يتخذ الجميع موقفًا صلبًا عند الحديث عن انتهاك بعض الحكومات لخصوصياتهم بالتجسس على حياتهم الخاصة، فهو من الأمور المرفوضة التي لا تقبل نقاشًا أو جدالًا، إلا أن هذه الصلابة سرعان ما تخفت فيما يتعلق بانتهاكات بعض تطبيقات الهواتف الذكية للحياة الشخصية، حيث تُخترق الخصوصية بموافقتهم وترحيبهم، وينطبق هذا الكلام على المصريين أيضًا.

13 عامًا هي عمر تطبيقات الهواتف الذكية في مصر، وذلك عام 2008 عندما تم إطلاق متجر تطبيقات “آبل” وتمت إتاحة 800 تطبيق فيه، فبالرغم من وجود تطبيقات قبل هذا الوقت، إلا أنه لم يكن يطلق عليها مصطلح “تطبيق” بل كانت تحت مسمى “مميزات، وكانت مع نظام الهاتف نفسه وليست من متجر “جوجل” كما هو عليه الوضع الآن.

وتطور الأمر أكثر في عام 2010، عندما أقرت جمعية “اللهجة الأمريكية” إطلاق مصطلح تطبيق على تلك الأدوات، ومنذ ذلك الوقت وهي آخذة في التمدد داخل حياة الجميع، بداية من تطبيقات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى تطبيقات الخدمات وطلب الطعام والتوصيل والأطباء والتعليم وغيرها مما يلتصق بأمور الحياة اليومية.

اقرأ أيضًا:

“صلاح” في الحجر المنزلي.. كسر الملل بالكوميديا المصرية وقراءة التاريخ

جميع هذه التطبيقات كي تبدأ عملها على الهواتف تطلب من المستخدم الموافقة على عدد من الأمور، يأتي في مقدمتها الاطلاع على الصور الموجودة على الهاتف، وعلى تسجيلات الصوت، وسجل المكالمات، معرفة مكان الفرد وموقعه تحديدًا، وغيرها من الأمور التي من شأنها أن تنتهك خصوصية الأفراد، بل وتجعلهمم مستباحين من قبل شركات وجهات منها المعلوم والمجهول، فلماذا يقبل الأفراد بهذه الشروط التي تتبعها كل التطبيقات، في الوقت الذي يرفضون فيه انتهاك خصوصياتهم حال قامت به الحكومات؟

إدمان

يرجع السبب في كثير من الحالات لأسباب خارجة عن إرادة الشخص الفعلية وهي “الإدمان”، فثبت أن هناك نوع من “الإدمان” يرتبط بالهواتف الذكية وجميع التطبيقات عليها، فيجد الفرد لنفسه حياة موازية لحياته الطبيعية، ومع الوقت يستمتع بتلك الحياة ولا يستطيع الخروج منها بسهولة، ونتيجة رغبة الفرد في التعايش مع هاتفه أكبر فترة ممكنة يوافق على جميع الشروط والقيود التي تفرضها تلك التطبيقات.

 

وفي بعض الأوقات يزداد استخدام الأفراد لتلك التطبيقات بسبب العمل ونوعيته التي تتطلب التعامل الكثير مع تلك التطبيقات كالعمل في المبيعات وغيرها من الأمور المشابهة.

من بين تلك التطبيقات تطبيق “واتس آب” و”فيسبوك” و”اطلب” و”فيزيتا” و”حظك اليوم” و”تليجرام”، وغيرها من الأدوات التي تتبارى لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين.

رفض الواقع

يقول الدكتور مصطفى عبد المجيد، أستاذ علم النفس الاجتماعي، إن الشخص الذي يستخدم هاتفه بكثرة، سواء باستخدام تطبيقات بعينها أو ألعاب إليكترونية، غالبًا ما يعاني خللاً في وسطه الاجتماعي، فيتخذ من الهاتف بديلاً عن الحياة الطبيعية أو الاجتماعية كنوع من أنواع الهروب، خاصة وأن تلك التطبيقات معظمها مجاني ويرتبط استخدامها بحياة الفرد اليومية.

 

وأثبتت الدراسات أن كل من يتعرض إلى الإنترنت لفترة أكثر من 20 ساعة أسبوعيًا، هم الأكثر عرضة للإصابة بالإدمان الإليكتروني، كما أن الشباب هم الأكثر عرضة من الفتيات لهذا النوع من الإدمان، بالإضافة إلى الأشخاص الانطوائيين والمراهقين.

اترك الهاتف

أحد أهم القواعد التي أرساها عالم النفس الأمريكي جون فلوريد في علاج الإدمان للإليكترونيات، هي ضرورة اعتياد الفرد على ترك هاتفه لمدة معينة من الوقت يتم تحديدها بشكل تدريجي وتقليل استخدامه واستبدال ذلك بالخروج مع الأصدقاء، فلو كان الفرد يستخدم هاتفه لمدة 10 ساعات يوميًا فعليه محاولة تقليل المدة تدريجيًا لتصبح 8 ثم 7 ثم 5 ساعات، مع ضرورة تحديد الأشياء التي يقوم بها الفرد على الهاتف، وأن تبتعد قدر المستطاع عن استخدام التطبيقات.

اقرأ أيضًا:

كيف أصبح “NETFLIX” أداة للنصب في العزل المنزلي؟

احمي نفسك

وبالرغم من كل ما سبق، فإن هناك عدة طرق يمكن للفرد من خلالها حماية نفسه من تلصص التطبيقات عليه، أول تلك الخطوات من خلال إعدادات الهاتف الذكي نفسه، حيث لا يحتاج معظم المستخدمين إلى تثبيت برامج مختلفة من مصادر أخرى، فتوفر معظم الهواتف الذكية العديد من الخيارات المميزة من أجل مكافحة الاختراق والحفاظ على الخصوصية الخاصة بالمستخدمين، فيجب تعيين كلمة سر قوية على الهاتف الذكي، مكونة من حروف وأرقام ورموز حتى لا يتم اختراقها بسهولة، أيضاً يجب الحذر من شبكات “واي فاي” المفتوحة حول الهاتف، فلا يدخل الفرد إلا على الشبكات التي يعرف مصدرها.