تسبب استبعاد آلاف الدعاوى ضد الجيش البريطاني، بارتكاب جرائم حرب أثناء غزو العراق، كذلك تقديم الحكومة مشروع قانون يعد بالحد من الادعاءات القديمة ومعالجة ما تسميه “الادعاءات المزعجة” ضد قواتها العسكرية المنتشرة خارج البلاد، في قلق لدى جماعات حقوق الإنسان.
sss
وكانت القوات البريطانية قد دخلت العراق تزامنًا مع الغزو الأمريكي عام 2003، حيث قيل إنها جاءت للمساهمة في تهدئة الأوضاع التي اندلعت عقب إسقاط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين.
رفع أكثر من 1000 قضية
“فيل شاينر” المحامي السابق وشركته المسماة “محامو المصلحة العامة”، قد رفعا أكثر من 1000 قضية ضد الجنود البريطانيين.
وأقالت محكمة تابعة للأمم المتحدة “شاينر” بعد أن وجدته مذنبًا بسوء السلوك وعدم الأمانة فيما يتعلق بالاتهامات، في 2017.
ويُتهم الجنود البريطانيون بارتكاب جرائم حرب في العراق بين 2003 و2009، وكان قد طلب من محققين محايدين النظر في آلاف الادعاءات ضدهم بعد غزو العراق.
وبحسب مدير هيئة الدعاوى القضائية، أندرو كايلي، فإن القضايا تم استبعادها، بسبب “المستوى المنخفض” للمخالفات، وعدم وجود أدلة معقولة ما أدى إلى رفض معظم القضايا، ولا توجد سوى قضية واحدة قيد التحقيق، وأصبح من غير المتوقع أن يواجه الجنود محاكمات جنائية، وفق “بي بي سي”.
اقرأ أيضًا:
وأوضح أن 7 قضايا قدمت إلى هيئة الدعاوى القضائية، وانتهت الهيئة في 6 منها إلى عدم توجيه تهم، ومازالت هناك قضية واحدة قيد التحقيق، مضيفًا “من الممكن الآن ألا يفضي أي من الادعاءات إلى محاكمة”.
ولم يقدم “كايلي” أي تفاصيل عن الاتهام المتعلق بالقضية الأخيرة المتبقية.
اغتصاب وإعدامات
واطلع “فيل شاينر” وفريق في العاصمة الألمانية برلين على روايات أكثر من 400 عراقي، سردوا خلالها شهاداتهم بأنهم شاهدوا أو تعرضوا لجرائم تتراوح من الاغتصاب والتعذيب إلى إعدامات وهمية وفظائع أخرى.
“كايلي” أكد أنه على قناعة تامة، بأنه لن يتم اتخاذ أي خطوة في تحقيق منفصل في المحكمة الجنائية الدولية، رفعته المدعية فاتو بنسودا في 2014، مضيفًا: “أشعر بأن هذه القضايا تصل إلى خواتيمها”.
طلب اعتذار
ووصفت هيلاري ميريديث المحامية عن عدد من الجنود البريطانيين، الاتهامات بأنها “افتراءات دنيئة بارتكاب جرائم حرب”، مطالبة باعتذار علني، كما أضافت أن التحقيق في الاتهامات “كلف أثمانا… ليس فقط على حساب دافعي الضرائب بل أيضا حياة الذين اتهموا زورا لسنوات عدة ومسيراتهم المهنية وزواجهم وصحتهم”.
وقالت “أخيرا وصلت هذه المطاردة الشعواء إلى نهايتها”.
قانون للحد من الادعاءات
ومطلع هذا العام قدمت الحكومة البريطانية مشروع قانون يعد بالحد من الادعاءات القديمة ومعالجة ما تسميه “الادعاءات المزعجة” ضد قوات الجيش المنتشرة خارج البلاد، حيث تقترح مسودة التشريع فترة زمنية مدتها خمس سنوات ترفع خلالها القضية لبدء أي محاكمة جنائية، إلا إذا ظهر دليل قاطع بعد تلك الفترة.
وفي بيان لها أكدت وزارة الدفاع البرؤيطانية أنها تعارض بشدة تعريض أفرادها العاملين في الخدمة، أو قدامى المحاربين، لتهديد إعادة التحقيقات، والمحاكمات المحتملة.
“مسودة القانون قدمت من أجل الحد من حالة البلبلة الموجودة حاليا والتي يواجهها أفراد الجيش وقدامى المحاربين فيما يتعلق بادعاءات قديمة”، هكذا صرح وزير المحاربين القدامي، جوني ميرسر بشأن القانون، كما عاد وأكد أن المسودة تهدف إلى “عدم مواجهة موقف كهذا مرة أخرى”.
لكن جماعات حقوق الإنسان وبعض المحامين عبروا عن قلقهم من أن هذا التشريع قد يضع الجيش “فوق القانون”، ويضعف وضع الاتفاقات الدولية المعمول بها حاليا.
اقرأ أيضًا:
ديفيد جرين، نائب رئيس جمعية القانونيين صرح بأنه “يجب الحفاظ على التوازن لضمان توجيه اتهامات عند الضرورة” مضيفًا: “الحجج وراء الفترة المحددة بالنسبة إلى أفراد الجيش العاملين الموجودين في الخارج هي ارتفاع عدد مثل هذه القضايا القديمة. واعتمادا على ما قاله كايلي فإن الأدلة المؤكدة في مثل تلك القضايا لا وجود لها”.