برز دور النقابات المهنية ومؤسسات العمل بشكل ملحوظ، منذ بداية أزمة كورونا وزيادة عدد المصابين في مختلف المهن والأعمال،، و تسارع كل نقابة أو مؤسسة لتوفير الخدمات العلاجية والرعاية الصحية لاعضائها وفق استطاعتها، ولكن ما مصير من لا يستظلوا بمظلة نقابية أو يتبعون مؤسسة ما، هل يسقط حقهم في الصحة والرعاية؟ أم يبقي “الدعاء” طوق النجاة المشروع والوحيد لهم .

ووفق دستور منظمة الصحة العالمية، فأن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، ويشمل الحق في الصحة الحصول على الرعاية الصحية المقبولة والميسورة التكلفة ذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب.

يعني الحق في الصحة أن الدول يجب أن تهيئ الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة بقدر الإمكان.

اجراءات نقابية

وفي مايو الماضي، أعلن نقيب الصحفيين، ضياء رشوان، حزمة من الإجراءات لمواجهة انتشار فيروس كورونا بين أبناء المهنة، ومنها الاتفاق مع مجموعة من أساتذة واستشاريي الطب المتخصصين من خيرة كوادر مستشفيات الحميات، للتواصل معهم تليفونيا أو الكترونيا لاستشارتهم حول أي حالة اشتباه، وإبداء الرأي في التحاليل والإشاعات التي يجب القيام بإجراءها.

ويتيح مشروع علاج الصحفيين، وفق دليل هذا العام المحدث، كل الإشاعات والتحليلات المطلوبة للتأكد من حالة الاشتباه، وفي مقدمتها الأشعة المقطعية على الصدر بمختلف جهات التعاقد، بأسعار مخفضة، يتحمل العضو منها 200 جنيهًا فقط بدلا من تكلفتها العادية والتي تصل إلى 1000 جنيه.

كما يتيح مشروع العلاج إجراء مسحات كورونا بعد اتخاذ الاستشارة الطبية وإجراء الإشاعات والتحليلات السابقة، دون تحميل الصحفيين أعضاء مشروع العلاج وأسرهم أي تكلفة مالية، وذلك بمستشفيات قصر العيني التابعة لجامعة القاهرة.

علاوة على إتاحة أسرة وغرف للعزل بمستشفيات وزارة الصحة، لمن تثبت إصابته من الصحفيين وأسرهم، وتستلزم حالته ذلك، وستوفر وزارة الصحة حقائب العلاج لمن يتقرر عزلهم منزليًا، والمخالطين لهم.  

بينما أوضح المهندس محمود مغاوري، الأمين العام لنقابة المهندسين، إن المهندس هاني ضاحي، نقيب المهندسين، يتابع عمل لجنة الأزمات المنوط بها متابعة المهندسين مصابي فيروس «كورونا» المستجد، مشيرًا إلى أن النقابة تتابع الذين فقدوا عملهم بسبب الفيروس.

وكشف أن اللجنة تلقت أكثر من 380 بلاغًا من المهندسين حتى الآن، مؤكدًا أنه تم التعامل على الفور مع أصحاب هذه البلاغات، التي تنوعت ما بين إصابة بالفيروس واشتباه في الإصابة ومتضررين في عملهم بسبب الجائحة، وتم تقديم الدعم اللازم لكل حالة من خلال النقابة العامة أو من خلال رؤساء النقابات الفرعية بكافة محافظات مصر”.

وفي بيان له، شدد طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، على ضرورة اتخاذ الإدارة العليا بالبنك كافة الإجراءات والتدابير التي من شأنها الحفاظ على الكوادر البشرية، ومن بينها بذل الجهد في توفير أماكن الإقامة بالمستشفيات التي تقدم أعلى مستوى من العلاج أيا كانت التكاليف”. كما شدد في خطابه لرؤساء البنوك، على ضرورة  توفير أماكن الإقامة بالمستشفيات التي تقدم أعلى مستوى من العلاج أيا كانت التكاليف، لكل العاملين المصابين بالبنك وأسرهم مع تحمل كافة مصاريف العلاج والإقامة.

ويؤكد أحمد راغب، مدير تنفيذي للجماعة الوطنية لحقوق الإنسان، أن الحق في الرعاية الصحية والصحة حق مكفول لكل المصريين بموجب القانون والدستور، وهو التزام على الدولة تجاه مواطنيها، بغض النظر عن خلفياتهم وانتمائتهم سواء المهنية او الاجتماعية” .

وأضاف “راغب” لـ مصر 360، أن ما تقوم به النقابات بشكل عام هو من واجب دورها المنوط بمساعدة اعضائها ورعاية شئونهم، وتقديم خدمات صحية أو اجتماعية، وفي الاطار هذا تكون هناك بعض الخدمات الاضافية لاعضائها في وقت الأزمات، ولكن هذا لا يتناقض مع دور الدولة أو يلغي في تقديم الرعاية لمواطنيها، واصفًا ما تقوم به النقابات بـ”المشروع”.

اقرأ ايضًا: أكثر نقلًا للعدوى.. سلالة جديدة من “كورونا” تجتاح العاصمة الصينية

مطالب فئوية

ومع تقديم بعض النقابات الدعم لاعضائها، خرجت نقابة الأطباء لرفع مطالبها وحماية “جيشها الأبيض”، كما يطلق عليه، وهو ما جعل رئيس الوزراء مصطفي مدبولي ووزيرة الصحة، هالة زايد، يجتمع مع وفود من النقابة، على رأسها النقيب الدكتور حسين خيري، نافين أن يكون الأمر “فئوي” أو يخص النقابة بشكل شخصي.

الدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، في لقاءه برنامج “أهل مصر”، المذاع على قناة “سكاي نيوز عربية”، أن النقابة تريد إجراءات عملية على أرض الواقع، مثل توفير المستلزمات الطبية، وإجراء التحاليل اللازمة عند الاشتباه في الإصابة بفيروس كورونا، وتوفير أماكن للعزل عند تأكد الإصابة، مشيرًا إلى أن الوزيرة صرحت بأنه تم توفير 20 سريرًا في كل مستشفى لعزل الفرق الطبية وليس الأطباء وحدهم، لكن على أرض الواقع كل مستشفيات الحميات في مصر لا يوجد بها مكان شاغر.

وأشار إلى أن هذه ليست مطالب فئوية لأن مصر في ظروف لا تسمح بعرض المطالب الفئوية، ولكنها مطالب أساسية تتعلق بطبيعة العمل، نافيًا وجود استقالات أو حالات امتناع عن العمل بين الأطباء.

وشدد أمين صندوق النقابة، على ضرورة تغيير النظرة للأطباء بعد انتهاء الأزمة عالميًا ومحليًا، لافتا إلى أن اتحاد المهن الطبية يصرف 100 ألف جنيه لأسرة المتوفى بسبب كورونا، و20 ألف للمصاب.

وقد قرر اتحاد نقابات المهن الطبية، صرف مبلغ 50 ألف جنيه لكل عضو من أعضاء النقابات الأربعة أعضاء الاتحاد: “الأطباء البشريين، أطباء الأسنان، الصيادلة، الأطباء البيطريين”، يستشهد بسبب عدوى كورونا وصرف مبلغ 20 ألف جنيه لكل عضو يصاب بالكورونا، من أعضاء النقابات الأربعة، شريطة أن يكون العضو ممارسا للمهنة داخل مصر، وتم حجزه بأحد مستشفيات العزل، وحدد الاتحاد عدة اجراءات لتمويل هذا القرار.

اقرا ايضًا: “المسئولية المجتمعية” والقطاع الخاص.. ضرورة ملحة وتراجع ملموس

تراجع الدولة

ويقول محمد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أن الدولة مسئولة بشكل مباشر بتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها وبدون تميز، لاسيما في وقت الأزمات والأوبئة، ولكن عندما يتراجع دور الدولة يبرز دور النقابات المهنية والعمالية والجميعات الأهلية، بشكل ملحوظ، فاذا كان دور هذه النقابات والجميعات برزت في هذا الوقت فهذا يرجع لتراجع الدور الحكومي تجاه مواطنييها.

وتابع لـ مصر 360، أن للاسف الشديد هناك تمييز واضح بشأن الرعاية الصحية والخدمات العلاجية بين اعضاء النقابات وغيرهم وان كان بشكل محدود ايضًا، والمواطن البسيط أو دون الغطاء النقابي هو من يكون الضحية في النهاية ، مشيرًا إلى أن من حق المواطن الذي يدفع ضرائبه وواجباته تجاه مجتمعه أن يحصل على خدمات ورعاية صحية .

واختتم “عبد الحفيظ”، حديثه، أن لابد من مراجعة الدولة لأولوياتها، حيث يجب أن يأتي الصحة والتعليم اولاً، حتي لا يضطر أي مواطن للحصول على حقه بمفرده أو بمساعدة نقابة أو جهة عمله.

بينما أشار “راغب”  إلى أن رغم ذلك الدولة اتخذت خطوات وأن كانت محدودة في هذا الشأن، ذاكرًا ما قامت به الدولة تجاه العمالة الغير منتظمة، وهما لا ينتمون لتنظيم نقابي يدافع عن حقوقهم، وتقديم منح لهم، وهو يندرج تحت اعلان الدولة التزامها لتقديم الدعم لكل المواطنين .