“حنين حسام، مودة الأدهم، شيري هانم وابنتها” ثلاثة أسماء ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، ليس فقط للمحتوى الذي تقدمه، لكن بسبب القبض على صاحبات هذه الأسماء، وتقديمهن لمحكمة الجنايات تحت مظلة تهمة واحدة وهي “هدم القيم الأسرية”.
تلك التهمة المستحدثة التي أصبحت تلاحق السيدات على منصات التواصل الاجتماعي، ورغم حداثة استخدام التهمة، إلا أنها أصبحت ضمن قانون مراقبة الفضاء الإلكتروني منذ مايقرب من عامين، وهو قانون “جرائم تقنية المعلومات”.
وكانت النيابة العامة قد أمرت بإحالة الفتاتين “حنين حسام” و”مودة الأدهم” وثلاث أخريات إلى المحاكمة الجنائيَّة مع استمرار حبسِهن.
واتهمت النيابة العامة الفتاتين بالتعدي على المبادئ والقيم الأُسريَّةِ في المجتمع المصري، وإنشائهما وإدارتهما حسابات خاصة عبر الشبكة المعلوماتية لارتكاب تلك الجريمة، واشتراك الباقين معهما في الجريمتين المشار إليهما، وحيازة إحداهما برامج مصممة بدون تصريح من جهاز تنظيم الاتصالات.
أيام قليلة فصلت بين بيان النيابة العامة باتهام “حسام” و”الأدهم” بهدم القيم الأسرية، وبين اتهام سيدة تدعى “شريفة” وشهرتها “شيري هانم”- و”نورا” – وشهرتها “زمردة” بالتهمة ذاتها.
وجاء في بيان النيابة العامة، أن السيدة وابنتها اتهمتا بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وانتهاكهما حُرمة الحياة الخاصة، ونشرهما بقصد التوزيع والعرض صورًا ومقاطع مصورة خادشة للحياء العام، وإعلانهما دعوة تتضمن إغراء بالدعارة ولفت الأنظار إليها، واعتياد إحداهما ممارسة الدعارة وتحريض الأخرى لها ومساعدتها على ذلك وتسهيلها لها، وإنشائهما وإدارتهما واستخدامهما حسابات خاصة بالشبكة المعلوماتية بهدف ارتكاب تلك الجرائم.
من جانبها أشارت “انتصار السعيد” المحامية الحقوقية، إلى أن هذه الاتهامات جاءت استنادًا لقانون جرائم تقنية المعلومات 175 لسنة 2018، حيث نصت المادة 25 من القانون: “يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر، وبغرامة لاتقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع اليكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة”.
كما ذكرت أن هذا بالإضافة إلى المادة (26) والتي نصت على: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه”.
تعبيرات مطاطة
وترى المحامية الحقوقية، أن استخدام هاتين المادتين يعتمد على تعبيرات مطاطة تساهم في الملاحقة القانونية لـ”مشاهير السوشيال ميديا”، كما حدث مع الفتيات والمتهمات، موضحة أن هناك بعض الأشخاص من “اليوتيوبر” المتخصصين في مراقبة المحتوى الرقمي للسيدات على منصات “سوشيال ميديا” وتقديم بلاغات بها.
وأكدت أن هؤلاء الأشخاص اعترفوا بأنفسهم بالتبليغ عن الفتاتين و”شيري” وابنتها وبعد القبض عليهن قاموا بالاحتفاء عبر قنواتهم على “يوتيوب”، مشيرة إلى أن هذا الأمر يساهم في تغذية فكرة السلطوية، وإحساسهم تجاه المجتمع، وخصوصًا النساء بضرورة المراقبة والتحكم.
وأوضحت “السعيد” أن النظرة الدونية للنساء لازالت متفشية في المجتمع المصري، وأن أي اختلاف للمرأة غير مقبول بالمرة وقد يعرضها للخطر، وهو ما حدث في القضايا المشار إليها.
استهداف بشكل عام
من جانبها ترى “منى عزت”، الناشطة النسوية والكاتبة الصحفية، “أن السيدات بشكل عام مستهدفات، وهذا الأمر ظاهر بشكل كبير في تركيز المجتمع ككل في كل شيء يخص النساء من ملبس وحركة وتعامل ونشاط …إلخ” بحسب رأيها، كما أنها أكملت قائلة: “وبالتالي مع نشاط ظهور النساء على مواقع التواصل الاجتماعي أثار الانتباه لمجرد أنهن نساء”.
وأضافت أن هناك سلطة أبوية تمارس على الناس بشكل لافت من كل الجوانب، وأن هناك أناس نصبوا أنفسهم حكماء ورقباء على المجتمع ككل وعلى السيدات بالأخص.
وأشارت إلى أن بوصلة القيم في المجتمع مفقودة وأصبحت تقديرية وبالتالي كل شخص يحكم بأهوائه الشخصية، وجميع القوانين التي حملت الجمل الأخلاقية والقيم تُركت للسلطة التقديرية دون وجود بوصلة حقيقة تجعل من مخالفيها مخطئين.
وأوضحت “أن المجتمع طوال الوقت يحمل المرأة وهي الحلقة الأضعف تهمة الغواية والإفساد بسبب النظرة المتدنية لها، ولأن المجتمع ككل يفتقد للبوصلة الحقيقة فكل ينظر للقيم بنظارته الخاصة وفقًا لأهوائه وثقافته وقناعاته”.