تطور جديد دخلته قضية المستشفيات الخاصة بشأن علاج مصابي “كورونا”، عقب اتهامها بالانسحاب من علاجهم، رفضًا لتسعيرة وزارة الصحة، حيث هددها مجلس النواب بتطبيق قانون الطوارئ عليها وإخضاعها لإشراف الدولة، إلا أن الدكتور أحمد نزيه، المتحدث الرسمي باسم غرفة مقدمي خدمات الرعاية الصحية بالقطاع الخاص، نفى أنباء الانسحاب.

تسعيرة الوزارة

وحددت الوزارة تسعيرة العلاج في المستشفيات الخاصة، ما بين 1500 إلى 3 آلاف جنيه للإقامة لليلة واحدة، و7500 جنيه للرعاية المركزة و10 آلاف لغرف الرعاية الصحية، شاملة استخدام جهاز تنفس صناعي.

إلا أن التصريحات حول انسحاب المسشتفيات الخاصة من التسعيرة التى حددتها وزارة الصحة لعلاج مصابي الفيروس، ومطالباتهم لقاء وزيرة الصحة لتحديد سعر عادل، دفع الأخيرة لشن هجوم حاد على تلك المستشفيات، والتأكيد أن هناك ارتفاع في أسعار العلاج بها بشككل مبالغ فيه وغير مسبوق.

وقالت إن أزمة فيروس كورونا المستجد ظرف طارئ يحتاج إلى التكاتف ما بين الدولة والقطاع الخاص، مناشدة المواطنين الذين يعانون ارتفاع أسعار الخدمة في المستشفيات الخاصة بالتوجه إليها، والتقدم بشكوى رسمية، مؤكدة أنها ستتولى التحقيق فيها.

إعلاء مصلحة المرضى

وفي مؤتمر صحفي عقدته اليوم، أكدت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، ضرورة إعلاء مصلحة المرضى دون النظر إلى الأرباح، حفاظًا على حياة المواطنين.

كما شددت الوزيرة على أنه ستكون هناك رقابة صارمة على تلك المستشفيات، كذلك وجهت قطاع العلاج الحر والتراخيص، بتكثيف المرور على المستشفيات الخاصة بجميع محافظات الجمهورية، التي تقدم الخدمات الطبية لمرضى فيروس كورونا للتأكد من الالتزام بالضوابط التي وضعتها الدولة وتقديم أفضل خدمة طبية للمرضى، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين، طبقًا لتوجيهات القيادة السياسية في هذا الشأن، مؤكدة استقبال كافة شكاوى المواطنين والعمل على حلها بشكل فوري.

 

اقرأ أيضًا: متاجرة واستغلال.. جدل حول تسعير علاج مصابي كورونا بالمستشفيات الخاصة

الدستور المصري

وتنص المادة 18 من الدستور المصري على أنه “لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل، كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم”.

وتشير المادة أيضًا إلى أنه “يُجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى، وتخضع جميع المنشآت الصحية، والمنتجات والمواد، ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة، وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقاً للقانون.

تهديدات البرلمان

ووصف الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، “تشدد المستشفيات الخاصة”، بـ”الهروب من المعركة”، حيث صرح: “هذا انسحاب علني من خدمة المواطنين”، لافتًا إلى أنه في حال التمسك برفع تسعيرة العلاج سيلجأ المجلس إلى تطبيق قانون الطوارئ.

وتابع “أبوالعلا”، في تصريحات متلفزة، أن “التسعيرة التي وضعتها الحكومة لعلاج مصابي فيروس كورونا في مستشفيات القطاع الخاص جاءت بعد دراسة من لجنة التسعير بوزارة الصحة، مؤكدًا أنه ليس من الوطنية الانسحاب العلني من ميدان المعركة وعلى الجميع تأدية دوره المنوط به تجاه الدولة والشعب لعبور الأزمة”.

كما ناشد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، المستشفيات الخاصة بالتمتع بالحس الوطنى فى ظل هذه الظروف الدقيقة التى يمر بها الوطن والعالم أجمع، قائلا: “فواتير المستشفيات الخاصة فى علاج مصابى فيروس كورونا مرعبة، نحن فى ظرف خاص مثل الحرب وقانون الطوارئ يمنح الحق لرئيس الجمهورية أن يوجه بتدخل الدولة لإدارة المستشفيات الخاصة فى مثل هذه الظروف”، مضيفا: “وأتمنى ألا تصل الدولة لاستخدام هذا الحق”.

ووفقًا للقانون رقم 51 المنظم لعمل المنشآت الطبية الصادر سنة 1981، فقد فرض على المستشفيات الخاصة التقيد بالحد الأقصى لأسعار الخدمات الطبية الذى تضعه لجنة مختصة تضم ممثلين من وزارة الصحة ونقابة الأطباء، فضلًا عن المحافظ المختص، وفى حال مخالفة لائحة الأسعار التي تحددها تلك اللجنة، توضع المستشفى تحت إشراف وزارة الصحة مباشرة.

كما أن التعديل الأخير لقانون الطوارئ الذى وافق عليه البرلمان مطلع الشهر الماضي، ألزم المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية والمعامل في حالة الطوارئ الصحية ولمدة محددة، العمل بكامل أطقمها الفنية لتقديم خدمات الرعاية والعلاج، تحت الإشراف الكامل للجهة الإدارية التي يحددها رئيس الجمهورية.

 

 

اقرأ ايضًا: المهمة الصعبة.. كيف نحافظ على صحتنا النفسية في العزل المنزلي؟

 

نفي الانسحاب

ووسط التهديدات بتطبيق قانون الطوارئ، خرج الدكتور أحمد نزيه، المتحدث الرسمي باسم غرفة مقدمي خدمات الرعاية الصحية بالقطاع الخاص، لينفي انسحاب المستشفيات الخاصة من علاج مصابين كورونا، قائلًا: “هذا الكلام عار تمامًا من الصحة، والمستشفيات الخاصة لا تستطيع أن تنسحب من دورها الوطني في العلاج”.

وأشار “نزيه”، إلى أن هناك تنسيق دائم مع العلاج الحر يوميًا بإرسال بيان يومي من المستشفيات الخاصة بعدد الأسرة الخالية وعدد أسرة العناية الخالية وأجهزة التنفس الصناعي، مؤكدًا أن المستشفيات الخاصة لابد لها أن تلتزم بالأوامر التي تأتي إليها من أوامر ولوائح تصدرها وزارة الصحة”.

وبرز دور المستشفيات الخاصة بعد تزايد أعداد مصابي كورونا بمصر، والتي تخطت الـ 30 ألف حالة، وعدم استيعاب المستشفيات الحكومية فجاء التوجه إلى مستشفيات القطاع الخاص في محاولة للسيطرة على كورونا داخل البلاد، إلا أن “الأسعار المنخفضة” من وجهة نظر تلك المستشفيات زادت الوضع الصحي تعقيدًا.

وأعرب بعض من رؤساء مجلس إدارة المستشفيات الخاصة، رفضوا ذكر أسمائهم، عن استنكارهم للهجوم الشرس عليهم بسبب رفضهم تسعيرة وزارة الصحة، موضحين أن ارتفاع أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة يرجع إلى العديد من الأسباب، أبرزها تكلفة المستلزمات الوقائية، بجانب قلة توفرها في الأسواق، فضلاً عن اختلاف راتب الطبيب في المستشفى الخاص عن الحكومي.

وبلغ إجمالي عدد المستشفيات بقطاعي الحكومي والخاص بالمحافظات لعام 2018 نحو 1848 مستشفى موزعة على محافظات الجمهورية، كما سجل إجمالي عدد الأسرة بقطاعي الحكومي والخاص نحو 131 ألف سرير.

وتشير الإحصاءات الواردة في النشرة الصحية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن حصة القطاع الحكومي من المستشفيات بلغت 691 مستشفى، مقابل 1157 مستشفى تتبع القطاع الخاص، كما كانت حصة القطاع الحكومي من الأسرة نحو 95 ألف و683 سريرا، مقابل 35 ألف و320 سريرا.

 

توافر العلاج

فيما تحدث بعض رؤساء مجلس إدارة المستشفيات الخاصة، عن عدم توفر علاج مرضى كورونا في القطاع الخاص، وصعوبة الحصول عليه، وهو ما دفع وكيل مجلس النواب، للتنويه بإمكانية توفيره من خلال قطاع الأدوية والصيدلة بالأسعار المقررة لدى وزارة الصحة مؤكدًا “الدولة مسئولة عن توفيره”.

بينما أوضح رئيس مجلس إدارة غرفة مقدمي خدمات الرعاية الصحية بالقطاع الخاص، بأن المستشفيات الخاصة نفذت قرار وزارة الصحة بتخصيص مناطق للفرز والعزل لحالات الاشتباه، لحين إجراء التحاليل اللازمة، وفى حالة ثبوت إيجابية الحالة يتم نقلها إلى مستشفيات العزل الحكومية.

وأشار إلى توافر احتياجات مستشفيات القطاع الخاص، من الأدوية المضادة للفيروسات وغيرها من المدرجة ضمن البرتوكول العلاجى ولا تتوافر في الأسواق، وأيضًا توفير مستلزمات الوقاية للأطقم الطبية بأسعار مقبولة أسوة بالمستشفيات الحكومية، سيساعد في خفض التكلفة.

اقرأ ايضًا: تجربة مصر مع كورونا..من وعي الشعب لمناعة القطيع

ووفقًا لقانون “حماية المنافسة” فإن غرفة مقدمي الخدمات الطبية ليست جهة منوط بها تحديد أسعار المستشفيات الخاصة  وأنه ليس من اختصاصاتها أو أهدافها، وأن أسعار الخدمة يحددها كل مقدم خدمة منفرداً بناءً على تكلفته وأن الغرفة لا تتدخل فى ذلك، وأنه ليس من اختصاصاتها أو أهدافه.

وكرد رسمي، لنقابة الأطباء صرح الدكتور إيهاب طاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء، بأن العديد من المستشفيات الخاصة، تقدم خدمة طبية للمواطنين ضد فيروس كورونا، ولكن للقادرين فقط، في حين يعالج المواطنون غير القادرين في المستشفيات الحكومية على نفقة الدولة.

وأكد الأمين العام لنقابة الأطباء، أن تدخل الدولة المصرية في تسعير الخدمات الطبية للمستشفيات الخاصة أمر طبيعي في ظل انتشار فيروس كورونا.