لا شك أن أزمة فيروس “كورونا” المستجد، أثرت بشكل قاس على القطاعات الاقتصادية في العالم، حيث إن اقتصاديات كبرى أوشكت على الانهيار بسبب الجائحة، وبالطبع طال البسطاء من هذه التداعيات الكثير، وهو ما دفع البعض لاستغلال الأزمة وخلق مهنة له دون النظر إلى الضرر الذي من الممكن أن يلحق بغيره.

وبلغ إجمالي المصابين بفيروس كورونا حول العالم، صباح اليوم السبت، 6,861,716 حالة إصابة، بينما بلغ إجمالي المعافين 3,361,447، في حين أودى فيروس كورونا بحياة 398,483 شخصًا.

اقرأ ايضًا: “كورونا” يسقط “الميكروفون”.. ارتباك بالمشهد الإعلامي بعد إصابات المذيعين

مصانع “بير السلم”

منذ بداية أزمة كورونا في العالم، لوحظ نقص المستلزمات الطبية، كالكمامات وأدوات التعقيم وغيرها، والأمر لا يختلف في مصر، حيث زادت أسعار الكمامات أربع أضعاف، ذلك بجانب صعوبة شرائها لعدم توفرها في الصيدليات والأسواق، وهو ما مثّل فرصة سانحة لتجار السوق السوداء ومصانع “بير السلم”.

وتم تداول فيديوهات لبعض مصانع ما يطلق عليها “بير السلم”، تصنع كمامات بدون مواصفات صحية أو جودة عالية، استغلالًا للأزمة وللتربح منها، في ظل الظروف المعيشية الصعبة حاليًا.

 

من جانبه،  كان قد صرح الدكتور شريف عزت، رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات، بأن بعض التجار لجأوا لصناعة الكمامات السيئة دون المواصفات الصحية والطبية، نظرًا لإقبال المواطنين على شراء الكمامات، مشيرًا إلى أن مدة استعمال الكمامة الطبية 4 ساعات فقط، واستخدامها بعد ذلك يضر بالمواطنين، مؤكدًا أن 80% من الكمامات الموجودة بالأسواق غير مطابقة للمواصفات، والمستشفيات لا تستطيع التفريق بينهما.

وأضاف رئيس شعبة المستلزمات الطبية، في تصريحات متلفزة، إلى أن هناك تكالب من مصانع “بير السلم” على إنتاج الكمامات الطبية وبيعها في الأسواق السوداء، موضحاً أنه لا يوجد نوع من الرقابة على منتجات الكمامات حالياً بسبب الأزمة التى تمر بها البلاد، كما يكثر بيع منتجات مغشوشة من قبل التجار.

اقرأ ايضًا: متاجرة واستغلال.. جدل حول تسعير علاج مصابي كورونا بالمستشفيات الخاصة

إعادة تدوير

يبدو أن الأمر لم يقتصر على تصنيع كمامات رديئة الجودة، ولكن هناك من سولت لهم أنفسهم لجمع “الكمامات” من صناديق القمامة ومن الشوارع وغسلها وبيعها من جديد، اقتناعًا منهم بأنهم يساعدون البسطاء للحصول على كمامة.

وتم تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي، في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد قرار رئاسة الوزارة باعتبار “الكمامة إلزامية” مع توقيع غرامة تصل لـ 4 آلاف جنيه لممخلف، لبعض البائعين المتجولين وأطفال الشوارع وهم يقومون بغسل الكمامات المستعملة وبيعها في الإشارات وعلى الأرصفة، وأمام المصالح الحكومية.

 

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن هناك العديد من المعاير التي يجب القيام بها عند ارتداء الكمامة، لتجنب تعرضك للإصابة بالفيروسات وخاصة الفيروس التاجي كورونا، ومن أهمها أنه يجب تغيرها كل وقت قليل، تجنبا للتعرض للإصابة بأي فيروسات.

وأثبتت العديد من الدراسات الطبية، أن القيام بتعقيم أو غسيل الكمامات مرة أخري بعد ارتدائها يعد من السلوكيات الخاطئة وعند ارتدائها مرة أخرى لا تكون فعالة ويصبح الجسم بية خصبة للإصابة بالفيروسات.

كمامة قماش

ومن تدوير الكمامات المستعملة لبيع الـ “كمامة القماش”، فإذا ساقك قدرك وتواجدت في مترو الأنفاق لأي سبب، لن تعدم أذناك سماع مثل هذه العبارات “الكمامة القطن طبقتين والاتنين بـ 15″، طول رحلتك ستسمع هذه العبارات بكثرة وترى تجمهر الركاب على بائعي الكمامات، حيث يوجد منها ما يناسب الأطفال بأحجام صغيرة، لتصبح قطعة من القماش بيزنس جديد ومربح في زمن كورونا.

ورغم اختلاف الأطباء على “الكمامة القماش” ومدى فعاليتها فى مكافحة كورونا، أوضح المركز الأمريكي لمكافحة الأوبئة والوقاية منها، أن استخدام الكمامات المصنوعة من القماش يساعد على إبطاء انتشار الفيروس، وبخاصة في الأماكن العامة التي يصعب فيها الحفاظ على التدابير الاحترازية مثل محلات البقالة والصيدليات ووسائل النقل.

 

لكنه حذر من استخدام 4 فئات لـ”كمامة القماش”، موصيًا بعدم وضعها على الأطفال تحت سن الثانية أو أي شخص يعاني صعوبة في التنفس أو فاقدًا للوعي أو عاجزًا أو غير قادر على إزالة الكمامة دون مساعدة.

من جانبها، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة المصرية، عن توفير كمامات من القماش قابلة للغسل للمواطنين، ضمن إجراءات مواجهة فيروس كورونا وضمن خطة التعايش المقرر تنفيذها من منتصف يونيو الجاري.

وقالت ماري لويس، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، إن هيئة الشراء الموحد تعاقدت على 2 مليون كمامة قماش مع عدد من مصانع الملابس للتوريد وسيتم التسليم خلال الـ10 أيام المقبلة كحد أقصى.

وتسعى المصانع لتوفير هذه الكمية قبل امتحانات طلاب الجامعات والثانوية العامة، لضمان توافر الكمامات للجميع، وفقا لرئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة.

اقرأ ايضًا: تجربة مصر مع كورونا..من وعي الشعب لمناعة القطيع

مطهرات للبيع

وبعيدًا عن “بيزنس الكمامات” بمصر، انتشرت مؤخرًا ظاهرة بيع “المطهرات وأدوات التعقيم” على الأرصفة وفي الميادين والأسواق الحيوية، حيث تواجدت زجاجات جل اليدين أو كحول سائل ولكنها غير معروفة المصدر، وهو الأمر الذي استغلته أيضًا محلات بيع أدوات التنظيف لصنع خلطات لتطهير الأسطح وتعقيم اليدين، لكن أكثر ما يميز كل هذا، هو الأسعار المخفضة مقارنة بما يتواجد في الصيدليات والأسواق المختصة بذلك.

وفي السياق نفسه، ظهرت العديد من الإعلانات سواء على شاشات التلفاز أو مواقع التواصل الاجتماعي لشركات مختصة بتعقيم الشقق السكنية والفنادق والشركات، وذلك للحماية من فيروس كورونا.

وعلى ذات المنوال، كان قد تقدم النائب محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزراء الصحة، التنمية المحلية، والداخلية، بشأن سوء استغلال أزمة كورونا وانتشار المظاهر السلبية لذلك.

“فؤاد”، كشف خلال طلب الإحاطة، أنه ظهرت أيضاً بعض الإعلانات عن وجود تحاليل لفيروس كورونا لدى بعض مراكز التحاليل بالاشتراك مع بعض الأحزاب السياسية بالمخالفة لقانون الأحزاب، ومثل هذه التحاليل غير دقيقة ولا تتبع وزارة الصحة، وقد تكون مجرد استغلال سيئ للأزمة لتحقيق مصالح خاصة.

ونوه “فؤاد”، بأنه سبق وأنه تم التحذير من هذه التحاليل في طلب الإحاطة الذي تقدم به في 21 أبريل 2020 حول تداول بعض الإعلانات الترويجية على “فيس بوك” لبيع منتج يدعي أنه اختبار كشف فيروس كورونا، وهو محض اختيال على الجمهور واستغلال سيئ للأزمة الراهنة للتربح، وفق قوله.

برشلونة يبيع كمامات

ومع استمرار أزمة “كورونا” وعدم ظهور لقاح فعال لمكافحتها، لم يقتصر التربح من الجائحة على البسطاء أو من يبحثون عن “لقمة عيش” حتى لو كان بها شبهة ضرر، بل إن شركات وأندية شهيرة حاولت استغلال “كورونا”، حيث دخل نادي برشلونة الإسباني على خط الأندية الساعية للاستفادة ماديًا من انتشار الفيروس، بعدما أعلن عن بيع مجموعة من الكمامات الواقية التي تحمل شعار النادي خلال الفترة المقبلة.

برشلونة لم يكن أول الأندية التي تلجأ إلى بيع الكمامات خلال الفترة الماضية، فقد كانت البداية من الدوري الأمريكي لكرة السلة، الذي أعلن منتصف أبريل الماضي، عن إطلاق خط لإنتاج كمامات تحمل شعار المسابقة والأندية التابعة لها.

 

على رأس الأندية التي استفادت من فكرة بيع الكمامات، نادي بايرن ميونيخ الألماني، الذي أقدم على تلك الخطوة في الأسبوع الأخير من الشهر مايو الماضي، حيث باع في أقل من 24 ساعة فقط، أكثر من 100 ألف كمامة، ليستمر في إنتاج الكمامات الخاصة به حتى الآن بشكل طبيعي.

مع كل حدث تاريخي، يشهد العالم رابحين وخاسرين، وفي أزمة تفشي وباء كورونا فرض “بيزنس” الأقنعة الواقية والمستلزمات الطبية نفسه على الساحة بقوة، ففي شهر مارس الماضي شهد أكبر عبور للأقنعة الواقية من دولة واحدة إلى عدد من الدول الموبوءة بالفيروس، وتمكنت الصين من تصدير ما يقرب من 4 مليارات قناع وجهاز تنفس وبزات واقية إلى أكثر من 50 بلدا حول العالم.