا في خطر بسبب أسراب الجراد الصحراوي
وبعد وصول زيناوي انقسمت الجبهة عليه، وقاتلت من أجل إقامة وطن الاورومو والمعاملة العادلة للشعب الاورومي، وجدير بالذكر أن جبهة تحرير اورومو تحتفظ بمجموعة قواعد في جنوب إثيوپيا على طول الحدود مع كنيا، حيث تشن هجمات مستمرة على الحكومة الإثيوپية لنيل تقرير المصير لشعب اورومو.
وعلى الرغم من وجود مكاتب للجبهة في واشنطن وبرلين، ومنهما تبث محطات اذاعة اورومية باللغتين الأمهرية وأفان، إلا أن الحكومة الإثيوبية تصنف الجبهة بأنها منظمة إرهابية.
بحسب تقارير إعلامية محلية ودولية فإن الجبهة لم تلجأ للعنف منذ عام 2002، في حين تقول بعض التقارير أن نشاطها (غير العنيف) قد ازداد بعد الانتخابات العامة في 2005.
وفقا لاعتقاد أعضاء ومناصرو الجبهة، فهدف الجبهة هو تحرير منطقة اورمو من الاحتلال الإثيوپي، الذي بدأ منذ ضمها في عهد الامبراطور الإثيوپي منليك الثاني في نهاية القرن العشرين.
وقامت الجبهة وهدفها الرئيسي استقلال منطقة اورمو، وتعترف الجبهة بحقوق الأقليات والتجمعات العرقية داخل اوروميا وتهدف إلى غرس التفاهم والاحترام المتبادل بين شعب اورومو والشعوب المضهدة من أجل القضاء على الاستعمار وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
تحالفات
في الثمانينيات، عقدت الجبهة تحالفات مع الجبهات المعارضة للنظام الإثيوپي، مثل جبهة تحرير إرتريا، جبهة تحرير شعب تيگراي، وفي هذه الأثناء، افتتحت الجبهة أول اذاعة ناطقة باسمها وسمتها صوت تحرير شعب اورمو، عام 1988.
شاركت الجبهة في المؤتمر الذي انعقد في لندن عام 1991 بعد انهيار النظام الشيوعي في إثيوپيا، وتحالفت مع الجبهة الديمقراطية لشعوب إثيوپيا، لتأسيس حكومة انتقالية في أديس أبابا، ولكنها اختلفت على كيفية اجراء انتخابات حرة ونزيهة.
انسحبت الجبهة من الحكومة عام 1992، وغادرت القيادة السياسية للجبهة إلى الصومال، وهناك اختارو قيادة جديدة برئاسة داود ابسا أيانا، ونائبه بلتم بيو أبو بكر، وبعد طرد الجبهة من الصومال، انتقلت إلى إرتريا، حيث المقر الرئيسي لها في العاصمة أسمرة.
قمع دموي وفوضوي
في 20 مارس الماضي، انتقدت مجلة إيكونوميست البريطانية تعامل حكومة أديس أبابا مع الأورومو، أكبر الجماعات القومية فى إثيوبيا، والتى يتجاوز عددها 25 مليون نسمة، وقالت إن القمع الذى تمارسه بحقها دموى وفوضوى.
وأشارت المجلة البريطانية فى تقرير بعددها آنذاك، إلى أن الاعتقالات وعمليات الإعدام بعد إجراءات موجزة أصبحت شائعة فى المناطق النائية فى أوروميا، أكبر منطقة فى إثيوبيا.
بحسب المجلة فإن قوات الأمن الإثيوبية تشن حربا على انفصاليين مسلحين من أورومو، كما أنهم يعاملون المدنيين بوحشية، وتشير روايات الشهود إلى وجود قمع عشوائى للمعارضة المحلية فى بلد يفترض أنه على الطريق من حكم الحزب الواحد نحو الديمقراطية.
” رايتس ووتش”: أثيوبيا انتهكت حقوق الإنسان بقطع الاتصالات عن”أوروميا”
وذكرت المجلة بإن هذا لم يكن ما توقعه الإثيوبيون من أبى أحمد الذي أصبح رئيسا للوزراء فى عام 2018، والذي وصفته المجلة البريطانية بأنه ” إصلاحيا شابا من أوروميا”، ووعد بالديمقراطية للجميع وتعويض ما يقول سكان أوروميا أنه قرون من التهميش السياسى والاقتصادى.
قام أبى بإطلاق سراح للسجناء السياسيين والتوصل إلى السلام مع إريتريا وجبهة تحرير أوروما التى أصبحت حزب معارضة الآن، وكان الكثيرون يأملون نهاية التمرد الذى بدأ قبل 50 عاما تقريبا،لكن الانقسامات الاجتماعية التى جاء بأبى إلى المنصب لا تزال تقسم إثيوبيا. وأضعفت سنوات الاضطراب فى أورومو الحكومة المحلية وأدت إلى فراغ أمنى بحسب ما تشير إليه إيكونوميست.
ونقلت المجلة عن رئيس حركة تحرير أورومو قوله بإن الحركة المعارضة فى أوروميا قد توقفت تماما.
وفى الأشهر الأخيرة، تم اعتقال الآلاف من أنصارها بينهم تسعة من قادتها، وقامت قوات الأمن مرارا بإغلاق مكاتب الحركة فى بعض المناطق وأيضا لاحقت حليفها الأكثر اعتدالا المؤتمر الفيدرالى لأورومو.
وخلصت المجلة في تقريرها إلى أنه ورغم إصرار حكومة أديس أبابا على أنها لا تزال منفتحة للتفاوض مع المتمردين، وقال أبى للمشرعين في شهر فبراير الماضى “من مصلحة الناس أن يحللوا مشكلاتهم من خلال النقاش والاجتماعات والمحادثات”، لكن المجلة اعتبرته أنه وعلى ما يبدو أنه غير مهتم بمزيد من محادثات السلام ويتصرف كما لو أنه يمكن حل النزاع بالقوة، بينما لا تزال المعارضة تعتبر الدولة الإثيوبية مضطهد استعماري لا يمكن الوثوق به وتستمر المذبحة.