لم تكن فنانة عادية، بل هي الفن المتكامل في أبهى صورة، ظهرت للجمهور ممثلة ومطربة وفنانة استعراضية، فكانت مثالًا للفنانة الشاملة، إنها “السندريلا” أو “الساحرة الصغيرة” سعاد حسني.

sss

صاحبة الأدوار التي انتقلت بها من “الرقة والدلع والشقاوة” إلى العمق والفكر والطبقة المثقفة، فمن خلال 91 فيلمًا، استطاعت أن تكسب الطبقة الجماهيرية العريضة، بعد أن قدمت الكوميديا التي صنعت شهرتها، والتي كان منها “إشاعة حب”، و”ثلاثة رجال وامرأة” و”السفيرة عزيزة” و”غصن الزيتون” و”عائلة زيزي” و”الساحرة الصغيرة” و”ليلة زفاف” وغيرها من الأفلام.

مع صلاح جاهين

ومع انتقال سعاد حسني إلى مرحلة جديدة في حياتها الفنية من خلال الشاعر والكاتب صلاح جاهين، والذي يشهد الجميع أن تلك الفترة كونت وعيها، وغيرّت من جلدها الفني والذهني، والتي استمرت لنهاية حياة “جاهين”، حيث قدمت معه: “شفيقة ومتولي” و” خلي بالك من زوزو” ومسلسل “هو وهي”.

 

 

السندريلا ونجيب محفوظ

مع حالة الوعي التي ساعد “جاهين” على خلقها في حياة السندريلا، كانت لها أعمال عدة في قائمة أفضل 100 فيلم مصري، منها “الزوجة الثانية” و”غروب وشروق” وغيرها، ولكن “سعاد” كانت بقلم نجيب محفوظ، صاحبة شخصية مختلفة، ومتميزة، ليقدما معًا 5 أفلام، انتقدت جميع الفترات السياسية التي عاصرتها والتي سبقتها، بداية من الملك فاروق مرورًا بالرئيس جمال عبد الناصر، كما انتقدت عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

اقرأ أيضًا:

تجسيد السيرة الذاتية فنيًا.. فشل الجميع ونجح محفوظ عبد الرحمن

 

ومع اقتراب ذكرى وفاة “السندريلا” نرصد خماسية السياسة والفقر والحب والنفس والمال، التي جمعتها والأديب العالمي نجيب محفوظ، وكان منها فيلمان في قائمة أفضل 100 فيلم مصري وهما “الكرنك” و “القاهرة 30”.

مصر في الثلاثينات

كان فيلم “القاهرة 30″، أولى تجارب الأديب العالمي نجيب محفوظ وسعاد حسني، وهو العمل الذي ناقش حياة المصريين إبان حكم الملك، وما كانت تتعرض له مصر من نهب للثروات وحالة الغليان الشعبية، وأيضًا ناقش مصر المغتصبة والمنتهك حقوقها والتي أشار إليها نجيب في شخصية “إحسان”، التي قدمتها سعاد حسني.

فكانت “إحسان” هي الفتاة الفقيرة التي ضحت بحبها لكي تتزوج من صاحب السلطة الذي يقدمها يوميًا لصاحب السلطة والمال، وكان هذه هو حال مصر في حكم الملك الذي قدم مصر على طبق من فضة للإنجليز.

 

 

 

شارك في هذا العمل حمدي أحمد وأحمد مظهر وعبد النعم إبراهيم وتوفيق الدقن ومن إخراج صلاح أبوسيف.

“سعاد” والصراع النفسي

عام 1971، شاركت سعاد حسني في ثاني عمل لها من تأليف نجيب محفوظ، ومن إخراج يوسف شاهين، في مزيج مختلف لتقديم صراع الإنسان مع نفسه، وكيف يمكنه أن يواجه الآله في النهاية.

في هذا العمل لعبت صراع الزوجة الحائرة مع ذاتها الراغبة في الحصول على كل شيء ما بين زوجها المنمق صاحب المكانة الاجتماعية وشقيقه صاحب الحياة المرتجلة والعبثية، وشاركها في هذا العمل عزت العلايلي وهدى سلطان ويوسف وهبي وسيف عبد الرحمن ومحمود المليجي وعلي الشريف.

“أميرة حبي أنا” وتحقيق الصعب

في اتجاه جديد لنجيب محفوظ يأخذ “السندريلا” معه في قصة حب معذبة ما بين امرأة وقعت في غرام مديرها المتزوج، وعدم قدرته على الخروج من سلطة والد زوجته، الذي يعطيه المال والسلطة والوجاهة الاجتماعية، ليستطيع حبهما الانتصار في النهاية، ويتزوجا علنًا بعد أن كان زواجهما في السر.

شارك “سعاد” في هذا الفيلم حسين فهمي وعماد حمدي وسهير البابلي وكريمة مختار وسمير غانم ومن إخراج حسن الإمام.

السياسة في عهد “ناصر” 

قدم نجيب محفوظ من خلال روايته التي تم تحويلها إلى فيلم “الكرنك”، مساوئ نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وما كان يحدث في السجون، والقبض على الشباب في فترة الستينيات.

قدمت سعاد حسني من خلال هذا الفيلم دور الفتاة ذات الطبقة الاجتماعية البسيطة التي تسعى إلى الزواج من حبيبها، ليتم القبض عليه في تهمة سياسية، والقبض عليها كوسيلة ضغط للحصول على اعترافاته، وقدمت هي واحدًا من أهم مشاهد حياتها من خلال هذا الفيلم وهو مشهد تعرضها للاغتصاب، الذي شهد له جميع النقاد بحرفيته وصعوبته ومهارتها في تأديته.

وشارك “السندريلا” في هذا الفيلم نور الشريف وفريد شوقي وتحية كاريوكا ومحمد صبحي ويونس شلبي ومن إخراج علي بدر خان.

أهل القمة ما بعد الانفتاح

في بوابة أخرى من بوابات سعاد حسني وخلال رحلتها الفنية، شاركت في توثيق مرحلة مهمة من الحياة السياسية والاقتصادية المصرية، وهي ما بعد الانفتاح الاقتصادي الذي بدأته مصر بعد حرب عام 1973، والتي أدت إلى ظهور طبقة من “الهليبة” كما أطلق عليهم، أو بمعنى آخر رجال الأعمال الذي أصبحوا أثرياء بسبب هذا الانفتاح وتهريب البضائع.

كانت سعاد حسني في هذا العمل تمثل الفتاة المصرية بكل ما تحمله من أعباء إنسانية واقتصادية فهي فتاة عاملة، تبحث عن الاستقرار الاقتصادي لها ولوالدتها الأرملة بعيدًا عن تحكم شقيق والدتها، نتيجة استقراهم بالسكن معه.

اقرأ أيضًا:

في السينما المصرية.. التنمر مُباح من أجل الضحك (كروس ميديا)

 

لتصادف أحد اللصوص الذي قرر أن يترك السرقة ويصبح من مستفيدي عملية الانفتاح واستخدامه التهريب للثراء، الذي يحصل عليه بالفعل، ويسعى للزواج من سعاد حسني ولكنه يصل إلى ذلك بعد معاناة مع شقيق والدتها الذي لا يراه سوى “حرامي ومهرب”.

شارك في هذا العمل كل من نور الشريف وعزت العلايلي وعمر الحريري وعايدة رياض ومحمود القلعاوي ونادية عزت صلاح رشوان ومن إخراج علي بدر خان.