مازال مسلسل الاستغاثات والبحث عن سرير داخل مستشفيات العزل أو التي تستقبل حالات الإصابة بكورونا مستمرا،  وشهدت مستشفيات حالة من التكدس بدأت مع الزيادة الملحوظة في أعداد المصابين، في وقت فقد فيه مصابون أرواحهم أثناء رحلة البحث عن مكان داخل هذه المستشفيات.

استغاثات

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي شاهدة على تلك الاستغاثات، فقد كتب أحمد نبيل أحد نشطاء “فيس بوك” عبر صفحته :” يا جماعة معايا حالتين كورونا محتاجين مستشفى حالا و مش عارف أتصرف ، الضغط على الناس اللي بتساعد زيادة و محدش بيرد ، في اي حد يعرف اي صرفة ؟؟ حد يبقى عارف و متأكد ان مستشفى بتقبل حالات ؟؟”.

أما الصحفي محمد عاطف فقد كتب عبر صفحته مستغيثا:” “مستشفى عاوزة تطرد مريض مصاب بكورونا عشان مفيش مكان…  طيب في مهزلة بتحصل دلوقتي حالا لمصاب بكورونا ومستشفى حميات حلوان عاوزة تمشيه، فمن فضلكوا اللي يقدر يساعد بوجود مكان يقولي ياريت يقولي أنا عندي تفاصيل الحالة”.

ومع تكدس المستشفيات العامة بدأ البعض يوجه قبلته إلى المستشفيات الخاصة على أمل إنقاذ الحالة المرضية قبل فوات الأوان، لكن أسعار المستشفيات التي قررت أن تقدم خدمة علاج كورونا جاءت مخيبة للأمال، الأمر الذي أثار غضب العديد من المواطنين والأطباء، في حين طالب برلمانيون بضرورة تطبيق قانون الطواريء على المستشفيات الخاصة لإجبارها على تقديم خدمة صحية بتكاليف أقل.

اقرأ ايضًا: تهديد المستشفيات الخاصة والانتخابات بالقائمة المطلقة..نشرة ٣٦٠ لحقوق الإنسان

أسعار فلكية

ووفقا لآخر الإحصاءات الرسمية، فإن  إجمالي عدد المستشفيات في مصر بلغ 1848 مستشفى، من بينها 1157 مستشفى خاص، بنسبة 62.6%، في حين مثلت مستشفيات القطاع الحكومي 37.4% فقط ، ضمت كلٍ من المستشفيات العامة والمركزية والتابعة لجهات حكومية، بإجمالي 691 مستشفى، وذلك وفقًا لأحدث أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في النشرة السنوية لإحصاء الخدمات الصحية الصادرة في نوفمبر 2019.

وكانت المستشفيات الخاصة والاستثمارية قد دخلت معترك علاج مرضى كورونا في مصر بداية من شهر أبريل الماضي، بعدما خاطبت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان الدكتور علاء عبدالمجيد رئيس مجلس إدارة غرفة مقدمي خدمات الرعاية الصحية بالقطاع الخاص، بضرورة قيام المستشفيات الخاصة على مستوى الجمهورية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجه فيروس كورونا.

ووصلت ثمن المسحة PCR إلى 2500 جنيه في بعض المعامل والمستشفيات الخاصة،التي وضعت قائمة أسعار لغرف العزل تراوحت من 10 إلى 30 ألف جنيه في اليوم بتأمين قبل استقبال المريض يصل إلى 100 ألف جنيه.

يروي محمد عبد العليم رحلته بين المستشفيات الخاصة في محاولة لإنقاذ صديقه الذي أصيب مؤخرا بفيروس كورونا وفشل في إيجاد سرير داخل المستشفيات العامة، اعتقد خلال رحلته أن تكلفة اقامة صديقه قد تتراوح مابين 20 أو 30 ألف جنيه تكلفة إقامة 14 يوما في المستشفى وهي الفترة المبدئية المحددة للعزل من قبل وزارة الصحة، لكنه فوجيء أن هناك شرط لاستقبال الحالة بإحدى مستشفيات حي الدقي بمحافظة الجيزة، بضرورة دفع مبلغ تأميني 100 ألف جنيه، فيما يتراوح سعر الليلة الواحدة للمصاب من 30 إلى 40 ألف جنيه وفقا لحالة المريض.

تطبيق قانون الطوارئ

ومع توالي شهادات المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن الأسعار الباهظة والمبالغ فيها للمستشفيات الخاصة التي تقدم خدمات صحية لمصابي كورونا، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة تدخل وزارة الصحة وتطبيق قانون الطواريء.

وجاءت في مقدمة تلك المطالبات ما قاله  الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، عندما وجه رسالة إلى أصحاب هذه المستشفيات، طالبهم فيها بالمسئولية الوطنية فى ظل هذه الظروف الدقيقة التى يمر بها الوطن والعالم أجمع.

وقال: “فواتير المستشفيات الخاصة فى علاج مصابى فيروس كورونا مرعبة، نحن فى ظرف خاص مثل الحرب وقانون الطوارئ يمنح الحق لرئيس الجمهورية أن يوجه بتدخل الدولة لإدارة المستشفيات الخاصة فى مثل هذه الظروف وأتمنى ألا تصل الدولة لاستخدام هذا الحق”.

من جهتها كانت وزارة الصحة والسكان قد أعلنت عن تسعيرة المستشفيات الخاصة،  حيث أعلنت أن التسعيرة تبدأ من 1500 إلى 10 آلاف جنيه كحد أقصى لليلة، الأمر الذي لم يلق قبولا من لى هذه المستشفيات والتي هددت بتوقف استقبال مصابي كورونا.

اقرأ ايضًا: “المسئولية المجتمعية” والقطاع الخاص.. ضرورة ملحة وتراجع ملموس

الأمر الذي حذر منه النائب مجدي مرشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، موضحا أن تعديلات قانون الطوارئ التي وافق عليها البرلمان تعطي الدولة حق التدخل وإدارة هذه المستشفيات وتوقيع عقوبات على الرافضين.

وأكد النائب أن حل هذه الأزمة يتمثل في تحلي المستشفيات الخاصة بالحس الوطني والتخلي عن أي اعتبارات مادية خلال الفترة الحالية والتعامل مع أزمة كورونا على أنها حرب ويجب التضحية في سبيل الانتصار عليها.

تربح ومتاجرة

من ناحية أخرى قالت لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة :” وصل أجر الإقامة بالتحاليل وتكاليف العلاج فى تلك المستشفيات إلى أربعين ألف جنيه فى الليلة الواحدة! وهذا بالطبع يوضح خطورة التربح من المتاجرة فى حياة المرضى فى هذه الأزمة الخطيرة”.

وأضافت اللجنة في بيانها:” أن وزارة الصحة قامت بتحديد أسعار “استرشادية” تتراوح بين 1500 و10000 جنيه لليلة، ورفضها الكثير من أصحاب المستشفيات الخاصة، بل وهددوا بوقف قبول مرضى كورونا! وبالطبع فعندما يتعلق الأمر بأرباح المستثمرين فى المستشفيات مع ضرورات صحة الإنسان المصرى فيجب أن يأتى الإنسان قبل الأرباح!”.

وأشارت اللجنة في بيانها إلى ما قامت به الحكومة  فى إسبانيا بوضع اليد على المستشفيات الخاصة فترة الوباء، وأوضحت أنه فى مصر ينص القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بالعلاج الخاص على قيام لجنة من وزارة الصحة ونقابة الأطباء والمحافظ بوضع تسعيرة حد أقصى للخدمة.

وأشار البيان أيضًا في ختامه إلى  أن قانون تعديلات قانون الطوارئ التى جرى تعديله مؤخرا تعطى الحكومة حق إدارة المستشفيات الخاصة بوضعها تحت الإدارة المباشرة لوزارة الصحة بكامل أطقمها الطبية طوال فترة الجائحة وحتى انتهائها، فلا يجب على الدولة الاسترشاد ولكن عليها اتخاذ القرارات الضرورية فى حالة حربنا ضد الوباء من أجل صحة الإنسان المصرى”.