لم تعد كرة القدم مجرد رياضة تتمتع بالجماهيرية الأولى في مصر، ولكنها نشاط اقتصادي متكامل له استثماراته وتعاقداته ما بين إعلانات وحقوق بث بالملايين وصفقات شراء خيالية ورواتب لقطاعات كبيرة من العمالة سواء العاملين في الأندية أو العاملين في مجال الإعلام الرياضي.

وتنتظر الأندية المصرية مصير مسابقة الدوري ما بين الإلغاء أو الاستئناف، في ظل الاجتماعات المزمعة في هذا الإطار خلال الأيام المقبلة.

خسائر كبيرة

منذ توقف نشاط كرة القدم قبل ثلاثة أشهر على خلفية وباء كورونا، تفاقمت خسائر الرياضة المصرية من توقف الدوري المصري والأنشطة الرياضية لتقترب من 1.2 مليار جنيه، موزعة بين حقوق الأندية من الرعاة والبث الفضائى، والحقوق التجارية، وأجور اللاعبين دون ممارستهم ألعابهم.

ودفعت الأندية المصرية نحو 80% من رواتب اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية والطبية عن الموسم الحالي حتى مارس الماضي، ولم تحصل على عوائد مقابلة تمكنها من الإنفاق على أنشطتها، وحال إلغاء الدوري ستتعرض لخسائر تتراوح بين 35% و50% من إجمالي ما دفعته على أقل تقدير.

 

ويمثل حصول اللاعبين على رواتبهم دون مشاركتهم في المباريات خسارة كبيرة للأندية فمستحقاتهم تناهز 700 مليون جنيه يتم دفعها نظير عقود اللاعبين وأقساط صفقات الانتقال التي تُسدد وفقًا لشروط كل عقد، وفي الغالب يتم دفعها بصورة شهرية، ولا تحقق الأندية منها أي عائد في ظل جلوس اللاعبين في المنازل.

تخفيض الرواتب

وقرر نادي “بيراميدز”، الذي يتلقى تمويل خليجي ضخم ويضم لاعبين من أمريكا اللاتينية، دراسة تخفيض رواتب لاعبيه وتعديل عقودهم خلال الفترة المقبلة، بسبب توقف النشاط الرياضي، بينما عانى “مصر المقاصة” من أزمة مع لاعبيه الذين لم يتحملوا تأخير الرواتب بسبب الظروف الحالية وهددوا بالرحيل.

كما قرر الاتحاد المصري لكرة القدم تخفيض رواتب جميع المدربين العاملين في المنتخبات الوطنية دون استثناء لتخفيف الأعباء المالية التي أصابته بعد تفشي فيروس كورونا وتوقف المسابقات المحلية (الدوري المصري الممتاز – كأس مصر – دوري الدرجة الثانية المظاليم – الدوري المصري الدرجة الثالثة – الدوري المصري الدرجة الرابعة).

وعلى مستوى حقوق البث، خسرت أندية الدوري الممتاز المبالغ التي يحصلون عليها مقابل بث المباريات على قنوات “أون تايم سبورت” الحاصلة على حقوق البث التليفزيوني للدور المصري، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 100 مليون جنيه يتم توزيعها على الأندية وفقًا لقيمة وتاريخ وشعبية كل منها، ويرى محللون أن الأندية الصغيرة ستكون الخاسر الأكبر نظرًا لضعف إمكانياتها المالية وهو ما يهدد بعضها بالإفلاس.

إشكالية الإلغاء

تتزايد إشكاليات إلغاء الدوري في تضرر الشركة الراعية التي تطلب تمديد العقد للعام المقبل بسبب الخسائر الإعلانية التي تكبدتها وتصل إلى 500 مليون جنيه موزعة بين مقدمات التعاقد مع الأندية كالنادي الأهلي الذي حصل على 30 مليون جنيه وتكلفة التعاقدات الإعلانية التي لم تتم وبيع حقوث البث لقنوات عربية، وكلها ضاعت بسبب توقف المسابقة.

وتمثل بطولة الدوري رأس الحربة لباقي المسابقات الرياضية الأخرى، وحال إلغائها ستتوقف باقي الأنشطة الرياضية الأخرى مثل كرة السلة والطائرة وغيرها، ما يؤدي إلى توقف الأندية عن دفع رواتب العاملين بها وتسريح البعض لتقليل نفقاتها الشهرية وباعتبار أن تلك الأنشطة لا تحظى بشعبية كبيرة من الأساس.

وتتبنى بعض الأندية المصرية موقف براجماتي إزاء المسابقة فلا مانع لديها من الإلغاء شريطة أن تتحمل الدولة التكلفة، وهو أمر مستبعد، بينما ترفض الأندية الكبيرة التي تخوض مسابقات على المستوى الإفريقي لفقدانها جاهزيتها.

ضيق الوقت

وتعاني اللجنة الخماسية من ضيق الوقت فالموسم الجديد 2020 /2021 على الأبواب، والذي يشهد أيضًا تصفيات أمم أفريقيا وأولمبياد طوكيو التي تتطلب تفرغ اللاعبين بجانب استضافة بطولة كأس العالم العسكري، واستئناف الدوري الحالي مع تأجيل الدوري الجديد لشهر أكتوبر كما يطالب البعض، ما يضع المشاركين في تلك البطولات في ورطة الإجهاد البدني
بين مؤيد ومعارض.

وقال لاعب الأهلي السابق وائل جمعة، في مداخلة مع قناة “بي إن سبورتس” إنه لا يوجد مبررات لإلغاء الدوري المصري، واعتبر الأمر محاولة لحرمان ناديه السابق من لقبه الـ 42، ما خلق حالة من الجدل بين جمهوري الأهلي والزمالك بعدما شعر مشجعو الأخير أن هناك تلميحات ضدهم.

ودعا حسام زايد، الناقد الرياضي، إلى إلغاء الدوري وتشكيل لجنة تضم وزير الشباب والرياضة ورئيس اتحاد الكرة ورؤساء الأندية وممثل للشركة الراعية يتم خلالها دراسة تعاقدات اللاعبين وحقوق الشركة الراعية وخسائرها وإمكانية ترحيل التعاقدات للعام المقبل تعويضًا لها عن الإعلانات، ودور الدولة في دعم الأندية.

 

 

لكن الإلغاء لن يمر بسهولة على النادي الأهلي الذي تصدر ترتيب الموسم المتوقف برصيد 49 نقطة بفارق 16 نقطة عن “المقاولون العرب ” صاحب المركز الثاني برصيد 33 نقطة، يليه “بيراميدز” برصيد 32 نقطة، ثم الزمالك برصيد 31 نقطة.

وتتعقد المشكلة في كيفية تحديد الفرق التي يفترض هبوطها للدرجة الثانية “المظاليم” والتي يفترض صعودها بدلًا منها، فكل الأندية التي تتذيل الترتيب حاليًا تعتبر أن لا يزال لديها فرصة في تحسين موقعها في البطولة حال استئنافها.

ويقول زايد لـ”360″، إن وزارة الشباب والرياضة قررت أن تعود الأندية لاستئناف نشاطها فعليًا في أغسطس واستغلال الفترة التي تسبقها في الاستعداد والفتح التدريجي في إجراءت التعقيم واستئناف التدريبات بعد فترة التوقف، وبالتالي يصبح الوقت ضيقًا جدًا على استكمال النشاط، لكنه يطالب في الوقت ذاته باعتبار الموسم الحالي كأن لم يكن دون تحديد بطل للمسابقة خاصة أن لائحة اتحاد الكرة لا تتضمن التصرف في مثل هذه الظروف.