التداوي بالأعشاب ليس وليد اللحظة، ولكنه أصيل في عمق تاريخ الشعوب حول العالم، ففي جبال الألب عثر على جثة رجل مات قبل 5300 عام وظلت جثته متجمدة، وبالفحص كان حاملاً في أمتعته مجموعة من الأعشاب، وفي الصين واليابان استخدمت الأعشاب والتداوي بها كأحد الطقوس شبه اليومية، أما في مصر فجدران المتاحف و المعابد المنتشرة في أرجائها خير شاهد على قدرة وبراعة الفراعنة على استخدام هذا النوع من العلاج باعتباره العلاج الوحيد للتداوي.

منظمة الصحة العالمية في أحد بياناتها أكدت أن ما يقرب من 80% من سكان العالم يستخدمون الأعشاب كعلاج أولي نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية، إلى أن لاحت أزمة فيروس كورونا في الأفق واخترقت العالم مسببة أكبر صدمة للعلماء والمختصين، فأصبح البحث في عالم النبات ودراسة فاعلية الأعشاب ضرورة وجانب هام لم تغفله الدول العظمى في البحث عن لقاح جديد أو الوصول لعلاج للفيروس المتحول “كوفيد 19″، وتصدرت هذه الدول الباحثة عن مخرج من الأزمة الولايات المتحدة الأميركية والصين وإيطاليا المنكوبة.

أحلام البسطاء تتبخر أمام

التداوي بالأعشاب 

هناك خلط في التعامل مع الأعشاب بين حقيقة وفاعلية بعض النباتات العشبية وبين التجارة التي وصفها المختصون بـ “الرخيصة”، التي تتم إدارتها في القنوات التليفزيونية والسوشيال ميديا.

محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، أكد أن النباتات الطبية تدرس في السنة الرابعة للصيادلة، وهناك شركات عالمية عملاقة تعمل على الأمر  في الولايات المتحدة الأمريكية والصين والكثير من الدول، ويتم استخدامها بعد حساب فاعليتها في العلاج لبعض الأمراض السريعة، وفي أزمة انتشار فيروس كورونا الأخيرة قامت أمريكا وإيطاليا باستدعاء أساتذة نباتات لرفع مناعة الجسم في مواجهة فيروس كورونا.

 

وأضاف “فؤاد” أن ملف النباتات الطبية أحد الأبواب الحيوية في العلاج، والتي تحتاج لمعالجة علمية فعلية لما بها من ثراء كبير، خاصة أن مصر قد تكون في الريادة لما تتمتع به من تنوع عشبي في سيوة وسيناء وغيرها من المدن المعروفة باحتوائها على نباتات نادرة وفعالة في محاربة الكثير من الأمراض.

اقرأ أيضًا:

النقابات ومكافحة “كورونا”.. أيادى بيبضاء فى مواجهة الوباء

أما الدكتور علي عبد الله، مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية والإحصاء ومكافحة الإدمان، فأكد أن علم الأعشاب واسع ويتم التعامل معه باستهتار كبير وساهمت ثقافة المواطن في الانجرار فيه وراء غير المختصين، وهناك أمثلة لا نهائية لفاعلية الأعشاب في العلاج، ومنها على سبيل المثال لا الحصر “عقار الكلوروكين الذي ثبتت فاعليته في علاج كورونا فهو مشتق من نبات “السنكونا” الكافور، وكذلك التوصل إلى فاعلية القرنفل والعرقسوس والكاموميل والحبة السوداء والجنزبيل والقرفة في علاج كورونا أو تعزيز مناعة الجسم، والمورفين المشتق من الأفيون، وأدوية المغص المشتقة من نبات الداتورا، فضلا عن الكافيين والنيكوتين الأكثر استعمالا في العالم والمشتقين أيضًا من نباتات عشبية”.

وأضاف أنه رغم فاعلية الأعشاب إلا أن الاحتياج الى العلم أمر لا غنى عنه، بل هو أساس التعامل معها، فالعرقسوس يرفع الضغط لذا استخدام مرضى الضغط له قد يكون قاتلاً، والأصحاء في وصفه لهم يحتاجون إلى كمية نقية منه بنسب محددة، فرغم أن الأعشاب هي أصل لكل علوم الصيدلة إلا أنها تحتاج تدخل الدولة بالرقابة من جديد عليها حيث باتت مجال تجارة لا رقابة عليه يستخدم ثقافة المواطن لابتزازه ماليًا من خلال “دجالين”، مما يساهم في الحد من الإصابة بـ”كورونا”.

تجارة الأزمات

وأكد الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل مجلس إدارة نقابة الصيادلة، أكد أن ما نعاني منه الآن في ظل انتشار فيروس كورونا المتحول “كوفيد 19” أقرب لما كان يشاع قديمًا بالعامية عن “مرض فقر الدم” وهو ناتج عن تدهور الغذاء الصحي في المنازل والاعتماد على الوجبات السريعة، وهو ما ساهم في تدمير الجهاز المناعي، مؤكدًا أن البعض قد يتساءل عن سبب العلاج السريع للأمراض في الماضي واختلال الأمر في الوقت الحالي، فمثلا المصاب بجرح كان يضع فوقه كتلة ترابية ويتعافى ونزلات البرد تعالج بالإسبرين مع الشاي وهكذا، والإجابة واحدة هي قوة الجهاز المناعي للجسم، فجسد الإنسان أشبه بالدولة وجيشها هو الجهاز المناعي”.

وعن استخدام الأعشاب في معالجة فيروس “كورونا” وتحوله لتجارة رابحة في هذه الأزمة، أكد وكيل نقابة الصيادلة في تصريح خاص، أنه لو تم الإعلان عن قرب حلول القيامة سنجد المواطنين يتاجرون في المصاحف والأناجيل، فالأعشاب معروفة ومستخدمة بداية من تذكرة داوود وحتى المسميات الحديثة ولا حاجة للوقوع في براثن المستغلين، فهناك أصناف من الأعشاب والأطعمة بالفعل تقوي من الجهاز المناعي ومتوفرة “كحبة البركة والقرفة والجنزبيل والعسل الأبيض ومشتقات الألبان المختلفة والأسماك والخضروات من فجل وجرجير وخس وكذلك الليمون والترمس والجوافة”.

أعراض جانبية

أحد أهم الأسباب التي تدفع المواطنين نحو التداوي بالأعشاب هو أسعارها مقارنة بالأدوية التي أصبحت مرتفعة الثمن ويصعب على الكثيرين توفيرها، فضلا عن الخبرات الموروثة بين المواطنين والثقافة المرتبطة بعدم وجود تأثير جانبي للأعشاب أو إحداثها خلل هرمونى كما يحدث عند تناول أدوية خاطئة.

 

اقرأ أيضًا:

أكثر نقلًا للعدوى.. سلالة جديدة من “كورونا” تجتاح العاصمة الصينية

 

ومن جانبه، أكد الدكتور مصطفى الوكيل، عضو مجلس إدارة نقابة الصيادلة، أنه بعد حدوث جائحة كورونا تكالب المواطنون على الصيدليات وقاموا بتخزين الأدوية في المنازل، وهو ما أحدث خللًا كبير في القدرة على توفير الأدوية للمصابين بالفعل علمًا بأن غير المصاب يمكنه تعزيز قوة مناعته من خلال عناصر طبيعية ومفيدة، فيمكنه الحصول على الزنك من الترمس وكذلك فيتامين c يستطيع الحصول عليه من الجوافة والبرتقال والليمون وبعض الخضروات ويترك المواد الكيميائية للمصابين فعليًا، مؤكدًا أن تناول الأدوية بكثرة وبدون داعي مدمر للكلى والكبد والكثير من أجهزة الجسم على عكس الأعشاب والتغذية المتوازنة.