يعتقد كثير من علماء النفس والاجتماع، أن فيروس كورونا سيؤثر على طبيعة حياتنا على المدي البعيد، إذ أن العالم والعلاقات الاجتماعية بعد الجائجة لن يكونا كما كانا قبله، بل سيحكمهما الحذر والتواصل عن بعد، فميا تطرق آخرون إلي أن تبادلنا الحب سيبقى عبر الشاشات ومواقع التواصل حتى بعد انتهاء الأزمة، خاصة بالنسبة للأجيال الأصغر سنًا.

لا شك أن كل التعليمات والإرشادات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية بغية الحد من انتشار فيروس كورونا، تتناقض تمامًا مع فكرة التقارب الإنساني وزيادة التواصل الاجتماعي المباشر، بحيث تدعو جميع الدول اليوم إلى “التباعد الاجتماعي” حتى مع تخفيف الإجراءات الاحترازية، فهل سيترك ذلك أثرًا على العلاقات والسلوكيات الاجتماعية أم سيمر الأمر ويبقى في طي الكتمان؟.

 

تغيرات وترقب

وفي استطلاع حديث أجرته إحدى الصحف العربية، حول هل من الممكن أن تفرض أزمة انتشار فيروس كورونا أنماطاً جديدة من العلاقات الاجتماعية، رأى العديد من المشاركين أن ما يعيشه الناس حول العالم من تباعد اجتماعي يخلق لديهم حالة من الترقب للعودة من جديد إلى حياتهم المعتادة كما كانت قبل الجائحة.

في حين فئة قليلة ترى أن العلاقات الإنسانية ستعود أفضل مما كانت عليه في السابق، وأن الانتظار والأمل يكمنان في اختفاء هذا الفيروس، لتعود الحياة الطبيعية، ويستعيد الشخص تفاصيل يومه المعتادة.

ويتوقع خبراء الصحة العامة، أن يستمر العالم بتطبيق التباعد الاجتماعى حتى بعد عودة الحياة لطبيعتها مرة أخرى، مثل الاكتفاء بالإشارة باليدين بدلاً من المصافحة بالتقبيل أو باليد، وذلك للحفاظ على الصحة العامة والوقاية من أى أمراض معدية أخرى.

وكشف بحث أجرته جامعة “هارفارد” الأمريكية، أن إجراءات التباعد الاجتماعي قد تفرض من وقت لآخر حتى العام 2022 في الولايات المتحدة، ما لم يتوصل العلماء لوسائل أخرى فعالة مثل، اللقاحات أو الأدوية لكبح انتشار الفيروس، وقد تطبق تدابير صارمة للحجر الصحي.

واعتبرت الدراسة أن هناك أسبابا عديدة أدت إلى تبني سياسية التباعد الاجتماعي بوصفها من أفضل السبل للحد من انتشار وباء كورونا؛ إذ يعتقد العلماء أن كل شخص مصاب بالفيروس قد ينقله إلى شخصين أو ثلاثة أشخاص في المراحل الأولى لتفشي الفيروس.

اقرأ ايضًا: عقوق الآباء المصابين بـ”كورونا”.. تشوهات اجتماعية على جناح الوباء

طبيعة مرنة

ويختلف علماء النفس حول ذلك، إذا يرى بعضهم أن طبيعة الإنسان السيكولوجية “مرنة” بحد ذاتها، لذا من السهل أن يعود إلى سابق عهده فور عودة الحياة لطبيعتها، مرجعين ذلك إلى أن عودة الانتظام إلى الروتين القديم، ستجعل الشخص ينسى ما اعتاد عليه في الفترة البسيطة من حياته خلال مدة الأزمة.

ويقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن طبيعة الإنسان تتميز بالمرونة والتطبع على الواقع المعاصر، فطبيعة الإنسان تميل للسهولة في التعامل وهو ما يدفع الكثيرين إلى نسيان ما عاشوه في الفترة الراهنة والاستجابة إلى روتين حياتهم المعتاد، ولكن ذلك سيستغرق وقتًا، من الممكن أن يطول بحسب طبيعة التجربة والتي تتباين من فرد لآخر.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، قول ديبورا تانين، أستاذة اللغويات بجامعة جورجتاون، “إنه لطالما اعتقد الفرد أنه بعيد عن الكوارث التى تحدث فى أماكن أخرى فى العالم، بينما كثير من تصرفاتنا الراهنة هى من نتائج الإنفلونزا التى اجتاحت العالم سنة 1918، نحن ندرك الآن خطر التلامس والتنفس فى الأماكن المغلقة، وتراجع هذا الوعى سيختلف من فرد إلى آخر، ولكنه لن يختفى تماما، وقد نقع جميعا ضحية للوسواس القهرى فى غسل اليدين وعدم ملامسة الوجه”.

 

سنبدأ بالشعور بالراحة مع غياب الأشخاص حولنا خاصة من لا نعرفهم بشكل وثيق، سترتفع نسبة التواصل عبر الانترنت ومن لا يملكون القدرة على الولوج إليه سيزداد شعورهم بالحرمان.

اقرأ ايضًا: “الضحية الكبرى”.. قلق أممي من مخاطر “كورونا” على المرأة

حبيبي عدو

وفي ألمانيا، أظهر استطلاع رأي أجرته وكالة المواعدة الإلكترونية “بارشيب”، وشمل حوالي ألف مواطن، أن 27 في المئة من هؤلاء الذين يعيشون في شراكة مع بعضهما البعض لا يشعرون بالثقة مما إذا كانت العلاقة سوف تنجو من الأزمة دون ضرر.

وتعتقد مستشارة العلاقات الجنسية، آن مارلينه هانينج، “أنه من المهم أن نفهم كيف وصلنا إلى هذا الوضع، أجسامنا وعقولنا مستعدة للخطر مثل القتال أو الهروب”، مضيفة “هناك خطر أن يبدأ المرء في أن يرى شريكه كعدو حتى بعد انتهاء الأزمة”.

 

ويعتقد خبراء أن استخدام الكثير برامج تطبيقات مكالمات الفيديو على الإنترنت بدلاً من مقابلة الأشخاص وجهاً لوجه، قد يستمر لفترة طويلة حتى بعد انتهاء فيروس كورونا، وهذا ما يراه المعالج النفسى  جايمي برونشتاين، سواء كانت علاقة صداقة أو حب، مشيرًا إلى أن هذه الخاصية تساعد على تقوية العلاقات العاطفية.

بينما تعتقد تريسي كروسلي، خبيرة العلاقات السلوكية، أن المزيد من الأشخاص سيرغبون في البقاء بدون زواج بعد فيروس كورونا، بسبب الخوف من العدوى.