لا جديد في قضية ختان الإناث بمصر، تجريم قانوني وحملات توعوية لا تتوقف، يقابلهما إصرار على المخالفة، وضحايا جدد كل يوم، لم تكن أولى الحالات تلك التي أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام بإحالتها إلى محاكمة جنائية عاجلة أول أمس، والتي من المتوقع ألا تكون الأخيرة أيضًا.

السجن من خمس إلى سبع سنوات

ويقرر القانون عقوبة السجن من خمس إلى سبع سنوات لكل من قام بختان لأنثى، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأت عن هذا الفعل عاهة مستديمة أو أفضى ذلك الفعل إلى الموت، كما ينص على العقوبة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز ثلاث سنوات لكل من طلب ختان أنثى، وتم ختانها بناءً على طلبه، فضلًا عن قرار وزير الصحة لسنة 2007، والذي يحظر إجراء الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم أي قطع أو تسوية أو تعديل لأي جزء طبيعي من الجهاز التناسلي للأنثى (الختان) سواء تم ذلك في المستشفيات الحكومية أو غيرها من الأماكن الأخرى.

 

اقرأ أيضًا:

تبرير الاغتصاب والتحرش.. عندما تقع المرأة ضحية مرتين

 

الرابعة عالميًا

وتعد مصر من أبرز الدول التي تنتشر فيها عادة ختان الإناث على مستوى العالم، حيث تحتل المرتبة الرابعة عالميًا، والثالثة على مستوى الدول العربية بنسبة 91%، حيث يأتي الصومال في صدارة العالم والدول العربية في نسب انتشار ختان الإناث، بنسبة 98%، ويليه غينيا ثم جيبوتي، ثم تأتي مصر وبعدها السودان في المرتبة الثامنة عالميًا والرابعة عربيًا بنسبة 88%، وفقًا لدراسة صادرة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”.

 

وتنتشر عادة ختان الإناث في محافظات الصعيد، بنسبة تصل إلى 90 بالمائة، وتنخفض في الوجه البحري والمحافظات الساحلية لتصل إلى 15 بالمائة، إلا أن محافظة القليوبية تعتبر الأعلى في محافظات الوجه البحري بنسبة 68 %، وفي القاهرة تصل النسبة إلى 35 %.

وبحسب “اليونيسيف” فإن ختان الإناث ينتشر بسبب إلى الموروثات الاجتماعية التي تربط بين الختان والطهارة والاستعداد للزواج، في حين رصدت أن نسبة انتشار ختان الإناث في مصر عام 2000 وصلت إلى 97%، ثم انخفضت عام 2015 إلى 92%، ثم إلى 87% عام 2016، إلا أن انتشار تلك الممارسة عاد إلى الصعود إلى 91 % عام 2017، رغم تبني الحكومة منذ عام 2008 تشريعات عقابية على ارتكاب الجريمة.

 

اقرأ أيضًا:

“الضحية الكبرى”.. قلق أممي من مخاطر “كورونا” على المرأة

 

ويعتبر الأهالي في الريف هذه العادة ضرورة للحفاظ على عفة المرأة.

الطفلة ندى

في شهر فبراير الماضي أثارت قضية الطفلة “ندى” ابنة محافظة أسيوط ذات الـ12 عامًا، الجدل حول قضية ختان الإناث مجددًا، حيث توفيت أثناء خضوعها لعملية الختان.

واستنكرت منظمات حقوقية عديدة الواقعة، كذلك أدانتها الأمم المتحدة حيث قالت في بيان “إننا نشعر بالصدمة كون وفيات لا داعي لها كهذه، لا تزال تحدث في عام 2020، على الرغم من التقدم المُحرز نحو إنهاء هذه الممارسة الضارة، من قبيل الإصلاحات القانونية، وزيادة الوعي، وكذلك الانخراط المباشر مع المجتمعات المحلية والقادة الدينيين”.

أيضًا أكدت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر، “رفضها القاطع والتام لأي مبررات تستخدم لممارسة هذه العادة المجرمة محليا ودوليا”.

وأسست اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث، والتي تضم اللجنة أعضاء من الوزارات المعنية والأزهر والكنائس المصرية، في مايو 2019 بهدف زيادة التوعية بأضرار هذه الممارسة المحظورة قانونا في مصر منذ العام 1996، كما أطلقت حملة شعارها “احمها من الختان”، للتوعية بأضرار هذه العادة.

ضحية جديدة

أول أمس أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام، بإحالة طبيب ووالد ثلاث فتيات إلى محاكمة جنائية عاجلة؛ لارتكاب الأول جناية ختانهن -ولم يبلغن ثماني عشرة سنة ميلادية- واشتراك الثاني معه بطريقَي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تلك الجريمة.

وأصدرت  النيابة العامة بيانا رسميا مساء أمس، ذكرت فيه أنها قد سألت المجني عليهن -اللاتي تعرفن على الطبيب المتهم حالَ عرضه عليهن بالتحقيقات عرضًا قانونيًّا- فقررن خداعَ والدهن لهن بأن أوهمهن بقدوم الطبيب إلى مسكنهن لتطعيمهن ضدَّ فيروس “كورونا”، وحقَنَهن الأخيرُ بعقار ففقدن وعيهن، وبعدما استفقن فوجئن بتقييد أرجلهن، وشعرن بآلام في أعضائهن التناسلية، فأبلغن والدتهن -المطلقة- بالواقعة، وسألت النيابة العامة الأخيرة وشقيقةَ والد الفتيات –المتهم- فشهدتا بذات المضمون، وأكدت تحريات الشرطة ارتكاب المتهمين الواقعة على نحو ما تقدم.

وقال البيان “أثبت تقرير مصلحة الطب الشرعي أنه بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليهن تبين بهن آثار حقنهن وريديًّا، واستئصال أجزاء من أجهزتهن التناسلية الخارجية بالشكل والهيئة الناتجَيْن عن عمليات الختان، مؤكدًا جواز حدوث الواقعة على نحو ما انتهت إليه التحقيقات”.

 

وواصل البيان ” تُشير النيابة العامة إلى ما ناشدت به ولاة الأمور والأطباء والمُشرَع في بيانها الصادر في الثاني والعشرين من فبراير الماضي وتؤكده؛ من التصدي لتلك الجريمة، وضرورة إعادة النظر في العقوبة المنصوص عليها لمرتكبها إذا كان طبيبًا”.

وجدد البيان ” الإشارة إلى براءة الدين الإسلامي وسائر الأديان السماوية من تلك الجريمة بالغة الخطورة؛ إذ لم يكن – الخِفاض – الوارد أنه مَكْرُمة في سُنَّة رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم- على الصورة التي تُرتكب بها جريمة الختان التي تُؤذَى بها النساء والبنات، بل كان – الخفاض – أمرًا اقتضته العادات آنذاك دون المساس بحقوق المرأة ومشاعرها، ولم يكن لينشأ عنه هذا الضرر الجسيم الحاصل من الختان المجرَّم قانونًا، ثم لما لمست المؤسسات الدينية الرسمية منذ زمن بعيد هذا الخطر الناتج عن تلك الظاهرة -بعد أن تبدلت صورتها وتحولت إلى مهازل ليست من الشرع الحنيف في شيء- استقرت فتاواها على جواز تقييد ولاة الأمر ما كان مباحًا، بل تجريمه في غالب الأحيان تأسيسًا على قاعدة سد الذريعة، فكان هذا الفقه الشرعي هو ما انتهى إليه القانون الوضعي”.

ودعت النيابة العامة في ختام بيانها  إلي تصحيح المفاهيم والمعتقدات، والحفاظ على سلامة الفتيات والبنات.