في الثاني من يونيو 2019، وقبل عام تقريبًا، كان السياسي الألماني فالتر لوبكه، حاكم مقاطعة كاسل بولاية هيسن، واقفًا في شرفة منزله، عندما أطلق عليه الرصاص من مسدس، فأصابه في رأسه مباشرة.

هزت جريمة الاغتيال ألمانيا، وتبين أن الجاني شاب يميني متطرف من جماعات “النازيين الجدد” اسمه “شتيفان. إي”، وأن المجني عليه راح ضحية ترحيبه باللاجئين السوريين في البلاد. 

 

وعُقدت الثلاثاء الماضى  الجلسة الأولى لمحاكمة المتطرفين اليمنيين، المتهمين باغتيال لوبكه، المنتمي لحزب المستشارة أنجيلا ميركل، والذي كان واحدًا من أشد أعداء “النازيين الجدد”، وفجر موته قضية المد اليميني في ألمانيا وأوروبا بوجه عام.

وتداول اليمينيون المتطرفون على نطاق واسع شريط فيديو لـ” لوبكه”، قبل مقتله، ظهر فيه وهو يلقي كلمة أمام جمع من مؤيديه، برر فيها سياسة استقبال اللاجئين، قائلًا إن “من يعارض هذه السياسة يمكنه أن يغادر البلاد”.

وتحول الرجل بظهوره أمام الرأي العام مدافعًا لصالح سياسة اللجوء الألمانية، ومطالبًا بحقوق اللاجئين، إلى عدو لليمينيين المتطرفين، وعُرف بلقب “صديق اللاجئين”، لأنه لم يكن يوفر جهدًا في سبيل تقديم كل المساعدات الممكنة لهم.

وكان لوبكه، العضو في “الحزب المسيحي الديمقراطي”، والذي ترأس حكومة مركز ومدينة كاسل على مدى عشر سنوات، مسؤولا عن إنشاء مراكز استقبال اللاجئين في عام 2015، كما أنه كان تحت حراسة الشرطة بسبب تلقيه تهديدات بالقتل، يبدو أنه لم يأخذها على محمل الجد.

وفور وقوع الجريمة الإرهابية، أكد وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفرن في حينه، أنه تم تعزيز عمل السلطات الأمنية بشكل كبير لمكافحة مظاهر التطرف اليميني، لافتًا إلى أن جريمة قتل لوبكه دفعته لبذل الجهود كافة لرفع مستوى الأمن، ليشمل حماية المواطنين والمؤسسات على كافة المستويات.

وأعلن الإدعاء العام الألماني في 29 أبريل الماضي، أنه وجه تهمة اغتيال لوبكه، للمتهم الرئيسي “شتيفان. إي.” وداعمه المتهم الثاني “ماركوس. هـ”. وكان الأول (شتيفان)، قد اعترف وقتها أمام جهات التحقيق بأنه شعر أن “عائلته مهددة” من قبل مجرمين أجانب وأنه كان منزعجًا بقوة من احتمال شن متشددين إسلاميين هجومًا عليه، وقال إنه يُحَمِّل لوبكه، جزءًا من المسؤولية عن هذا الأمر لأنه كان يدافع عن إقامة نُزل للاجئين بالقرب من مدينة كاسل، غير أن المتهم عاد وتراجع عن هذه الاعترافات في وقت لاحق، قبل بدء المحاكمة.

ووجّه الادعاء العام للمتهم الثاني “ماركوس. هـ” تهمة المساعدة في القتل، حيث مهد اتصال “شتيفان” بتاجر أسلحة ودعمه بتدريبات على القنص لتنفيذ خططه.

ويتهم شتيفان شريكه ماركوس بأنه كان متواجدا معه ليلة الجريمة عند منزل لوبكه، وأن ماركوس هو الذي أطلق النار على لوبكه عن طريق الخطأ!.

وقدم المدعي العام، في جلسة الثلاثاء، وثائق رسمية أكدت أن المتهم “شتيفان. إي” ارتكب عدة جرائم إرهابية من قبل، ففي عام 1993 قام بالهجوم على نزل للاجئين العراقيين بقنبلة يدوية.

وكانت القنبلة مخبئة في سيارة تم إحراقها عمدًا، وأُطفئت من طرف سكان الملجأ في الوقت المناسب قبل انفجارها. وحُكم عليه حينها بعقوبة السجن مع وقف التنفيذ.

وذكرت شبكة “إيه آر دي” الألمانية، أنّ المشتبه به تواصل هذا العام وبشكل مكثّف مع جماعات من اليمين المتطرف، وشارك أواخر مارس الماضي في اجتماع لأعضاء من المنظمات النازية الجديدة.

كما تم تصويره مع أعضاء بمنظمة “كومبات 18″، التي تعتبر نفسها الفصيل المسلح لشبكة النازيين الجدد، كذلك، أفاد موقع “تي أونلاين” الألماني بأنّ أعضاء من المنظمة قاموا بتدريبات على إطلاق النار والقتال، بالقرب من الحدود التشيكية.