مع انتشار فيروس كورونا تستوجب نظم التعليم في مصر تغييرات كبيرة، ليتم تطويعها وفقًا للظروف الحالية، فمع ظهور الحالات الأولى المصابة في شهر مارس الماضي، تذبذت تصريحات الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، بين تأجيل الدراسة وإلغائها، حتى تم الإعلان عن إلغاء الفصل الدراسي الثاني خاصة مع ارتفاع أعداد الإصابات في أكثر من محافظة، وتماشيًا مع تعليمات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وإقرارهما ضرورة التباعد الاجتماعي.
بينما ينتظر العام الدراسي الجديد (2020 – 2021)، مصيرًا ضبابيًا، مع زيادة الإصابات التي تتخطى 1500 حالة يوميًا، فلا أحد يعلم إذا كان سيتم تأجيله، أم سيستأنف بنظام التعلم عن بعد.
أثار الاحتمال الثاني عدة تساؤولات جاءت في مقدمتها مصروفات مدارس اللغات الخاصة، وهل ستظل كما هي بالرغم من عدم ذهاب الطلاب للمدرسة؟.
تخفيض المصروفات
عدد من أولياء الأمور، دشنوا حملة عبر الإنترنت تحت شعار “معًا ضد جشع مدارس اللغات”، طالبوا من خلالها بتخفيض مصروفات العام الجديد، حال اعتماد نظام الدراسة عن بعد.
تقول “نيرة عبد المحسن”، وهي أم لأربعة أطفال في المرحلتين الابتدائية والإعدادية بإحدى مدارس اللغات بمنطقة المعادي، إنها تنفق ما يصل لنحو 70 ألف جنيه لأبنائها الأربعة، مع العلم أنهم ليسوا في مدرسة “دولية” هي فقط مدرسة لغات “عادية”وفق قولها، مضيفة لـ “360” أن التعلم عن بعد غير مكلف بالنسبة للمدرسة، فلماذا الإصرار على تحصيل المصاريف كاملة؟، تتساءل.
اقرأ أيضًا:
وتوافقها الرأي “مي محمد”، وهي أم لطفلتين بمدرسة لغات خاصة، موضحة أن ابنتيها في المرحلة الابتدائية وتدفع ما يصل لـ 30 ألف جنيه سنويًا بخلاف “الباص”، الذي تصل تكلفته لـ 10 آلاف جنيه، جيث تتسائل لماذا تدفع كل ذلك إذا كانت ابنتاها ستدرسان من المنزل؟.
مخاوف المعلمين
على الجانب الآخر، يرى عدد من المعلمين الذين يعملون بمدارس خاصة، أنهم يحتاجون في ظل هذه الظروف إلى زيادة في المرتب، فكيف يتم تخفيض المصروفات إذًا، معربين عن مخاوفهم من تحمل نتائج حملات أولياء الأمور بتخفيض رواتبهم أو تسريح بعضهم.
من بين هؤلاء المعلمين سهام محمد، معلمة بالمرحلة الابتدائية بمدرسة خاصة للغات بمنطقة شبرا الخيمة، والتي توضح لـ “360”: “المدرسون متضررون بشدة هذه الفترة بسبب توقف الدروس الخصوصية، كما قرر عدد كبير منهم التقدم بطلب لمدارسهم لزيادة الرواتب حتى يتمكنوا من سد العجز الذي يعانونه، وهم في انتظار رد أصحاب المدارس الخاصة، ولذلك فإن حملات أولياء الأمور المتعلقة بتقليل المصروفات من شأنها الضغط على الإدارات لتعطيل طلبهم”.
“التعلم عن بعد مكلف جدًا”، يقول هشام محمد، معلم الرياضيات بإحدى المدارس الخاصة بحي المعادي، مستنكرًا ما وصفه بحجة أولياء الأمور في طلب تخفيض المصروفات بأن التعلم عن بعد لا يكلف كثيرًا، مضيفًا لـ”360”: “حجة واهية وذلك لأنه بشكل عملي يحتاج إلى إعادة هيكلة شبكة الإنترنت والسيرفرات الخاصة بكل مدرسة وتقوية شبكات الاتصال فيها، وتغيير معظم الأجهزة أو رفع كفاءتها لتتحمل ضغط أولياء الأمور والتلاميذ، في الدخول إلى الشبكة، كما أنه لا يمكن الاستعاضة عن المدرسين خلال هذه العملية”، مضيفًا: “على العكس سيحتاج التعلم عن بعد إلى عدد كبير من المعلمين وذلك لطبع أوراق التقيمات وتصحيحها وإعادة إدخالها للنظام الآلي مرة أخرى وإرسالها لكل فصل على حدة، كل ذلك يحتاج إلى عدد كبير من الأيدي العاملة”.
تحذيرات النقيب
وسط تلك المشادات حذر خلف الزناتى نقيب المعلمين، ورئيس اتحاد المعلمين العرب، في بيان له بعض المدارس الخاصة من قيامها بالاستغناء عن أي معلم بعد قرار تعطيل الدراسة.
وقال “إن النقابة ستدافع بكل الطرق الشرعية والقانونية عن أعضائها، ولن تتركهم فريسة لأصحاب بعض المدارس الخاصة الذين حولوا التعليم إلى سلعة تباع وتشترى، خاصة في ظل تدني مرتبات المعلمين، حيث أجبرت بعض المدارس المعلمين على أخذ إجازات إجبارية بدون أجر”، موضحًا: “قد وردت للنقابة عدد كبير من الشكاوى من المعلمين بهذا الصدد”.
اقرأ أيضًا:
وأضاف الزناتي في بيانه، أنه لا يجب المتاجرة بالأوضاع الاستثنائية الحالية للدولة، والتأثير بشكل سلبي على قطاع كبير من المعلمين، حيث يوجد أكثر من 92 ألف معلم فى 8 آلاف و171 مدرسة خاصة على مستوى الجمهورية، مطالبًا بأن تقوم وزارة التربية والتعليم باتخاذ إجراءات حاسمة ضد أصحاب المدارس الخاصة.
لم يحسم بعد
فيما يقول محمود السيد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالقاهرة، إن كل ما يتعلق بالعام الدراسي الجديد وشكل الدراسة خلاله تحدده غرفة عمليات تشكلت لهذا الغرض، والتي لم تتخذ أي قرار بعد، مضيفًا أنه من المقرر أن تتخذ الوزارة قرارًا حاسمًا في وقت قريب، مؤكدًا أنه سواء كان التعلم عن بعد أو كما هو في سابق عهده، سيحصل الطالب على نفس الخدمة التعليمية الجيدة.