ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في تقرير لها نُشر مؤخرًا، أن 1014 شخصًا من أصول إفريقية، قُتلوا على أيدي الشرطة خلال العام الماضي 2019، وهي الإحصائية “الصادمة” التي اعتمدت فيها الصحيفة على مصادر رسمية من “المباحث الفيدرالية”، كجزء مما كُشف النقاب عنه بعد مقتل جورج فلويد اختناقًا، تحت ركبة أحد أفراد شرطة مدينة مينيابوليس يوم 25 مايو الماضي.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن وحشية الشرطة الأمريكية تجاه المواطنين من ذوي الأصول الإفريقية، سبق وأن فجرت احتجاجات شعبية، كان أشهرها في 26 فبراير 2012، حين قُتل ترايفون مارتن (17 عاما)، تلميذ الثانوية برصاص الشرطي جورج زيمرمان في سانفورد، فلوريدا.

وكان الشاب في زيارة لأقاربه في حي سكني مسور “كمبوند”، حين أطلق عليه زيمرمان، وهو شرطي معيّن لحراسة الحي، النار، بدعوى أن الصبي كان يحمل مسدسًا، ورغم تأكد المحكمة من أن ذلك الادعاء غير صحيح، إلا أنها برّأت الشرطي، وكانت تلك هي الشرارة التي أشعلت فتيل الحراك الاجتماعي ضد العنصرية، حيث رفع المتظاهرون في ذلك الحين شعار “حياة السود مهمّة”، وهو الشعار الذي اتخذ أبعاد عالمية بعد مقتل “فلويد”.

 

“لا أستطيع أن أتنفس”

يبدو أن صرخة “لا أستطيع أن أتنفس” ليست بجديدة كما يظن الكثيرون، فهي نفس الصرخة التي أطلقها – من قبل- الأمريكي من أصول إفريقية إريك جارنر حين مات مختنقا في 17 يوليو 2014، بعد أن اعتقلته شرطة نيويورك، للاشتباه ببيعه سجائر “غير خاضعة للضريبة”، مع ملاحظة أن “فلويد” مات بعد أن اشتبه بائع في كون الورقة المالية فئة 20 دولار التي أعطاها له الضحية، لشراء السجائر أيضًا، مزيفة!

 

وأظهرت لقطات مصورة أُخذت للحادث، في حينه، بمعرفة أحد المارة صراخ “جارنر”: قائلًا “لا أستطيع أن أتنفس”، فيما واصل الشرطي الأبيض دانيال بانتاليو لفّ ذراعه حول عنقه، حتى مات الضحية اختناقًا في النهاية، ورفضت هيئة المحلفين في إحدى محاكم نيويورك توجيه اتهامات جنائية ضد “بانتاليو”، ما أشعل احتجاجات في 5 مدن أمريكية، تم السيطرة عليها بصعوبة.

بعد ذلك بعدة أشهر، وفي 9 أغسطس 2014، لقي الصبي من أصل إفريقي مايكل براون (18 عامًا) مصرعه بطلقة نارية في الصدر، بعد مشادة مع ضابط شرطة أبيض يدعى دارين ويلسون، ووقع الحادث في مدينة فيرجسون بولاية ميسوري، وفجّر احتجاجات عنيفة، ومنذ ذلك الحين اكتسبت حركة “حياة السود مهمّة” سمعة أكبر على المستوى الدولي.

 

وضمن مسلسل قتل المواطنين من أصل إفريقي، تلقى والتر سكوت ثلاث رصاصات في 4 أبريل 2015، أثناء فراره من الشرطي مايكل سلاجر، بمدينة نورث تشارلستون، بولاية كارولينا الجنوبية.

حدث ذلك حين أوقف الشرطي سيارة “سكوت” لأن ضوء مصباح سيارته كان مكسورا، وتبين لرجل الشرطة الأبيض لدى توقيف “سكوت” أنه صدرت بحقه مذكرة اعتقال لتأخره بدفع نفقة إعالة طفله، وحين حاول الأخير الهرب أطلق عليه الشرطي النار فأصابته 3 طلقات في الظهر.

وبعد اندلاع مظاهرات غاضبة ضد عنف الشرطة، تم توجيه اتهامات جنائية لـ “سلاجر”، وحُكم عليه بالسجن 20 عاما، فيما حصلت عائلة “سكوت” على تسوية قدرها 6.5 مليون دولار كتعويض مادي.

 

وإلى ذلك، قالت “واشنطن بوست” إن تردد القضاء الأمريكي في توجيه تهمة القتل من “الدرجة الأولى” للشرطي قاتل “فلويد”، فتح الباب أمام تساؤلات عن كيف يُعامل المواطنين من أصول إفريقية أمام القانون في الولايات المتحدة، ورغم أن الأمريكيين من أصل أفريقي يشكلون نحو 14% من السكان، حسب إحصائيات عام 2019، إلا أنهم يمثلون أكثر من 23% من بين كل 1000 حالة إطلاق نار أدت إلى القتل على يد الشرطة.