علي غير المتوقع، خرج الأمريكيون في العديد من الولايات الأمريكية احتجاجا على مقتل جورج فلويد المواطن الأمريكي من أصل إفريقي، خلال توقيفه من قبل شرطي، لتخرج الأمور عن السيطرة، في حالة فوضي غير مشهودة باتت للعيان وكأنها صورة من مشاهد شهدتها ثورات بلدان ما يسمي بـ “الربيع العربي”، والتي تسببت في سقوط أنظمة امتد حكمها لأكثر من 30 عاما، كان آخرها في السودان.
لم تكن أكثر السيناريوهات التي يمكن أن يضعها مخرج هوليودي، أن تصل الأمور إلى سخرية البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، والتي تواجه أزمة كبري بعد تصاعد وتيرة الأحداث وخروجها عن السيطرة في معظم الولايات الأمريكية، ليجعل الأمريكيون من “فلويد” أيقونة وذريعة للخروج ضد ترامب وإدارته، والتي أخفقت في علاج كثير من الأزمات آخرها تفشي فيروس كورونا، لتسجل الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 100 ألف حالة وفاة بالفيروس.
من هو فلويد
أيقونة الثورة ورمز الاحتجاج تمثل في مواطن أمريكي من أصول إفريقية يدعي جورج فلويد، رجل يبلغ من العمر 46 عاما عمل حارساً في أحد مطاعم المدينة، على مدار الأسبوع الماضي، كان هذا الرجل حديث الساعة والعالم، ومازال بعد مقتله علي يد 3 من عناصر الشرطة.
أوباما: سياسة ترامب “كارثية”.. و”العفو الدولية” تدين العنف ضد المتظاهرين
وأظهر شريط مصوّر مدته عشر دقائق، “انتشر كالنار في الهشيم” على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح الحدث الرئيس في كافة وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية، شرطياً أبيض، يثبت فلويد أرضاً، ضاغطاً بإحدى ركبتيه على عنقه، فيما كان فلويد يستجدي ويستعطف قاتليه مرددا “لا أستطيع أن أتنفّس”.
بررت الشرطة الواقعة سريعا وأعلنت أن سبب توقيف عناصر الشرطة لـ “فلويد” خلال بحثهم عن مشتبه به في عملية تزوير مساء 25 مايو الماضي، في مدينة مينابوليس، أكبر مدن ولاية مينيسوتا الأمريكية.
بالتزامن مع واقعة فلويد، وقعت حادثة أخري، في اليوم ذاته، لانتشار فيديو يظهر امرأة بيضاء في نيويورك، تستدعي الشرطة للقبض على رجل أسود، بعد خلاف حول كلبها.
وتشهد 15 ولاية أمريكية احتجاجات حاشدة وعنيفة في بعض الأحيان احتجاجا على مقتل فلويد، وتتكون الولايات المتحدة من 50 ولاية بالإضافة إلى مقاطعة فيدرالية واحدة، وهي واشنطن العاصمة.
مقتل 1014
بحسب ما أفادت به صحيفة “واشنطن بوست”، فأنّ 1014 شخصاً من أصل افريقي، قتلوا على يد الشرطة في عام 2019.
وتبيّن عدّة دراسات أن الأمريكيين أصحاب الاصول الافريقية، أكثر عرضة لأن يقعوا ضحايا للشرطة مقارنة بالأعراق الأخرى.
وأعلنت منظّمة Mapping Police Violence غير الحكومية، في دراسة أجرتها، أنّ الامريكيم من أصل أفريقي يقتلون على يد الشرطة، أكثر بثلاث مرات من البيض.
الصين ترد “لا أستطيع التنفس”
وفي إطار حرب التصريحات الأمريكية الصينية، انتهزت بكين الفرصة وردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ على انتقادات نظيرتها الأمريكية مورغان أورتاغوس بشأن حقوق الإنسان في هونج كونج وقمع المتظاهرين بهذه الكلمات الثلاث “لا أستطيع التنفس”، فيما اعتبره البعض بإنهاء تصريحات تأتي في إطار المكايدة السياسية، ردا علي هجوم ترامب والمسؤولين الأمريكيين بشأن منشأ فيروس كورونا والذي يطلق عليه ترامب بـ ” الفيروس الصيني”.
فروق عرقية وتمييز مطرد.. “مينيابوليس” تاريخ من الصراع العنصري بأمريكا
الرد الصيني جاء تعليقا على سياسات الصين في هونج كونج والاحتجاجات هناك، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس، عبر حسابها على تويتر، إن “هذه لحظة محورية للعالم. يجب على الأشخاص المحبين للحرية في جميع أنحاء العالم الوقوف مع سيادة القانون ومساءلة الحزب الشيوعي الصيني، الذي خالف وعوده بشكل صارخ لشعب هونج كونج”.
مخاوف من تفشي جديد للوباء
فرضت الإدارة الأمريكية مثل باقي دول العالم، إجراءات احترازية لمواجهة فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19، وعلى الرغم من ذلك خرج آلاف الأمريكان في مظاهرات حاشدة، شهدت أعمال نهب وسلب للممتلكات العامة والخاصة على نحو غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، حيث كانت مثل تلك الحوادث تقع في نطاق محدود جددا في وقت سابق.
بحسب ما كشفت عنه صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فإن الاحتجاجات الحاشدة ضد وحشية الشرطة الأمريكية، والتي أخرجت آلاف الأشخاص من منازلهم إلى الشوارع في المدن بجميع أنحاء البلاد تثير شبح تفشى جديد لكورونا، مما دفع القادة السياسيين والآباء وخبراء الصحة العامة إلى التحذير من أن الحشود يمكن أن تتسبب فى زيادة الحالات.
قلق حقوقي من تغريدات ترامب المحرضة للعنف تجاه متظاهري مينيابوليس
وقالت الصحيفة أن الاحتجاجات فى عشرات المدن، والتى جاءت بعد مقتل الأمريكى من أصل أفريقى جورج فلويد ، أثناء محاولة الشرطة احتجازه فى مدينة مينيابوليس، تعكس التوترات المزدوجة والتراكمية الناشئة من عقود من القتل على أيدى الشرطة والخسائر المفاجئة لأفراد العائلة والأصدقاء بسبب الفيروس.
وفقا للصحيفة فإن التدفق العفوي للاحتجاجات، والتي بدأت في العديد من الولايات بحذر في إعادة فتح أبوابها بعد أسابيع من أوامر البقاء في المنزل مع وجود ملايين العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة، وتخضع المطاعم والمدارس والشواطئ والمتنزهات للتدقيق حيث يمارس الجمهور مبدئيا أشكالا جديدة من التباعد الاجتماعي.
و حذر عمدة مدينة لوس أنجلوس، إريك جارسيتى، و التى أدت المظاهرات فيها إلى إغلاق مراكز اختبار كورونا أمس الأول السبت، من أن الاحتجاجات يمكن أن تصبح أحداثا فائقة الانتشار، فى إشارة إلى أنواع من التجمعات، والتى عادة ما تعقد فى جلسات داخلية، والتى يمكن أن تؤدى إلى انفجار للعدوى الثانوية.
تويتر يعلن تضامنه
وفي سابقة أولي، غير موقع تويتر لون شعاره عبر صفحته الرسمية على الموقع لتصبح باللون الأسود تضامنا مع أصحاب البشرة الداكنة في ظل الاحتجاجات التي تشهدها أمريكا بعد مقتل الشاب جورج فلويد في مدينة مينيابوليس على يد أحد أفراد الشرطة.
وتحول الشعار على الصفحة الرسمية للموقع من اللون الأزرق إلى الأسود، كما تغيرت الخلفية لتكون بيضاء.
وكتب الموقع جملة تحت الصورة الرئيسية قال فيها: “حياة السود مهمة”، في إشارة إلى العنصرية التي يُعاني منها أصحاب البشرة الداكنة حول العالم.
في وقت سابق دخل موقع تويتر في خلاف مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد وضع ملصق على تغريدتين للأخير تدل على عدم مصداقيتهما.
استطلاع رأي
الأحداث الأخيرة، جعلت العديد من المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث الأمريكية، تضع سيناريوهات لمستقبل ترامب السياسي، حيث أكدت إنه على الرغم من أن مؤيدي الرئيس دونالد ترامب أكثر حماسًا للتصويت من مؤيدي جو بايدن ، إلا أن المرشح الديمقراطي المفترض يحتل الصدارة قبل انتخابات نوفمبر المقبل، بحسب مجلة “نيوزويك” الأمريكية، أمس الأحد.
اضطهاد السود بأمريكا.. العنصرية القديمة تنبعث من جديد
في حين كشف استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست و إيه بي سي نيوز أن 53 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم سيؤيدون بايدن مقابل ترامب ، بينما قال 40 بالمائة أنهم سيصوتون بالعكس إذا كانت الانتخابات بين الاثنين، حيث تظهر الأرقام أن بايدن ارتفع من 50 بالمائة وتراجع ترامب من 44 بالمائة مقارنة باستطلاع سابق.
وأوضحت المجلة أنه تم إجراء آخر استطلاع عبر الهاتف بين 25 و 28 مايو الماضي، بين عينة وطنية عشوائية من 1001 شخص بالغ، النتائج لها هامش خطأ زائد أو ناقص 3.5 بالمائة، و تم إجراء الاستطلاع السابق في مارس الماضي.
وفقا للمجلة فإن المستجيبين سئلوا: إذا كانت الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ستجرى اليوم وكان المرشحون (دونالد ترامب، الجمهوري) و (جو بايدن ، الديمقراطي) ، لمن تصوت؟ هل تميل إلى (ترامب) أو (بايدن)؟
كما تم سؤال مؤيدي كل مرشح عن مدى حماستهم للتصويت، حيث كان مؤيدو ترامب أكثر حماسًا من بايدن ، وفقًا لاستطلاع واشنطن بوست وإيه بى سى نيوز.
من بين الذين قالوا إنهم سيذهبون إلى ترامب، قال 87 في المائة إنهم متحمسون للقيام بذلك، حيث قال 64 في المائة جدًا و23 إلى حد ما.
بينما قال 74 في المائة لبايدن إنهم متحمسون، 31 منهم للغاية و43 إلى حد ما، واعتبر مراقبون بإن هذا الاستطلاع السابق يعكس بأن أنصار ترامب أكثر حماسًا لدعمه مقارنة بأنصار بايدن.