على الرغم من تردد اسمه بين أحياء منطقة رمسيس بوسط القاهرة، كأحد فاعلي الخير المتطوعين لتغسيل الموتى بمستشفى السكة الحديد، فإن المآسي المصاحبة لفيروس “كورونا” زادت من شهرة الشيخ إبراهيم محمود “شيخ رمسيس” كما يطلق عليه أهالي المنطقة، الذي أعلن تطوعه لتغسيل ضحايا الفيروس بدون مقابل.

على مدى 15 عامًا، جمع الشيخ إبراهيم محمود، الخطيب بالجمعية الشرعية، بين عمله كخطيب ومتطوع لتسغيل الموتى بمستشفى هيئة السكة الحديد برمسيس، حتى توسعت رقعة عمله في الأيام الأخيرة بنطاق محافظتي القاهرة والجيزة، طمعًا في ثواب عظيم.

“أُغسل جثامين الموتى متطوعًا منذ 2005 بمسشفى السكة الحديد برمسيس وكل من يقصدني لفعل الخير” يحكي إبراهيم لـ”مصر 360″ تفاصيل بداية عمله كمغسل لجثث الموتى.

اعتذار المغُسلين

قبل أيام قليلة، فوجئ الشيخ إبراهيم، باتصال هاتفي من أحد معارفه يخبره بأنه اضطر لتغسيل جثمان شقيقته المتوفاة جراء إصابتها بـ”كورونا”، بسبب اعتذار مغسلي الموتى بمنطقته عن تغسيل وفيات الفيروس، كما أبلغته “مغسلة” بحي شعبي آخر عن إقدامها على تغسيل رجل مسن بسبب اعتذار المغسلين الرجال، في مخالفة للشريعة الإسلامية.

اقرأ أيضًا:

العلاج ببلازما المتعافين.. “روح التطوع” أمل النجاة الأخير

تلك المكالمات دفعت “محمود” لإعلانه عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تغسيل جثامين ضحايا “كورونا” بدون مقابل، رغبة منه في طمأنة العاملين في هذا المجال الذين امتنعوا عن أداء واجبهم بسبب خوفهم من العدوى.

أثيرت نقاشات كثيرة في فترات ماضية بشأن نقل الموتى للفيروس، حتى أنهت منظمة الصحة العالمية هذا الجدل بعدم احتمالية العدوى من أجساد موتى كورونا، وهو ما يستند إليه الشيخ إبراهيم في مبادرته.

 

“هدفي من الإعلان هو نشر الإيجابية وإبعاد القلق عن المغسلين، والتأكيد أن الأمر لا يستوجب القلق والذعر المنتشر بين الناس، فاتصالات الأهالي لإخباري بعدم وجود مغسلين أحزنتني وحملتني المسؤولية، فنحن مسلمين لنا شريعتنا وكورونا ليس طاعونًا”.

يضيف “محمود”: “القلق مبالغ فيه، والميت لا ينقل الفيروس طالما يتبع المغسل الاحتياطات اللازمة من كمامة وكحول وغيرها، فالخوف ليس من الميت بل من ذويه الذين رافقوه في فترة مرضه”.

خطوات التغسيل

يشرح أن خطواته في التغسيل، والتي لم تختلف كثيرًا عن المعتاد، حيث يضع فقط قطعًا من القطن على وجه المتوفى والتعامل معه كأنه ليس موجودًا، ثم يخرج الاستنشاق ويستغنى أيضًا عن عصر البطن ثم ينزع القطن عن وجهه ويلف رأسه بـ”كيس بلاستيك”، فضلًا عن إضافة بعض التعقيم حسب الطريقة الشرعية التي لا يحيد عنها.

ومن جهته، أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنه إذا تعذّر غُسْل المتوفَّي بكورونا بتعهد جسده بالدَّلك؛ خوفًا من انتقال العدوى إلى المُغَسِّل الصَّحيح، فيكفي عندئذٍ في غُسله مجرد إسالة الماء عليه ولو من بعيد، ولا يُشترط في هذه الحال مُباشرة الميّت وتعهده بالدَّلك؛ حفاظًا على حياة المُغسِّل، ومنعًا من انتقال العدوى إليه.

يبين “شيخ رمسيس” الفرق بين تغسيل الموتى في المستشفى والمنازل، حيث يوصي المستشفى بارتداء بدلة واقية كاملة لتجنب انتشار العدوى، بينما تقتصر إجراءاته في المنزل على ارتداء كمامة وقفاز أو “مريلة”، وهي الإجراءات التي نقلها لزملائه الذين بدأوا يتراجعون عن قرارهم مؤخرًا.

توفير ملابس واقية

وشهدت الأيام الماضية تقدم النائبة دينا عبدالعزيز، عضو مجلس النواب، باقتراح برغبة موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيري الصحة والأوقاف، بشأن ضرورة توفير بدل واقية للقائمين على عملية تغسيل ودفن المتوفين فى فترة جائحة كورونا.

وأكدت النائبة أن هناك أخطار تلاحق القائمين على من يتولى تغسيل الميت في تلك الفترة خصوصًا المتوفين نتيجة إصابتهم بفيرس كورونا، وهناك من يتوفى دون علمه الإصابة بهذا الفيروس، ويكون القائم على تغسيله معرضًا بشكل كبير للإصابة، ومن ثم فلا بد من بحث إجراءات لحمايته وتأمينه.

 

وأشارت إلى أن هذه الإشكالية سببت عزوف الكثيرين عن تغسيل الميت المصاب بكورونا ودفنه خوفًا من نقل العدوى مما يؤذي نفسية أسرة الميت وينعكس بالسلب على سلوك المجتمع.

اقرأ أيضًا:

الأقمارالصناعية تدين الصين.. كورونا ظهر في أغسطس 2019 وتسترت عليه

 

واقترحت النائبة توفير بدل واقية لمن يتولون تغسيل وتكفين الميت (أيًا كان سبب الوفاة في فترة الجائحة) حفاظًا على أمنهم ومنعًا لانتشار فيروس كورونا.

خجل

يخجل “الخطيب” من وقائع التنمر التي طاردت ووصمت الأطباء والممرضين وبعض مصابي كورونا في الأسابيع الأخيرة في مخالفة لشرائعنا السماوية وتعاليمنا وسلوكياتنا كمصريين، موضحًا أن المُغسل اعتاد تغسيل وتكفين الموتى المصابين بالسرطان وفيروس سي وضحايا الحوادث المختلفة، فليس جديدًا عليه تكفين موتى من المرضى.

تسليع

ويلفت الشيخ إبراهيم، إلى أن ما دفعه أيضًا لإعلان تغسيل موتى كورونا بدون مقابل هو رصده لتسليع التكفين بحسب المنطقة، حيث وجد مناطق تكفن بـ1500 وأخرى بـ3 آلاف جنيه، ما زاد من رغبته في تقديم الخير ونيل ثوابه.