أثار قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم الضفة الغربية، غضباً شديداً كما هو متوقع من العديد من الحكومات في الشرق الأوسط، وأثار بالطبع غضب الفلسطينين، ولكنه وهنا المفارقة، رفضته أيضاً أوروبا، والعديد من السياسيين الأمريكيين، ووصل الرفض إلى باحثين كبار مثل الدكتور دانيال بايبس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، فرغم تعاطفه مع إسرائيل، إلا أنه في مقال نشره مؤخراً يرفض هذا القرار، ويلمح إلى أنه خطر على إسرائيل، وحدد أسباب الرفض كما يلي:  

أولاً: يمكن أن ينفجر غضب الرئيس ترامب لاتخاذ إسرائيل هذه الخطوة من جانب واحد، فقد نفذ الإسرائيليون ما يعجبهم من خطة ترامب وهو ضم حوالي 30 في المائة من الضفة الغربية، ولكن ذلك في إطار تسوية شاملة مع الفلسطينيين. 

ثانياً: سيؤدي الضم إلى إقصاء وإضعاف عدد أصدقاء إسرائيل المتناقص في الحزب الديمقراطي الأمريكي وفي أوروبا، ممثل الأغلبية الديموقراطية قال: “هناك ضرر طويل المدى ستحدثه هذه الخطوة على التحالف الأمريكي الإسرائيلي، ستكون التداعيات خطيرة للغاية وطويلة الأمد”، وقد نقل كبار المستشارين للمرشح الرئاسي في الانتخابات القادمة “جو بايدن” الرسالة نفسها، وهو ما فعلته مجموعة من 30 من أصحاب النفوذ في السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي، في الوقت نفسه، أدانت الدول الأوروبية الكبرى احتمال الضم، ونقلت صحيفة هاآرتس عن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دي لا ريفيير قوله إن الضم “لن يمر دون اعتراض ولن يتم التغاضي عنه في علاقتنا مع إسرائيل”، ومن المحتمل أن يعني هذا الاعتراف بدولة فلسطين.

ثالثًا، مع تنامي التهديد الإيراني في السنوات الأخيرة، نجحت الحكومة الإسرائيلية في توسيع العلاقات مع الدول العربية السنية، خاصة تلك المجاورة للخليج الفارسي، وأصبحت الأولوية لهم التهديد الإيراني وتراجع اهتمامهم بالقضية الفلسطينية، وفي حالة الضم، من المحتمل أن تعود القضية الفلسطينية إلى الصدارة من جديد، وتضيع كل الجهود التي بذلها نتنياهو على مدى سنوات في بناء هذه العلاقات. 

رابعًا، سيؤدي الضم على الأرجح إلى غضب فلسطيني يمكن أن يزعزع استقرار الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، لقد هدأت الحماسة الثورية القديمة عند سكان الأردن الفلسطينيين، لكن الضم سيحييها من جديد، ويمثل تحدياً لملك الأردن دون مبرر، يمكن لسكان الضفة الغربية أن يبدأوا انتفاضة جديدة – انتفاضة – تهدد حياة الإسرائيليين وتضر بمكانتها الدولية، وقد يشجع حكام حماس في غزة على بدء جولة جديدة من الحرب.

خامساً: من المؤكد أن الضم سيؤدي إلى استعداء اليسار الإسرائيلي، الأمر الذي سيؤدي على الأقل إلى معركة سياسية شرسة وربما زيادة من يقفون ضد الصهيونية، حيث يغادر بعض الإسرائيليين البلاد في اشمئزاز. 

سادساً: من المرجح أن يؤدي الضم إلى جعل المزيد من الفلسطينيين مؤهلين ليصبحوا مواطنين في إسرائيل، سيكون ذلك خطأ فادحًا، لأن مواطنيها العرب يشكلون على ما أعتقد العدو الذي يرفض يهودية دولة إسرائيل، فليس هناك داعي لزيادة الأعداء في الداخل والخارج. 

باختصار، من المحتمل أن يؤدي ضم الضفة الغربية إلى الإضرار بعلاقات إسرائيل مع إدارة ترامب والديمقراطيين والأوروبيين والزعماء العرب، فضلاً عن زعزعة استقرار المنطقة، وتطرف اليسار الإسرائيلي، وإلحاق الضرر بالدولة اليهودية.

دانيال بايبس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط- واشنطن 

المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي مصر360