عندما وضع ديريك تشوفين، ضابط شرطة “مينيابوليس” الأمريكية، المفصول من الخدمة، ركبته على رقبة جورج فلويد، المواطن من أصل أفريقي، ولم يفلته حتى وفاته خنقًا، كان من الممكن أن يمر هذا الحادث الأليم مرور الكرام، لولا أنه فتح أعين العالم أجمع على مأساة كبرى، وهي فساد الشرطة الأمريكية وعنصريتها القاتلة.

 

وطرح موقع «ڤوكس» الأمريكي، مؤخرًا، ثلاثة مقترحات من شأنها إصلاح منظومة تنفيذ القانون على مستوى العالم بشكل عام، تتمحور هذه المقترحات حول إصلاح الضرر الذي خلفته قرون من ممارسات الشرطة التعسفية داخل مجتمعات الأقليات، مثل أمريكا والهند وأستراليا، بهدف معالجة “التحيزات العنصرية” أو الإثنية أو القومية داخل أجهزة الأمن، ومساءلة المتجاوزين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، فضلا عن رجال الشرطة على أداء عملهم بكفاءة؛ بما يُمَكِّنهم من الحفاظ على أمن هذه الأقليات، بدلًا من ترويعها، باعتبارها أنها معرضة أكثر من غيرها لتلك التجاوزات التي تخالف أعراف حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية المبرمة في هذا الشأن بالغ الأهمية.

 

 

الهند.. تجاوزات ممنهجة

ذكر الموقع، في أولى مقترحاته، أن الشرطة لن تكون قادرة على ممارسة مهامها بفعالية في مجتمعات الأقليات، إلا بعدما تتحمل المسؤولية عن الصورة المرسومة لها داخل هذه المجتمعات، فقد يشعر بعض ضباط الشرطة بأن العديد من الانتقادات الموجهة إليهم تفتقر إلى الإنصاف. وقد يرفض البعض تحمّل مسؤولية أخطاء تاريخية وقعت في أزمنة ماضية، وربما يشعر البعض بأنهم رجال شرطة جيدون، وأن العدد القليل من “الضباط السيئين” لا ينبغي أن يشوه الصورة الناصعة لأجهزة الأمن.

يرفض البعض تحمّل مسؤولية أخطاء تاريخية وقعت في أزمنة ماضية، وأن العدد القليل من “الضباط السيئين” لا ينبغي أن يشوه الصورة الناصعة لأجهزة الأمن

وهذا هو ما يجري الحديث عنه في دولة مثل الهند، بين الحين والآخر، حيث تمارس الشرطة فيها تجاوزات صارخة في حق المواطنين المسلمين، بشكل منهجي. ومع ذلك، يتحدث بعض السياسيين الهنود – ليل نهار- عن أن هذه “أخطاء فردية”!

اقرأ أيضًا:

أخطر من “كورونا”.. العالم ينتفض ضد “العنصرية”

غير أن هذا لا يغير من الواقع شيئًا، إذ تبقى الحقيقة الراسخة، وهي أن “مجتمعات الأقليات” لا تثق في الشرطة. ويستند هذا الشعور الجمعي – مثلًا- إلى تاريخ طويل من العنصرية الصارخة التي ابتُليت بها الشرطة في بلدان يُفترض أنها “متحضرة”، مثل أمريكا، حيث يتم التغاضي عن ممارسات همجية كان آخرها مقتل جورج فلويد، نظرًا إلى أن ضباط الشرطة يتلقون عادة تدريبات تمتد إلى قرابة 111 ساعة لإتقان استخدام الأسلحة النارية والدفاع عن النفس، ولكنهم لا يمضون سوى 11 ساعة فقط في التدريبات المتعلقة بالتنوع الثقافي والعلاقات الإنسانية.

وأما المقترح الثاني الذي قدمه موقع “فوكس”، فهو ضرورة العمل على إحداث تغيير هيكلي في نظام العمل الأمني داخل مجتمعات الأقليات، حيث نشر “مركز بيو للأبحاث” نتائج استطلاعات رأي أجراها مؤخرًا، وأظهرت أن معظم الأمريكيين يرون أن المتحدرين من أصول أفريقية يلقون معاملة “أقل إنصافًا” من قبل الشرطة ونظام القضاء الجنائي بشكل عام.

وكشف استطلاع أجراه “مركز بيو للأبحاث” في نهاية العام الماضي 2019، عن أن 84% من الراشدين السود، قالوا إن المتحدرين من أصول أفريقية بشكل عام يلقون معاملة “أقل عدلًا” من البيض، خلال تعاملهم مع الشرطة، لا لسبب سوى “لون بشرتهم” التي لا يد لهم فيها، حسب قولهم!.

 

 

ويقترح الموقع أيضًا، تجهيز رجال الشرطة العاملين في نطاق أحياء الأقليات بكاميرات صغيرة مثبتة على أجسادهم، بحيث لا يمكنهم العمل من دونها، على اعتبار أن المقاطع التي تسجلها هذه الكاميرات المثبتة على أجساد رجال الشرطة يمكن أن تساعد في القضاء على التجاوزات الفردية.