سيدات مصريات يرتدين زيا عسكريًا يحملن على أكتافهن شارة الأمم المتحدة، وأخريانت يرفعن شعار علم بلادهن، ليظهرن من أي دولة هن، ضمن آلاف العاملين في القوات الدولية لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

خصصت الأمم المتحدة الاحتفال هذا العام بالنساء، لدورهن في إرساء السلام العالمي، رغم أنهن لا يشكلن سوى نسبة قليلة من تعداد القوات، حيث لا تتعدى نسبة مشاركة المرأة نحو 6 % بحسب الإحصاءات الرسمية، في حين تقدر إحصاءات أخرى بأنها 4 % من أكثر من 80 ألف من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

حماية المرأة والطفل

“عندما التقي شاب أو طفل سوداني أثناء عملي، ويقول لي أحدهم أريد أن أبقى مثلك أشعر بالفخر وأني قمت بعمل ناجح لي ولبلدي”.. بهذه الكلمات عبرت سناء عبد الغني، سيدة مصرية ضمن فريق قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور السودان، وهي تعمل في رتبة رائد طبيب، خلال لقائها ببرنامج نصف ساعة على راديو بي_بي_سي عربي.

اقرأ أيضًا:

نساء صاحبة الجلالة يبحثن عن بيئة عمل آمنة

تحدثت الطبيبة المصرية عن أبرز المهام التي تقوم بها ضمن عملها، وأبرز التحديات التي تواجهها وفريق العمل، والتي تتمثل في تفشي فيروس كورونا المستجد، وما يفرضه من تحديات خاصة لها كطبيبة في مجتمع يعاني من اضطرابات منذ سنوات.

تقول “عبد الغني” :”مستمرون في أدائنا كعنصر شرطي ونأخذ الإجراءات الاحترازية وننشر الوعي في مواجهة تفشي الفيروس” مضيفة “منطقة دارفور تعاني فيها النساء من العنف و دورنا العمل على حماية المرأة والطفل لأنهم أكثر الفئات عرضة للعنف سواء الجنسي أو الجسدي”.

بحسب ما توضحه الطبيبة المصرية فإن برامج الحماية تشمل التأهيل النفسي، وعمل دورات وورش عمل تدريبي للمجتمع المحلي لكيفية التصدي لحالات العنف، قائلة: “نحترم عادات وتقاليد المجتمع المحلي ونلقي استجابة جيدة منهم”.

بفخر واعتزاز تقول الطبيبة المصرية: “شرف لي أن أمثل العنصر الشرطي المصري تعاملت مع جنسيات مختلفة وتبادلنا الخبرات”.

وتعد مصر من الدول العشر الأولى الأكثر إسهاماً ضمن قوات حفظ السلام على مستوى العالم، حيث تشارك بنحو 3 آلاف فرد في البعثات الأممية المنتشرة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.

14 مهمة لحفظ السلام في العالم

تشهد مناطق النزاعات والحروب مساهمات قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تساعد على تخطي الصراعات ودفع عمليات السلام، عبر نشر قواتها في جميع أنحاء العالم، والذين يتميزون بارتداء خوذ وقبعات زرقاء اللون نسبة إلى لون علم الأمم المتحدة.

 بحسب بيانات الأمم المتحدة فإنه  وحتى عام 2019، تدير الأمم المتحدة 14 مهمة لحفظ السلام في جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضًا:

معهد جنيف: “التمييز وعدم المساواة”.. واقع المرأة بالشرق الأوسط

ويعمل أكثر من 105000 جندي وشرطي وأفراد آخرين من مختلف دول العالم في بعثات حفظ السلام، في مناطق تمتد من هايتي إلى أجزاء من الهند وباكستان، معظمهم يعمل في البلدان الإفريقية.

وتتصدر قائمة البلدان المساهمة بهذه القوات كل من إثيوبيا والهند وبنجلاديش ونيبال ورواندا، وتقول الأمم المتحدة إن عمليات حفظ السلام تكلّف ما قيمته (6.7 مليار دولار) أي بنسبة أقل من 1% من ميزانية النفقات العسكرية العالمية، التي قدّرت بنحو 1.82 تريليون دولار في عام 2018.

أول امرأة مصرية

تعتبر ناهد صلاح، أول امرأة مصرية تنضم إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عام 2014، حيث شغلت منصب رئيس قسم الشرطة في بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في المغرب.

وشملت مهام ناهد الرئيسية، حماية النساء المحليات من العنف الجنسي وتقديم المساعدة للناجيات منه، امتثالًا لمعايير الأمم المتحدة لمهماتهن في المناطق المضطربة.

وعقب تاريخ طويل من المهام الموكلة لها، كرمت ناهد صلاح من قبل قائد قوة بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو، ومنحها ميدالية الأمم المتحدة.

اقرأ أيضًا:

“الضحية الكبرى”.. قلق أممي من مخاطر “كورونا” على المرأة

قبل عامين قررت وزارة الداخلية المصرية زيادة عدد النساء اللائي ينضممن إلى قوات حفظ السلام على مر السنين، فيما قال وزير الخارجية سامح شكري في عام 2018، إن هناك 3 آلاف رجل وامرأة منتشرون في جميع أنحاء الكونغو ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى ودارفور.

وبعد سنوات من عملها كضابطة في الشرطة المصرية، ترشحت العميد ناهد الواحي عام 2014 للمشاركة في قوات حفظ السلام الدولية، من خلال بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية.

بحسب ما صرحت به الواحي لـ”الشرق الأوسط” العام الماضي: “كانت تجربة ثرية ومميزة في تاريخي المهني، كوني كنت أول مصرية تشارك في قوات حفظ السلام الدولية، وكانت مهمتي لمدة عام 2014 – 2015”.

وتخرجت العميد ناهد في كلية الشرطة (كلية الضباط المتخصصين) عام 1988، وتقلدت العديد من المهام، حيث عملت في مصلحة الجوازات، ثم انضمت لوحدة مكافحة العنف ضد المرأة، وكان وجودها مؤثراً ضمن قوات تأمين الحدائق العامة خلال الأعياد المصرية في ظل مواجهة حوادث التحرش الجنسي.

مساهمات أممية

بدأت مصر المساهمة الأممية في عام 1960 في الكونغو، واحتلت مصر المرتبة الثالثة عالمياً عام 2017 ضمن تصنيف الدول الكبرى المساهمة بقوات شرطية، حيث بلغ عدد القوات المشاركة 729 ضابطاً وفرد شرطة ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عدد من البلدان، وذلك وفقاً لتقارير إدارة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

اقرأ أيضًا:

الأمم المتحدة تطالب بإجراء تحقيق في مقتل 22 في هجوم على قرية في الكاميرون

في إبريل 2019، نالت النقيب شريهان أبو الخير رشدي ميدالية الأمم المتحدة في احتفالية أقيمت بمقر القوة الأممية في مدينة جوما شرق الكونغو، حيث نشر الحساب الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، صورة للفريق إلياس رودريجيس فيلهو، قائد قوات حفظ السلام العاملة في الكونغو الديمقراطية، وهو يكرم الضابطة المصرية أبو الخير.

وعرض الحساب الرسمي “أخبار الأمم المتحدة” على موقع التغريدات “تويتر”، تقريراً مصوراً عن طبيعية مساهمة أبو الخير في مهمتها الأممية، حيث كانت تعمل ضمن بعثة حفظ ‏السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية “مونوسكو”، كمنسقة للشؤون المدنية والعسكرية في البلاد.