تزامنًا مع المظاهرات التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية وعدة مدن أوروبية، والمتواصلة منذ مقتل المواطن الأمريكي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد عناصر من الشرطة الأمريكية في 25 مايو الماضي، والتي تسببت في تخلي مواطني تلك الدول عن الإجراءات الاحترازية بتقليل التباعد الاجتماعي، والضرب بعرض الحائط بتحذيرات الخبراء، فجرت منظمة الصحة العالمية، مفاجأة بشأن موقفها المعلن سابقًا بالتقليل من أهمية ارتداء الكمامات فى الأماكن العامة، للتراجع عنه وحث الحكومات باعتبارها ضرورة للحد من انتشار كوفيد-19، وهو مع يتماشى مع القرار الذي أعلنته الحكومة المصرية منتصف مايو الماضي، بفرض غرامات تصل إلى 4 آلاف جنيه على مخالفي ارتداء الكمامة.

وحدثت منظمة الصحة العالمية من إرشاداتها بشأن ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، وأوصت بارتدائها للحد من انتشار فيروس كورونا، لكنها حذرت من أمور أخرى مرتبطة بارتداء تلك الكمامات، مشددة على أن الكمامة وحدها ليست كافية لحمايتك من العدوى، بل يجب اتباع أساليب التباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية وغسل الأيدي باستمرار.

تغير جذري

وغيرت المنظمة موقفها إزاء الكمامات ولحقت بالاتجاه العالمي عندما أوصت باستخدامها في الأماكن العامة المزدحمة لوقف عدوى فيروس كورونا المستجد .

ونشرت المنظمة، أمس، الجمعة تحديثاً لإرشاداتها شمل توصية للحكومات بمطالبة الناس بارتداء كمامات الوجه المصنوعة من القماش في الأماكن العامة للمساعدة في الحد من انتشار كوفيد-19.

اقرأ أيضًا:

أبرزها الاختلاس والرشوة.. 5 غرامات قيمتها أقل من “غرامة الكمامة”

 

ومع ذلك، شددت منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة ومقرها جنيف، على أن الكمامات يمكن أن تزيد من المخاطر الصحية إذا قام الناس بتلويثها عن طريق لمسها بأيدي متسخة، وشددت المنظمة في التوجيهات الجديدة المدعومة بنتائج دراسات أجريت خلال الأسابيع الأخيرة على أن كمامات الوجه ما هي إلا واحدة من مجموعة من الأدوات التي تقلل خطر انتشار الفيروس.

 

وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي على الإنترنت: “يمكن للكمامات أن تخلق إحساسا زائفا بالأمان”.

نظافة اليدين

وحذر من أن الكمامات لا يمكن أن تحل محل نظافة اليدين، والتباعد الجسدي أو تعقب المرضى واتصالاتهم الاجتماعية، قائلا: “لا أستطيع أن أقول هذا بشكل واضح بما فيه الكفاية: الكمامات وحدها لن تحميك من  كوفيد-19”.

ولم تحث منظمة الصحة العالمية على الاستخدام الجماعي للكمامات في إرشاداتها السابقة حول هذا الموضوع في أوائل أبريل الماضي.

اقرأ أيضًا:

“الكمامة والقفاز”..أدوات الوقاية من كورونا لا تمنع العدوى

ودعا “تيدروس” الحكومات بتشجيع استخدام الكمامات، حيثما يكون هناك انتقال واسع النطاق للفيروس وحيث يصعب الحفاظ على مسافة آمنة من الآخرين، “مثل وسائل النقل العام أو في المتاجر أو في بيئات أخرى مغلقة أو مزدحمة.

وقالت ماريا فان كيركوف الخبيرة بالمنظمة في مقابلة مع رويترز “ننصح الحكومات بتشجيع الناس على ارتداء الكمامات. ونقصد بالتحديد كمامات القماش، أي الكمامات غير الطبية.

وأضافت “توصلنا إلى نتائج أبحاث جديدة” مضيفة ” لدينا الآن أدلة تفيد بأنه في حال تنفيذ ذلك بالشكل الملائم فإنها “الكمامات” يمكن أن تشكل حاجزا، أمام الرذاذ الذي يحتمل أن يحمل العدوى”.

وكانت منظمة الصحة قد قالت في السابق إنه لا يوجد دليل يدعم أو يدحض استخدام الأصحاء للكمامات، وكانت توصي دوما بقصر استخدامها على الأشخاص المصابين ومن يقدمون لهم الرعاية.

منشور توعوي

القرار الأخير للمنظمة الدولية، تبعه  منشور توعوي، أصدرته اليوم -السبت، يوضح شروط استعمال كمامة غير طبية من القماش، تضمن ضرورة غسل الأيدي  قبل ارتدائها، وفحصها جيداً لتتأكد من صلاحيتها ونظافتها، وضرورة وضع الكمامة بإحكام على الوجه بحيث تغطي الفم والأنف، وتجنب لمس الكمامة، وتطهير الأيدي  قبل نزع الكمامة، ونزع الكمامة من الأشرطة الجانبية، وفي إذا ما  كانت الكمامة لا تزال جافة ولم تتلوث أو تبتل، احفظها في كيس نظيف وأغلقه جيداً، وعند إعادة الاستخدام، يتم سحبها من الكيس من الأشرطة، وإذا كانت الكمامة رطبة، يجب غسلها جيداً في ماء ساخن ومطهر، مرة واحدة على الأقل يومياً، مع التشديد على وجود مسافة متر على الأقل من المحيطين.

ارتباك

أثار تحول موقف المنظمة المعلن بشأن الإرشادات الجديدة انتقادات للمسؤولين بها، حيث تمسّك خبراء المنظمة لعدة أشهر، بفكرة أنّ أقنعة الوجه تشجّع الشعور الزائف بالأمان وسيحرم استخدام عامة الناس لها، العاملين في المجال الطبي من معدات الحماية التي تشتد الحاجة إليها.

وقللت المنظمة مع بداية تفشي كورونا، من عدم وجود أدلة كافية تشير إلى أنه يجب على الأشخاص غير المصابين ارتداء الكمامات، واكتفت بضرورة أن يقتصر ارتداء أقنعة الوجه الطبية على الأشخاص المرضى والأشخاص الذين يرعونهم.

مصر.. غرامة 4 آلاف جنيه

بدورها أصدرت الحكومة المصرية في ضوء إجراءتها الاحترازية لمكافحة تفشي الفيروس العديد من القرارات، كان من بينها قرار  لرئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، يلزم العاملين والمترددين على الأسواق والمنشآت الحكومية والبنوك باستخدام الكمامة الواقية، مع فرض غرامة تصل إلى 4000 جنيه على المخالفين.

بحسب ما أعلنه ” مدبولي” فإن القرار يأتي في إطار الإجراءات الاحترازية للتصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، ويبدأ سريانه من 30 مايو ويستمر لمدة 15 يوما.

وجاء في بيان للحكومة أن قرار رئيس الوزراء يلزم “العاملين والمترددين على جميع الأسواق أو المحلات أو المنشآت الحكومية أو المنشآت الخاصة أو البنوك أو أثناء التواجد بجميع وسائل النقل الجماعية سواء العامة أو الخاصة بارتداء الكمامات الواقية”، ويُعاقب المخالف “بغرامة لا نتجاوز أربعة آلاف جنيه”.

في 31 مايو الماضي، أعلنت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة،  خلال لقاء جمعها مع ممثلي قطاع صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، تدبير احتياجات الدولة من الكمامات المصنوعة من القماش وإمكانيات الاستفادة من الطاقات الحالية للمصانع وتشغيل الطاقات المتوقفة، موضحة أن الحكومة تستهدف إتاحة حوالي 30 مليون كمامة شهرياً لتلبية احتياجات السوق المحلي.

بحسب ماقالته الوزيرة  فإنه سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة البدء في عملية الإنتاج حيث سيتم تصنيع 8 ملايين كمامة من القماش كمرحلة أولى وتوريدها للهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي بهدف توفيرها لكافة جهات الدولة.

 

وذكرت “جامع” أن الصناعة المصرية تمتلك فرصة كبيرة لتكون مركزاً رئيسياً لتصنيع الكمامات القماش خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على هذه النوعية من الكمامات حيث تتوافر في مصر كافة عناصر الإنتاج وهو ما يتيح زيادة معدلات الإنتاجية لتلبية احتياجات السوق المحلي أولاً وتصدير الكميات الفائضة للأسواق الخارجية.

اقرأ أيضًا:

“كورونا” على الموضة…”الكمامة السوارية” أخر صيحاته

وقال اللواء بهاء الدين زيدان، رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي، إن الطلب سيتزايد على الكمامات خلال الفترة الحالية لمعدلات غير مسبوقة باعتبارها ستكون أسلوب حياة لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

وأضاف أن الصناعة المصرية قادرة على زيادة معدلات الإنتاج لتوفير احتياجات قطاعات الدولة والمواطنين من هذه النوعية من الكمامات والتي تعتبر وسيلة هامة لحماية المواطنين من انتشار فيروس كورونا المستجد وذلك في إطار التوجه العالمي لبدء مرحلة التعايش مع الفيروس.

بينما أعلن اللواء راضي عبد العاطي، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن الجهاز سيقوم بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وأجهزة الدولة بمتابعة عملية الإنتاج والتوزيع لضمان توافر الكمامات بالجودة والسعر المناسب بالسوق المحلي، مشددًا على أهمية توفير الكمامات المصنوعة من القماش للمواطن العادي وتصنيعها وفقاً للاشتراطات التي اعتمدتها وزارتا التجارة والصناعة والصحة بهدف الحفاظ على سلامة وصحة المستهلك المصري.

مواصفات مصرية

في وقت سابق، أعلنت وزارتا الصحة، والتجارة والصناعة، مواصفات محددة للكمامة المصنوعة من القماش، وألزمتا المصانع بكتابة بيانات ومعلومات تحدد مدى تطابقها للمعايير من عدمه.

وشملت أن تكون للاستخدام الشخصي وليس لمصابي كورونا أو الأطقم الطبية، وتغطي الأنف والفم والخد ومحكمة ويمكن إحكامها أكثر ومنطقة الحماية هذه تكون من طبقتين على الأقل، وأن تصلح للاستخدام بحد أدنى 25 مرة بعد الغسيل.

وتضمنت الشروط بأن تغسل قبل الاستخدام لأول مرة، وأن تسمح بالتنفس وخالية من المواد الثقيلة والصبغات الضارة، ويتم كتابة اسم المنتج والمصنع، ونصائح طريقة الاستخدام والخلع والغسيل سواء يدوي أو في الغسالة، وتحذيرات بخلعها في حال تعرضها إلى البلل.

ويرى أطباء متخصصون أن الكمامة تمنع وصول أكثر من 90% من “رذاذ” الشخص المصاب بكورونا والمعلق في الهواء إلى الانتقال إلى شخص آخر.