لا يقل العجز أمام اكتشاف لقاح فعال للقضاء على فيروس كورونا، عن العجز في كشف غموض هذا الفيروس الذي يحظى باهتمام عالمي على كافة الأصعدة، فمن حيث انحسار قوته من عدمه الآن، إلى الكشف عن مصدره تحديدًا يستمر التخبط، تخبط اكتسب منحى آخر عند إعلان دراسة أجرتها جامعة أمريكية، أن ظهور “كورونا” في مدينة ووهان الصينية يعود إلى بدايات شهر أغسطس الماضي، وليس كما أفصحت الصين بشأن اكتشافه في شهر ديسمبر من العام المنصرم.

sss

الرواية الصينية

وبحسب الرواية الصينية فإن فيروس كورونا ظهر للمرة الأولى في ديسمبر الماضي في سوق بمدينة ووهان تباع فيه حيوانات برّية وانتشر خلال عطلة رأس الصينية الصينية التي يسافر فيها ملايين الصينيين داخل البلاد وخارجها.
حينها اتّخذت الصين إجراءات مشدّدة لمنع انتشار الفيروس شملت فرض حجر صحّي على أكثر من 50 مليون شخص في مدينة ووهان ومحاصرة هوبي، المقاطعة الواقعة في وسط البلاد وعاصمتها ووهان، إلا أن هذه التدابير لم تمنع من تفشي الفيروس وانتشاره في جميع أنحاء العالم.

 

 

ملايين الإصابات

وأصيب بفيروس كورونا إلى الآن أكثر من 7 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، مع أكثر من 404 آلاف حالة وفاة.

وتعد الولايات المتحدة، أكثر دول العالم تضررًا من جائحة كورونا، وبفارق شاسع عن الجميع، سواء في عدد الإصابات أو الوفيات.

وبحسب جامعة جونز هوبكنز التي تعتبر مرجعاً في تتبع الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد في العالم، فإن العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن الوباء في الولايات المتحدة بلغ 113,055 حالة وفاة من أصل أكثر من مليونين و26 ألف إصابة.

 

الأقمار الصناعية

وأظهرت الدراسة التي أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية، اعتمادًا على صور الأقمار الصناعية لمواقف السيارات في المستشفيات في مدينة ووهان، بدء رصد “كورونا” في وقت مبكر من شهر أغسطس 2019.

وبحسب الدراسة فإنه تم رصد ارتفاع كبير في أعداد السيارات في مواقف 5 مستشفيات في أواخر صيف وخريف العام الماضي 2019، مقارنة بالعام السابق، بالإضافة إلى زيادة سريعة في عمليات البحث عن الكلمات الرئيسية المرتبطة بـ”مرض معد” في محرك البحث الصيني Baidu، وفقًا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.

وتقول الدراسة إن هذه الزيادة الضخمة قد بدأت في شهر أغسطس 2019، وبلغت ذروتها في ديسمبر، وهو الوقت الذي اعترفت فيه الصين بتفشي الوباء، حيث أحصت صور الأقمار الصناعية، التي اعتمد عليها الباحثون في أكتوبر 2018، 171 سيارة في مواقف السيارات في أحد أكبر مستشفيات ووهان، وبعد عام واحد، تم إحصاء 285 سيارة.

 

اقرأ أيضًا:

ضعف “كورونا” وبدء انتهائه.. آمال عريضة وواقع مشجع

 

وبلغ حجم الزيادة في عدد السيارات بنحو 67%، وبنسبة 90% في حركة المرور خلال نفس الفترة الزمنية في مستشفيات ووهان الأخرى.

وتزامنًا مع هذا تم رصد مستويات مرتفعة من استعلامات البحث على المحرك الصيني “بايدو”، عن عبارة “الإسهال” و “السعال”.

وبحسب جون براونشتاين، قائد الفريق البحثي في الدراسة، فإنه “يمكن أن تكون فكرة استخدام مواقف السيارات في المستشفيات أو الأعمال التجارية مؤشرًا نسبيًا لحدوث شيء ما بين السكان”.

وتابع: “لقد استخدمنا هذه التقنية في السنوات الماضية، حيث أظهرنا أن المستشفيات في أمريكا اللاتينية أصبحت مشغولة للغاية خلال موسم الأنفلونزا. يمكنك توقع موسم الأنفلونزا بمجرد النظر إلى مواقف السيارات، الآن لا يمكننا أن نثبت بوضوح دلالة بعض هذه الإشارات، لكنه يضيف نوعًا ما إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن شيئًا ما كان يحدث قبل الاعتراف به رسميًا”.

 

ضعف الفيروس

وأثيرت مؤخرًا عدة تصريحات حول ضعف فيروس كورونا وبطء انتشاره، كان منها ما أدلى به البروفيسور الإيطالي، ألبرتو زانجريلو، رئيس العناية المركزة في مستشفى سان رفاييل، في ميلانو، بمنطقة لومباردي شمال البلاد والتي تحملت العبء الأكبر للعدوى.
وقال ” زانجريلو” للتلفزيون الرسمي إن الفيروس “لم يعد موجودًا إكلينيكيًا” في إيطاليا.
لكن ماريا فان كيرخوفي، المتخصصة في علم الأوبئة في منظمة الصحة العالمية وعددًا من الخبراء الآخرين في الفيروسات والأمراض المعدية قالوا إن “تصريحات البروفيسور الإيطالي لا يدعمها دليل علمي”.
وأكدوا أنه لا توجد بيانات تظهر أن فيروس كورونا المستجد يتغير بشكل كبير سواء في طريقة انتقاله أو من ناحية شدة المرض الذي يسببه.

 

وليس من المعتاد أن تتحور الفيروسات وتتأقلم وهي تنتشر، وتبرز المناقشة التي حدثت كيف أن العلماء يرصدون الفيروس المستجد ويتتبعونه، وحتى الآن أودى كوفيد-19 بحياة أكثر من 370000 شخص وأصاب أكثر من 6 ملايين على مستوى العالم.

 

اقرأ أيضًا:

إلغاء الحج لدعم المتضررين من كورونا.. هل يتصادم قرار الحكومة مع الشرع؟

وقال مارتن هيبرد، أستاذ الأمراض المعدية الناشئة في كلية لندن للنظافة والطب الاستوائي، أن الدراسات الكبيرة التي تبحث في التغيرات الجينية في فيروس سارس-كوف-2 المسبب لكوفيد-19 لا تدعم بأي شكل فكرة أنه يصبح أقل قوة أو يضعف.
وأكد “أوسكار ماكلين” وهو خبير في مركز البحوث الفيروسية في جامعة جلاسجو، أن الافتراضات القائلة بأن الفيروس يضعف “لا يدعمها أي شيء في الأدبيات العلمية وتبدو أيضًا غير قابلة للتصديق على أسس جينية”.