“حياة السود مهمة” جملة توحي بنبذ العنصرية وهي شعار حملة أطلقها عدد من الأمريكيين من أصل إفريقي في الولايات المتحدة، جراء الانتهاكات التي تعرض لها عدد كبير منهم.

بدأت القصة بمقتل “العملاق اللطيف” كما أطلقوا عليه جورج فلويد، رجل أربعيني قوي البنيان امتلك مواهب رياضية عديدة، يزيد طول قامته عن 6 أقدام، مرت حياته بمنعطفات كثيرة يصفها البعض بالمراهقة المستمرة لما تخللها من عنفوان وتسرع دائم، حتى استقرت، وشغل عددًا من الوظائف بدأت بسائق شاحنة، وحارس أمن في جمعية خيرية، وفي ملهى ليلي، وكان يعرف فيها بـ “فلويد العملاق”.

توفي “فلويد” بعد توقيفه من قبل السلطات عندما حاول شراء سجائر بـ20 دولارًا قيل أنها مزورة، فترتب على ذلك قتله على يد أحد ضباط الشرطة الأمريكية، وتبين بعد ذلك أن الـ 20 دولار لم تكن مزورة، وهو ما أقره صاحب المتجر بعد الحادثة، وأجج موت “فلويد” غضبًا كبيرًا في أنحاء الولايات المتحدة، وتم على إثره اعتقال 1600 شخص من 15 ولاية، وإعلان حالة الطوارئ بها.

اقرأ أيضًا:

“أنتيفا”.. منظمة يسارية يهددها “ترامب” بالتصنيف الإرهابي

 

ليست عنصرية

“الموضوع في حد ذاته لا علاقة له بالعنصرية بمفهومها القديم”، هكذا يقول ماركو نجيب، مصري الجنسية مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات من أجل عمله في إحدى شركات التكنولوجيا، ويوضح أن الاحتجاجات التي تشهدها الولايات الأمريكية خلال الفترة الحالية من أجل نبذ العنف بوجه عام، وغير معتمدة على العنصرية، أو اضطهاد الأمريكيين من أصول إفريقية كما يحاول البعض أن يبرز ذلك أحياناً، ويبرهن على وجهة نظره ببساطة شديدة أنه لا يوجد عداء صريح ما بين النظام الحاكم أو حتى بين أفراد الشعب، وهذا لسببين أولهما أنه في وقت من الأوقات كان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من أصل إفريقي، ولاقى حبًا كبيرًا من الشعب، ووصل الأمر إلى انتخابه فترتين رئاسيتين متتاليتين، وهو الرئيس “باراك أوباما” حتى أنه بعد تركه للعمل السياسي ظل من الشخصيات العامة المؤثرة بالبلاد، ووصل الأمر إلى أن “أوباما” ذاته صرح في إحدى اللقاءات أنه يعلم جيداً أن الشعب يريده، لكن الدستور هو الدستور.

وأضاف “ماركو” أنه من خلال متابعته للتظاهرات التي تخرج في الولايات المتحدة الأمريكة عن قرب بحكم تواجده هناك، وجد أن الأشخاص المشاركين في المظاهرات من جميع الأجناس، بمعنى أن جميع أطياف الشعب نفسه رافضة لما يحدث بكل المقاييس وجميعهم نزلوا وأيدوا التظاهرات رفضاً للعنف.

على صعيد متصل، تقول “ساندي بكر” مصرية مقيمة بولاية تكساس الأمريكية، وهي تعمل في مجال الإخراج، إن الأمور تتأزم لديهم بشكل مبالغ فيه هذه الأيام، خاصة في ولايات أخرى بخلاف نيويورك، تأتي في مقدمتها ولايات ( ناشفيل، تينيسي ، اتلانتا، جورجيا، سياتل، واشنطن، لوس أنجلوس، كاليفورنيا، شيكاغو، الينوي، فيلاديلفيا، كولومبوس، اوهايو،بيتسبرغ، بنسلفانيا، دينفور وكولورادو )، موضحة أن هناك ولايات أيضاً لا توجد بها مظاهر احتجاجات واضحة إلا أن الوضع مؤكد أنه غير مريح بالنسبة للجميع، ومن المحتمل أن يصعب الوضع أكثر في حال الفتح التدريجي للولايات المغلقة نسبياً بسبب “كورونا”.

وتقول “بكر” إن كل ما يحدث في محيط البيت الأبيض هذه الأيام من شأنه أن يثير القلق، توضح أنها كانت على مقربة من الموت وهي تتابع الاشتباكات بين الطرفين ، فرأت الشرطة بالقرب من البيت الأبيض تقذف قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، ولم يقفوا صامتين أيضاً احيث أضرموا النيران وألقوا الحجارة على ضباط مكافحة الشغب.

اختباء ترامب

وانتشرت أيضاً أخبار عن اختباء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قبو محصن أسفل البيت الأبيض، ذلك تحديداً عندما تجمع المتظاهرون خارج البيت الأبيض، موضحة أن جميع الشعب الأمريكي يعلم عن هذا القبو، وأنه يقع أسفل الجناح الشرقي للبيت الأبيض على وجه التحديد، وأنه يعد مكانًا آمنًا ينتقل له الحاكم وأسرته في وقت الخطر، أي إن نقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له كان بصحبة زوجته “ميلانيا” وابنهما “بارون”.

ويخوض الرئيس الأمريكي معركة أخرى تبتعد كثيراً عن المتظاهرين والاحتجاجات لكنها تلاحقه في العالم أجمع، هكذا عبرت “ساندي” عن المناوشات الواقعة بين ترامب وإدارة فيس بوك بسبب انتهاكاته في الولايات المتحدة الأمريكية، وقالت إن الصحف الأمريكية تناولت مكالمة هاتفية مطلع الأسبوع الجاري بين دونالد ترامب ومارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لـ”فيس بوك”، تعرض لفحوى المكالمة أنها كانت تتعلق بعدم اتخاذ إدارة “فيس بوك” أي إجراءات جراء المنشورات التي تتعلق بالسرقة والنهب في ولاية مينيابوليس، حيث عبر “مارك” في منشوره أنه كان يواجه صعوبة في الرد على تغريدات الرئيس ومنشوراته وقتها، موضحاً أنه شخصياً لديه رد فعل سلبي تجاه الخطابات المثيرة للخلافات، لكنه مسؤول عن ردة فعل ليست شخصية أبداً ، بل كرئيس لمؤسسة ملتزمة بحرية التعبير، خاصة وأنه ليس لدى إدارة “فيس بوك” خاصية مماثلة لما هي موجودة في “تويتر” بوضع تحذيرات أمام المنشورات التي قد تحرض على العنف، لأنهم يعتقدون أنه في حال وجود منشور يحرض على العنف فيجب إزالته على الفور.

اقرأ أيضًا:

أوباما: سياسة ترامب “كارثية”.. و”العفو الدولية” تدين العنف ضد المتظاهرين

في الوقت ذاته دعمت نجوى الفيومي مصرية مقيمة في نيوورك منذ عشرين عاماً فكرة أن العنف مرفوض على كل الأصعدة، موضحة أن الشعب الأمريكي والمسؤولين أيضاً يعلمون جيداً أن الضابط أخطأ و تعامل بعنف غير مبرر مع شخص أعزل ، خاصة وأن الوقت غير ملائم لأي احتكاكات بسبب “كورونا” مما أدى إلى حدوث ارتباك شديد في الشارع دعا الرئيس لتهديد الشعب بأنه سينزل الجيش لكبح جماح الغاضبين في الشارع بعد أن اتخذ عدة إجراءات من شأنها التهدئة، إلا أن هذا لم يحدث فقد تم القبض على الضابط الذي قتل وتم رفد باقي الضباط اللذين كانوا حاضرين بالواقعة.

من الناحية القانونية اتهم “بنجامين كرمب،” محامي أسرة “فلويد” الشرطي “ديرك شوفين ” الذي ارتكب الحادث بتعمد قتل فلويد عمداً، حيث ظل لمدة تسعة دقائق يضغط بركبته على رقبة فلويد وهو يرجوه ويتوسل إليه أنه لا يستطيع التنفس، إلا أنه لم يستمع إليه، وقد طالب كرمب بإلقاء القبض على جميع الضباط المشاهدين للحادث لما فيه من تعمد لإلحاق الأذى من المنظومة بأكملها تجاه “فلويد”، وليس من الضابط الفاعل للجريمة بنفسه فقط .