تظهر مواقف مشاهير الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية، إزاء مقتل جورج فلويد، بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه في مدينة منيابوليس، المنطلقات الفكرية الأساسية، لكل من الطرفين إزاء التقدمية والمساواة والعدالة والحرية الاقتصادية.

يميل الحزب الديمقراطي نحو الليبرالية اليسارية ويدافع عن المساوة والتقدمية والضرائب التصاعدية برفعها على الطبقات العليا وخفضها على الطبقات الأدنى وزيادة الحدود الدنيا للأجور، على عكس الجمهوريين الذين يرون أن الضرائب يجب أن تفرض على الجميع ويعارضون زيادة الأجور لتأثيرها على الشركات الصغيرة، ويؤمنون بالحقوق الاقتصادية الفردية أكثر من الجماعية أو نظرية “البقاء للأصلح”.

حقد لم ينتهي

وقال جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، والمرشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، إن مشاكل العنصرية واللامساواة هي التي تنخر الولايات المتحدة، فالحقد يختبئ ولا يزول. وعندما ينفخ من في السلطة (يقصد ترامب) في الحقد الكامن تحت الصخور، يخرج هذا الحقد”، مضيفا أن ما يقوله الرئيس يدفع الناس إلى تفجير غضبهم.

 

 

ويسعى الديمقراطيون إلى توظيف الاحتجاجات في المعركة الانتخابية الرئاسية القادمة، بعدما طالب أكثر من عضو بالكونجرس المواطنين بأن يرفعوا الوعي بشأن الظلم عبر الاحتجاجات، ولكن في الوقت ذاته ترجمة ذلك بزيادة الإقبال في الانتخابات واختيار أشخاص يستجيبون لمطالبهم.

ويلقي الأمريكيون النظرة الأخيرة على جثمان جورج فلويد اليوم الاثنين، قبل دفنه غدًا الثلاثاء بتوقيت بلادهم، وسط مشاركة من “بايدن” الذي قال إن الفرصة أصبحت موانية لتتحول الولاية من سيطرة الجمهوريين إلى الديمقراطيين.

فشل إصلاح الشرطة

وقال الرئيس السابق باراك أوباما “ديمقراطي” إن “موجات الاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد تعبر عن إحباط حقيقي وشرعي إزاء الفشل المستمر على مدى عقود لإصلاح ممارسات الشرطة ونظام العدالة الجنائية الأوسع في الولايات المتحدة”.

 

اقرأ أيضًا:

عصا الشرطة الغليظة في العالم.. عنف بلا حساب

 

ويُعد الأمريكيون من أصل إفريقي قاعدة أساسية بالحزب الديمقراطي، وكانوا وراء حسم معركة ترشح جو بايدن للرئاسة، على عكس الحزب الجمهوري الذي يضم تشكيلات محافظة غالبيتها من البيض، أو اليمينيين الذين لا يؤمنون كثيرا بحقوق ذوي الأصول الإفريقية والآسيوية واللاتينية.

حتى الآن، لا يزال الكثير من الأمريكيين من الأصول الإفريقية، يعتبرون الرئيس السابق بيل كلينتون الأفضل في تاريخ أمريكا، حتى وصفته الأديبة الحاصلة على نوبل توني موريسون بأول “رئيس أسود” في تاريخ الولايات المتحدة بسبب نشاطه في الدفاع عن مجال الحريات المدنية خلال التسعينيات.

 

 

وتبنى “كلينتون” العديد من المبادرات حيال أصحاب البشرة السمراء وعين عددًا كبيرًا منهم في إدارته ودعم سياسات التمييز الإيجابي لصالحهم كما أقر قانونين لدعمهم، هما إصلاح المساعدات “ويلفير ريفورم اكت” في 1996 وقانون الجريمة “كرايم بيل” عام  1994، ونبعت تلك السياسات من نشأته لأسرة بيضاء فقيرة  تنتمي إلى قاع المجتمع تقطن حيًا معروفًا عنه العنف والجريمة فنشأ بين الأمريكيين الأفارقة وشعر بمشكلاتهم وعاش مثلهم حتى أنه تخصص في عزف الساكسفون الموسيقية.

وحصل الديمقراطيون على دفعة قوية بسبب “كورونا” بعدما لجأ “ترامب” إلى إبعاد سياسات الحزب الديمقراطي، فيما يتعلق بالرعاية الصحية والذي يرى أنها للجميع على عكس الجمهوريين الذين يرون أن تنظيمها لا يجب أن يكون بالكامل في يد الحكومة.

يعاني الحزب الجمهوري ذاته من فقدان أتباعه ومن بينهم وزير الخارجية الأسبق، كولن باول  الذي أعلن تأييده لجو بايدن، ليكون أول جمهورى بارز يعارض مرشح حزبه “ترامب”، ويعتبره خطراً على البلاد وديمقراطيتها، ومنتهكا للدستور.

كما شارك السيناتور الجمهوري ميت رومني في الاحتجاجات ضد ترامب وكتب تعليقات على صفحته بموقع “تويتر” إن حياة أصحاب البشرة السمراء أصبحت مهمة، مطالبًا بإيجاد “طريقة لإنهاء العنف والقسوة”.

الميل للديمقراطيين

منذ ممارسة الأمريكيين الأفارقة السياسة في الخمسينيات مع توقيع الرئيس ليندون جونسون عام 1964 القانون المتعلق بالحقوق المدنية الذي منحهم بموجبه حق التصويت رسميًا، فإنهم يميليون نحو الحزب الديمقراطي، بسبب سياسات الجمهوريين في تقليص تدخل الدولة في الشؤون الاجتماعية حينها، والذي قلص النفقات المخصصة لتنمية الفئات المهمشة مثل المواطنين ذوي الأصول الإفريقية.

اقرأ أيضًا:

الديمقراطيون قادمون.. هل تُطيح مظاهرات أمريكا بترامب؟ (4- 4)

 

وعلى مدار 20 عامًا، دائمًا ما يزيد عدد الأصوات التي يحصل عليها الحزب الديمقراطي من أماكن تركزات الأمريكيين الأفارقة بأكثر من 44 نقطة، رغم أن الحزب الجمهوري يستقطب مجموعة منهم أيضًا ويدفع بهم في الصفوف الأولى.

وتظل المشكلة الأساسية في الأمريكيين من أصل إفريقي، المنضمين إلى الحزب الجمهوري في تشبعهم بأفكار الحزب، مثل بن كارسون الذي سعى قبل أعوام للترشح عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، واعتبر نفسه مميزًا عن باراك أوباما (أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي) على اعتبار أن الأخير ولد لأب كيني وأم أمريكية فيما كان والدا كارسون أفارقة.