في ظروف غامضة قدم الناقد أحمد شوقي استقالته بعد مدة قصيرة من إعلان توليه منصب المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 42، والتي من المفترض أن تقام في الفترة من 19 إلى 28 نوفمبر المقبل، وقد تم قبول الاستقالة بعد أن عقدت اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان اجتماعاً طارئاً على خلفية تقديمها، وبعد مداولات تم قبولها.

أحداث ساخنة

كواليس وأسباب عدة وقفت خلف حروف تلك الاستقالة، فلم يكن تردد اسم الناقد أحمد شوقي بالغريب أو الجديد على المسامع في الآونة الأخيرة، حيث أثيرت حوله ضجة يُرجح أنها السبب وراء استقالته من إدارة المهرجان، فعقب إسناد المنصب له مباشرة امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بالأصوات المعارضة لتوليه قيادة المهرجان الفني، بل ودشن عدد من رواد التواصل الاجتماعي “هاشتاج” يرفض استمراره في هذا المنصب.

 

 

ونشر مؤيدو هذا الطرح آراء لـ”شوقي” وصفوها بالمتطرفة فيما يتعلق بمذبحة بور سعيد التي تعرض لها عدد من مشجعي النادي الأهلي، فقد وصفهم عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بـ”النافقة”، وهو وصف يُطلق على الدواب والحيوانات عندما تموت، الأمر الذي خصم الكثير من رصيده في قلوب المصريين بغض النظر عن الفريق الذي يشجعونه، أو الانتماءات الكروية من الأساس.

اضطهاد السوريين

كما دعم مهاجمو “شوقي” رفضهم لوجوده بأن آرائه التي وصفوها بالمتطرفة تفاقمت لتشمل اضطهاد السوريين، خاصة اللاجئين منهم، فهاجم الأفلام السورية التي وصلت لمراحل متقدمة في منافسات مهرجان “الأوسكار” حيث وجه اتهاماً للمخرجين باستغلال المأساة السورية للتسويق لأفلامهم، ليس هذا فحسب بل وصف المعاناة السورية التي يحياها اللاجئون بــ”التمثيلية”، فقال عبر صفحته الرسمية: “أظهر جوازك السوري وشهادة اللجوء السياسي، شوية صور حرب وبيوت مهدمة، حد بيحاول ينقذ الضحايا ويا حبذا لو واحد من الأبطال خلال التصوير يموت، يلعن روحك يا حافظ، مبروك عليك الترشح للأوسكار”.

 

اقرأ أيضًا:

غدر الأشقاء في الدراما المصرية.. تفاعل واسع رغم تكرار الأفكار

لم تكن الأزمة على الصعيد الداخلي والمحلي فحسب، فقد امتد الأمر للخارج أيضاً وبدأ العالم الخارجي في تشكيل رؤية حول أحمد شوقي فقد أعرب مدير النقاد بمهرجان فينيسيا، جيونا نازارو، عن رفضه لأن يكون مدير مهرجان القاهرة السينمائي متبنياً لآراء متطرفة.

وقال في تدوينة له عبر حسابه على “فيسبوك”: “تلقيت رسائل من العديد من الصحفيين، مطالبين بالتعليق على منشورات الناقد أحمد شوقي، وأقول إن تلك المنشورات كانت ستُقابل بالرفض الشديد إذا تم نشرها في أمريكا وأوروبا أو حتى آسيا”.

تكاتفت كل الأسباب والمقومات سالفة الذكر، لتقف وراء تقديم الناقد أحمد شوقي لاستقالته من إدارة مهرجان القاهرة السينمائي والذي يعد هو الأبرز في مصر، لكنه كان له رسالة أخيرة قبل الابتعاد النهائي عن المشهد.

اعتذار غير كاف

كل هذه الأوراق والدفاتر تم فتحها عقب تولي “شوقي” مهام المهرجان مباشرة ليخرج هو بعدها يعتذر قائلاً :”أعترف أنني استخدمت في بعض الكتابات الشخصية التي ترجع لعام 2014 كلمات جارحة تخص جمهور النادي الأهلي وضحايا بورسعيد، وهي كلمات أعتذر بالطبع إن كانت قد سببت ألمًا للراحلين وأهلهم، مضيفاً “لكن عزائي أن هذه الكتابات مر عليها أكثر من ست سنوات، وهي فترة كافية لأن يراجع الإنسان مواقفه بل ويغيرها كليًا، كما أنها كانت في إطار المناوشات الكروية مع الأصدقاء في حسابي الشخصي، والمناوشات الكروية بطابعها تحمل بعض التجاوز”.

 

وأضاف: “أؤكد هنا أن موقفي لم يعد أبدًا كوني مشجعًا مخلصًا لنادي الزمالك، وأن تعليقًا قديمًا على صفحتي الشخصية ليس له علاقة من قريب أو بعيد بعملي العام، وأكرر الاعتذار للنادي الأهلي وجمهوره عن بعض المصطلحات، وذلك مع الاحتفاظ بحقي في التعبير عن حبي ودعمي لنادي الزمالك الذي أنتمي له منذ طفولتي”.

قبول الاستقالة

 

لم تعلّق إدارة مهرجان القاهرة السينمائي على اعتذار “شوقي”، الذي قدمه عبر صفحته الشخصية على “فيسبوك” لكنها قبلت استقالته التي تقدم بها قبل سويعات قليلة من كتابة هذه السطور، وقد أكد رئيس المهرجان السيناريست محمد حفظي التزامه بالاستمرار في التحضير للدورة الـ 42 من المهرجان، والتي سيتم الإعلان عن بعض تفاصيلها في غضون الأسابيع المقبلة، مع الاستمرار بالتمسك بمبادئ وقيم المهرجان، مثل التعددية وتواصل الثقافات وإلقاء الضوء على الأصوات السينمائية الجديدة، وتوفير منصة للمواهب السينمائية حول العالم والمساهمة في تطويرصناعة السينما المحلية والإقليمية.