في أشهر قليلة، تغيرت حياة الملايين حول العالم، حيث وجدوا أنفسهم حبيسي جدارن المنزل، فبعد انتشار فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية وانتقاله إلى جميع دول العالم، أصبح البقاء في المنزل فرض واجب وليس أمرًا اختياًرا، وذلك في ظل تطبيق الإجراءات الإحترازية لإحتواء انتشاره، ولكن لابد من عدم إغفال الأضرار النفسية والصحية للعزل المنزلي، لاسيما إذا وجدت نفسك مصاحبًا لمصاب “كورونا” في مكان واحد.

ومع تزايد أعداد مصابي كورونا وعدم استيعاب المستفشيات لهم، أقرت بعض الدول ومن ضمنها مصر، العلاج المنزلي للحالات التي تعاني من أعراض خفيفة أو متوسطة، في إطار عدد من الضوابط، لمنع انتقال العدوى لباقي أفراد الأسرة.

بروتوكول وزارة الصحة

وقالت وزارة الصحة والسكان المصرية، إن الهدف من البروتوكول العلاجي متابعة تحسن الحالة ومتابعة ظهور أحد علامات شدة المرض وعدم انتقال العدوى لباقي أفراد الأسرة ومتابعة المخالطين، مشيرة إلى أن مواصفات المنزل القياسية لتقلى علاج كورونا تشمل وجود غرفة مستقلة وحمام خاص للمريض، مع عدم وجود أغراض غير ضرورية بحجرة المريض، مع التزام الشخص المصاب عند الخروج للحمام بارتداء الكمامة.

اقرأ أيضًا:

متاجرة واستغلال.. جدل حول تسعير علاج مصابي كورونا بالمستشفيات الخاصة

ويؤكد الأطباء أن 60% من الحالات المصابة بكورونا لا تظهر عليها أعراض، وهناك بعض الحالات تظهر عليها أعراض بسيطة، كارتفاع درجة الحرارة أو الصداع وألم الحلق، وتحتاج إلى الخضوع للعزل المنزلي، مع تناول بعض الأدوية التي تساهم في تهدئة حدة الأعراض، بشرط المتابعة مع الطبيب المختص.

رعاية مريض كورونا

وشدد الخبراء على أن نجاح علاج “كورونا” في المنزل يتوقف على مدى تطبيقه بطريقة صحيحة، تضمن السلامة والأمان للمريض وأفراد أسرته، حيث يجب عزل المصاب في غرفة بمفرده وتكون جيدة التهوية، لمدة لا تقل عن 14 يومًا من تاريخ اكتشاف الإصابة حتى تختفي الأعراض، وتخصيص أدوات شخصية له مثل الأطباق والمناشف، وعدم مشاركتها مع الآخرين.

كما يجب تناول الأدوية وفق البروتوكول العلاجي الذي يحدده الطبيب، مع الالتزام بالجرعات ومواعيدها، مع تناول المريض كميات كبيرة من السوائل الدافئة على مدار اليوم.

وعند الحاجة لاستخدام المرحاض، يجب على المريض أن يتواصل مع أحد أفراد الأسرة تليفونيًا، للتأكد من أنه غير مشغول، ثم يرتدي كمامة نظيفة ويتوجه مباشرة للحمام، وبعد الانتهاء يجب التعقيم والتطهير الجيد، ومن ثم العودة للغرفة والتخلص من الكمامة في صندوق المهملات.

 

وينصح عند مخالطة المصاب أثناء رعايته، الحفاظ على تغطية الوجه جيدا، مع خلع الحذاء الذي يرتديه عند الدخول لغرفة المصاب، واستبداله بآخر عند باب الغرفة ثم خلعه عند مغادرة الغرفة.

وفي السياق ذاته، نشرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أن الفيروس يمكنه البقاء على الأسطح لساعات أو أيام ومن ضمنها الملابس، فيجب تنظيف جميع الأسطح، وخاصة التي يتم لمسها كثيرًا، مثل مقابض الأبواب ومقابض المياه والطاولات ومفاتيح الإضاءة التي يجب تنظيفها أكثر من مرة خلال اليوم، ويستخدم للتنظيف مساحيق التبييض المخففة أو محاليل الكحول بنسبة تركيز لا تقل عن 70%.

الآثار النفسية للعزل

وبعيدًا عن البروتوكولات الصحية، يتوقع الخبراء بأن طول فترة العزل المنزلي قد تنتج بعض الآثار النفسية مع توقعات بارتفاع حالات الاضطراب إذا استمر فيروس كورونا، حيث من الممكن أن تتحول عملية غسل اليدين من وسيلة لحماية النفس إلى رغبة ملحة غير مبررة، وأن يصبح الفيروس هو كل ما نفكر فيه.

ومن ضمن الإضطرابات التي نتتنج في زمن الأوبئة هو “الوسواس القهري”، حيث يكون لدى المريض أفكار استحواذية تؤدي إلى سلوكيات قهرية، لدرجة تتعارض بشكل كبير مع الحياة اليومية.

ووفق موقع الخدمة الصحية الوطنية البريطاني، فقد تتكرر أزمات الوسواس القهري في الأوقات الصعبة كالحروب والأوبئة، ففي الثمانينيات كان الخوف في ذروته من الإصابة بمرض نقص المناعة البشرية “الإيدز”.

كما أبلغ الأطباء في الولايات المتحدة عن زيادة ما سموه مرض “رهاب الزهري” الذي تزامن مع حملة لتسليط الضوء على مخاطر المرض، وفي العام 2012 أبلغ العلماء الأستراليون عن الحالات الأولى للوسواس القهري لدى الأشخاص الذين يركزون على الأفكار المتعلقة بتغير المناخ.

الصحة النفسية

ومن هذا المنطلق، نشر موقع منظمة الصحة العالمية على الإنترنت، عدة نصائح، تساعد على الحفاظ على صحة نفسية جيدة، ومعنويات عالية، و روح إيجابية، في هذه المرحلة الصعبة، ووفقا للموقع فإن الحفاظ على التفكير السليم، وفهم الأمور والظروف المحيطة، يمثل جزءاً من المحافظة على صحة عقلية ونفسية متوازنة وسليمة.

وفي سعي للحفاظ على الصحة النفسية والتوازن، ينصح الأطباء النفسيون أيضا، بضرورة الحديث بصورة منتظمة عبر الهاتف، أو عبر اتصال مرئي على الإنترنت، بالأقارب والأصدقاء، في محاولة للخروج النفسي من دائرة العزلة، وهو ما قد يترك أثرا إيجابيًا على النفس.

اقرأ أيضًا:

شريف هلالي يكتب تجربة مصر مع كورونا..من وعي الشعب لمناعة القطيع

بينما نصحت المتحدثة باسم جمعية الصحة العقلية البريطانية، روزي ويذرتلي، بتقليل الوقت الذي تقضيه في متابعة الأخبار، واختيار مصادر معلوماتك الموثوق بها مثل منظمة الصحة العالمية، حتى لا تصيبك نوبات ذعر، وتبدأ بالتفكير في سيناريوهات كابوسية.

حماية الأطفال

ويبدو أن الضرر النفسي لن يقع على الكبار فقط، فالأطفال المتواجدون في العزل المنزلي، يصابون أيضًا بالشعور بالتوتر والقلق، لذا من المهم عدم تعريض الأطفال لمعلومات قد تزيد لديهم القلق مثل معطيات الوفاة بسبب كورونا، مع الحفاظ على على روتين اليوم المعتاد للأطفال، وعلى مواعيد الوجبات وعلى جدول زمني يشمل برنامج يومي متوقع، بحسب صحيفة “ذا صن” البريطانية .

كما أكدت الصحيفة أنه يمكن الاستعانة بالألعاب وتوجيه الأطفال نحو أنشطة بدنية ممتعة في الغرفة، على سبيل المثال ممارسة التمارين والرقص، مع مراقبة البرامج والألعاب الإلكترونية التي يشاهدونها معظم الأوقات، حتى لا تزيد نسبة العدائية لديهم.

ضغوط العزل

ورغم اعتراف المختصين بقسوة أيام الحجر المنزلي، إلا أنهم يقدمون نصائح لمن يمضون هذه الفترة، بحيث تضيف إليهم خبرات حياتية قيمة، ومن بين تلك النصائح ضرورة الحفاظ على الروتين اليومي المعتاد، حيث الاستيقاظ في نفس الوقت الذي كنت تستعد فيه للذهاب إلى العمل، مع مراعاة أن تحصل على راحتك المعتادة، التي كنت تحصل عليها خلال العمل، وأن تحافظ على روتين يومك المعتاد فيما عدا الخروج إلى الشارع.

 

ومن المفضل أن يشمل الروتين اليومي نشاطًا بدنيًا، مع ممارسة بعض التمارين لاسترخاء العضلات والتنفس، يُنصح بها في ظل هذه الظروف.

وترى مديرة الأبحاث في مركز الصحة العامة الأمريكي، كارولين كانوسيسيو، أن سلامة العالم في حفاظك على مسافة متر بينك وبين الآخرين، ولكن ما زال يمكنك الخروج والالتقاء بالأصدقاء والمشي قليلا، فيمكن الاتفاق مع صديق أو أسرة على تقليل الاتصال الخارجي بشكل صارم، ثم التواصل مع بعضهما لدعم كل منكما الآخر.