شهد لبنان احتجاجات عارمة اندلعت في العاصة بيروت وعدة مدن، مساء أمس، على خلفية الأزمة الاقتصادية مع تواصل انهيار العملة الرسمية (الليرة) مقابل الدولار منذ أكتوبر من العام الماضي.
ويواجه الكثير من اللبنانيين مخاوف من الوقوع تحت خط الفقر، بسبب تأزم الوضع الاقتصادي الذي ازداد سوءًا مع تفاقم جائحة فيروس كورونا، حيث هوت العملة اللبنانية لتسجل 5000 ليرة مقابل الدولار أمس الخميس.
وأغلق المحتجون في لبنان الطرق باستخدام إطارات مشتعلة، وذلك للتعبير عن سخطهم إزاء التراجع غير المسبوق في قيمة عملة بلادهم.
وفقدت الليرة اللبنانية 70 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر من العام الماضي، وهو ما تسبب في تأزم الوضع الاقتصادي، ووصف الخبراء تلك الأزمة بالأسوأ منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
صدامات بين الجيش والمتظاهرين
وزحفت الاحتجاجات من بيروت إلى شتى أرجاء لبنان، من طرابلس في الشمال إلى صيدا وصور في الجنوب، ووقعت صدامات بين قوات من الجيش اللبناني ومتظاهرين أمام مصرف لبنان في طرابلس، ما أسفر عن إصابة ثمانية من المحتجين، كما قامت قوات الأمن اللبنانية بإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين أمام ساحة رياض الصلح في بيروت بعد إضرام المتظاهرين النار في المنطقة. حسبما أفادت وكالة “رويترز”.
وردد المتظاهرون هتافات ضد النخبة السياسية، وأيضًا هتافات تدعو إلى الوحدة الوطنية، وذلك في أعقاب اشتباكات طائفية وقعت على أثر احتجاجات في العاصمة بيروت الأسبوع الماضي.
ارتفاع الأسعار
وأدت الأزمة الاقتصادية في لبنان، إلى ارتفاع حاد في أسعار الغذاء ومعدلات البطالة، كما تسببت في وضع ضوابط للتحكم في رأس المال أدت إلى عدم تمكن اللبنانيين من سحب مدخراتهم من العملة الصعبة.
وكانت تقارير وأبحاث دولية قدرت أن نحو مليون لبناني سيصبحون بلا أعمال ورواتب في النصف الثاني من السنة الجارية، ودعا رئيس الوزراء، حسان دياب، لعقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، الجمعة، لمناقشة الوضع المالي للبلاد، حسبما جاء في بيان أصدره.
تجدد الاحتجاجات
وكانت الاحتجاجات قد عادت إلى لبنان مرة أخرى الثلاثاء الماضي، بعد توقف دام لأشهر قليلة منذ انتشار كورونا، وكانت مجموعة “لِحَقّي” المدنية قد دعت في بيان اللبنانيين إلى النزول للشوارع من أجل إسقاط الحكومة، وللسعي لتشكيل حكومة مستقلة انتقالية.
يذكر أن الاحتجاجات بدأت في 17 أكتوبر من العام الماضي، وبعد 12 يومًا أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة، وحلت محلها حكومة حسان دياب، في 11 فبراير الماضي، ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي.
خطة إنقاذ
وقال رئيس المصرف المركزي مساء الخميس في بيان إنه “يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تداول معلومات عن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بأسعار بعيدة عن الواقع، مما يضلل المواطنين، وهي عارية من الصحة تمامًا”.
وفي محاولة لضبط سوق الصرافة غير النظامية، يعتزم مصرف لبنان بدء العمل بمنصة إلكترونية لعمليات الصرافة يوم 23 يونيو الجاري، ويأتي تدهور سعر صرف الليرة في وقت تعقد فيه السلطات اللبنانية اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملًا في الحصول على دعم مالي يضع حدًا للأزمة.
وأقرت حكومة دياب، في 30 أبريل الماضي، خطة إنقاذ اقتصادية تستمر خمس سنوات، وبدأت في 11 مايو الماضي، مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، للحصول على تمويل لمعالجة أزمة اقتصادية دفعت البلاد إلى تعليق سداد ديونه الخارجية.