تطمح وزارة المالية إلى تراجع الدين العام في موازنة العام الجديد 2021/2020 نسبة للناتج المحلي إلى 82.8% بدلًا من 89.2%، في العام المالي الحالي 2020/2019.

وتسعى الوزارة إلى خفض العجز الكلي في الموازنة إلى 432.09 مليار جنيه مقابل 445.1 مليار جنيه للعام المالي الحالي، والذي يفترض سده عبر الاقتراض المحلي بآلتي أذون خزانة ( أدوات اقتراض قصيرة الأجل لا تتعدى العام) وسندات خزانة ( أدوات اقتراض تتراوح بين عام و 7 سنوات).

وتستهدف الحكومة خفض فوائد الديون إلى 566 مليار جنيه مقابل 569 مليار للعام الحالي، موزعة بين الدين الخارجي بواقع 48.4 مليار جنيه وفوائد محلية بقيمة 517.2 مليار جنيه.

لكن مع تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، وتأثيراته على الإيرادات العامة، أصبحت مستهدفات وزارة المالية أمرًا من الصعب تحقيقه، خاصة مع توجه الحكومة نحو مزيد من الاقتراض الخارجي، حيث توصلت مصر مؤخرًا إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار، والباب لا يزال مفتوحًا أما اتفاقات أخرى مع عدة جهات، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الاقتصاد المصري وحجم الدين العام وهل لا زال في حدود آمنة؟!

رقم كبير

يقول الدكتور عبدالرحمن العليان، الخبير الاقتصادي، “إن الدين العام بوجه عام أصبح رقمًا كبيرًا، ولكن المهم هو الشفافية في توضيح جهة إنفاقه وكيفية إنفاقه أيضًا، باعتبار أنه يضع أعباء على الأجيال المستقبلية، فما نقترضه الآن سيسدده آخرون”.

اقرأ أيضًا:

“الصحة والتعليم” ما بعد “كورونا”.. اهتمام عالمي وأولوية مصرية

ويوضح “العليان” لـ”360″ “أن بعض القروض يكون هدفها الحصول على شهادات أمام المستثمرين بقوة الاقتصاد  المحلي وقدرته على الوفاء بالتزاماته، ومصر على مدار تاريخها لم تتخلف عن سداد أي قسط حتى في خضم الثورة وأزمتها الاقتصادية”.

تنويع مصادر التمويل

وتتبع وزارة المالية سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والجهات المحلية والخارجية، ومع انخفاض أسعار الفائدة أصبح هناك إمكانية للتوسع واستبدال الاقتراض قصير الأجل بأدوات تمويلية متوسطة وطويلة الأجل سواء على المستوى الخارجي أو المحلي بهدف زيادة عمر الدين والحد من مخاطر إعادة تمويل المديونية القائمة وهو ما تستهدفه موازنة 2020/2021.

 

ويمثل عجز الموازنة السبب الرئيسي لزيادة الدين العام فوزارة المالية تخطط لتغطية عبر أذون وسندات الخزانة بقيمة إجمالية قدرها 974.4 مليار جنيه في مشروع موازنة العام المقبل مقابل 814.02 مليار في الموازنة الحالية، مع الحصول على قروض من المصادر الخارجية بقمة 13.1 مليار جنيه مقابل 6.9 مليار للعام الحالي.

ثبات التصنيف الائتماني

تقول وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، التي ثبتت تصنيف مصر عند ‭‭‭‭”B+”‬‬‬‬ مع نظرة مستقبلية مستقرة، إن مصر تمتلك إصلاحات اقتصادية ومالية تمّت في الآونة الأخيرة وتحسن الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي والأوضاع المالية الخارجية، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن تصنيف مصر يواجه ضغوطًا من عجز مالي كبير، وارتفاع مستوى الدَّين الحكومي العام قياسًا إلى الناتج المحلي الإجمالي.

الحدود الآمنة

ويقول خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، والخبير الاقتصادي، لـ”360″ إن الدين الخارجي لمصر لا يزال في الحدود الآمنة ولا يثير القلق فالمعيار الرئيسي للحكم على مسألة ديون أي دولة هو آجال سداد الدين ونسبتها إلى الناتج المحلي.

يثير ملف الديون حساسية لأي اقتصاد لكنه لا يمثل عنصرًا سلبيًا في حد ذاته، فإذا كانت الاستدانة موجهة للاستثمار فتصبح ميزة باعتبارها تشجع على الإنتاج والتصدير والتشغيل أما إذا تم تخصيصها لأهداف استهلاكية فتصبح عبئًا إضافيًا.

ويشير “الشافعي” إلى “أن الأجل الزمني للدين الخارجي المصري غير مقلق بالمرة ويعطي فرصة أفضل للسداد فـ 89.8% منه يقع ضمن فئة الدين طويل الأجل، استحقاقه يأتي بعد عام كامل بقيمة 97.6 مليار دولار، والباقى بقيمة 11.055 مليار دولار مديونية قصيرة الأجل وهو رقم جيد”.

اقرأ أيضًا:

صفر دعم “كهرباء” و”مياه”.. الموازنة الجديدة تقشف وترشيد نفقات

وتتوقع وزارة المالية أن يصل إجمالي الدين العام في السنة المالية القادمة 2020 – 2021، لنحو 5.7 تريليون جنيه، يمثل نحو 83% من إجمالي الناتج المحلي، موزعة بين 4.8 تريليون جنيه دين محلي و 873 مليار جنيه دين خارجي، بواقع 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي.

خطة لإدارة الدين العام

فيما يطالب بعض الخبراء بوضع خطة لإدارة الدين العام، بعد وصول حصة كل مواطن منفردًا من الدين العام إلى 57 ألف جنيه بإجمالي 228 ألف لأسرة مكونة من 4 أشخاص، بينما يصل حصة كل مواطن من فوائد الموازنة للعام الحالي بنحو 5660 جنيًها.

وتنص المادة 127 من الدستور على أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية الحصول على أي قروض أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب.

توسع الاقتصاد

ويعتبر الخبير الاقتصادي، أن نمو الدين أصبح متلازمة لتوسع الاقتصاد وتحريكه، فالاقتصاد الأول في العالم ــ أمريكا، صاحبة الدين الأكبر، ومعدل الدين لا يقلق طالما أنه يتوازن مع الناتج المحلى والقومي في البلاد، وفق قوله.

 

ويبلغ الدين الحكومي الأمريكي 60 تريليون دولار بينها ديون حكومية بقيمة 26 تريليون دولار، وازداد بنسبة 16% منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية في يناير 2017، فحينها كان عند مستوى 19.9 تريليون دولار.

يؤكد “الشافعي” أن الدين العام المصري لم يتخطي حاجز 36% من إجمالي الناتج المحلي، وتم خفض نسبة الدين الحكومي للناتج المحلى من 108% نهاية يونيو 2017 إلى 98% نهاية يونيو 2018، ثم 90.5% نهاية يونيو 2019 على أن تصبح 77.5% نهاية يونيو 2022.