انتشر فيروس كورونا حول العالم ليصيب ملايين الأشخاص، وأصبح العزل المنزلي ضرورة، إلا أن الكثيرين لا يعلمون مدى جدواه في الشفاء، والبعض لا يعلم طريقة التعامل خاصة أن هناك أفراد في الأسرة قد يكونون خارج دائرة الإصابة، فهنا حمايتهم تصبح عبئا على المصاب نفسه الذي يعانى من أعراض قد تبقيه طريح الفراش لأيام.

أسرة فى العزل

عمرو محمد،شاب ثلاثيني، موظف بشركة متعددة الجنسيات، أصيب هو وأسرته المكونة من ثلاثة أفراد بفيروس كورونا، بينما لم يصب والده. 

يروي “عمرو” رحلته مع فيروس كورنا فيقول: “استيقظت ذات صباح ففوجئت بارتفاع حاد في درجة حرارة والدتي البالغة من العمر نحو 54 عامًا، وتلك كانت البداية، وتحديدًا صباح يوم 22 مايو الماضي، واستمر ارتفاع حرارتها، وبدأت أشعر بنفس الأعراض وارتفعت درجة حرارتي أيضا بعد مرور يومين فقط من إصابة والدتى، وتلى ذلك شعور أخى وأختى بارتفاع في درجة الحرارة ولكنها لم تستمر لأكثر من يومين، وأصبحنا في أزمة حقيقية فرب الأسرة لم يصب، والأم والاخوة الثلاثة مصابون، بدأنا في تنظيم أنفسنا، فأنا ووالدتى حرارتنا مرتفعة وتستمر لفترات طويلة لذا قررنا أن نقيم معًا في نفس الغرفة،  أما أخي وأختى في غرفة أخرى، أما الوالد فقد قررنا أن نبتعد عنه كليا وعزله في غرفة مستقلة بحمام شخصي حتى لا يخالط أحدنا أو يتعرض لخطورة ما نعانيه، خاصة أنه يبلغ من العمر نحو 67 عامًا ويعانى من أمراض مزمنة”.

 

التعامل مع الوالد

استطرد” عمرو” حديثه متأثرًا بطريقة التعامل مع والده والمخاوف التي كانت تلاحقهم تجاهه قائلا: “أبي مريض وإصابته بفيروس كورونا كانت أكبر مخاوفنا، لذا كان تنظيم العمل بشأنه على درجة كبيرة من الأهمية، فقد كانت أختى، وهى الأقل أعراضًا تتعامل مع احتياجاته، فترتدي الكمامة وماسك الوجه والجوانتي وتضع له الطعام على طاولة قمنا بوضعها أمام باب غرفته مع تعقيم كامل للباب والطاولة واستخدام أطباق بلاستيكية لتكون للاستعمال مرة واحدة، ودائما ما نصنع له المشروبات كما وجهنا الأطباء خاصة الليمون والينسون ولم يكن يخرج من غرفته، ولكنه حاول أكثر من مرة أن يرانا فقط وكنا نصرفه عن هذا الفعل طوال 10 أيام كانت علاقتنا هاتفية حرصًا على عدم إصابته”.

اقرأ أيضًا:

العلاقات الاجتماعية بعد “كورونا”.. حبيبي عدو حتى مع انتهاء الوباء

الفحوصات الطبية 

الشاب الثلاثيني تابع حديثه حول رحلتهم في مستشفى حلوان العام وإجراء مسحة كورونا والنتائج التي توصلوا لها قائلا: “بعد مرور 4 أيام قررنا الذهاب لمستشفى حلوان العام بنصيحة من أطباء في عائلتنا وأصدقائهم المختصين، وبالفعل تحركنا جميعا 4 أفراد حاملين للفيروس إلى مستشفى حلوان العام، وكنا حريصين على الجميع، فقمنا بارتداء ماسكات وكمامات وجوانتي دون أي تعامل مع أي شخص، وكان معنا بعض أفراد العائلة ولكن مع اتباع كامل لتعليمات التباعد في المسافات والتعامل من خلال الهاتف إن لزم الأمر، وقمنا بإجراءالمسحة بعد موافقة الطبيبة المختصة، ولأننا نعاني من أعراض واضحة تم إعطاءنا جرعة علاج كورونا في كيس بلاستيكي وكانت ثلاثة أدوية، خرجنا من المستشفى إلى المنزل، وأكملنا برنامج العزل المنزلي، وبعد مرور أسبوع كامل اتصلت بنا الإسعاف لتخبرنا بنتيجة المسحة وتخطرنا بتوفر مكان للعزل في أحد مستشفيات مدينة نصر، وما كان من أخي إلا أن رد عليهم بأننا نقترب من التعافى ولسنا بحاجة الى العزل”.

أكمل “عمرو “حديثه بشأن رفضهم الذهاب إلى الحجر الصحي قائلا: “هناك من هم أكثر احتياجًا للسرير، ونحن اعتدنا العزل المنزلي وأصبحنا في صحة أفضل لدرجة أن والدتي تم نقلها الى غرفة أختي وانتقل أخى الى غرفتي بعد تعافيه، وكنا دائما نقيم حالتنا الصحية من خلال أطباء العائلة وحصلنا على الأدوية والنصائح العلاجية والمعيشية منهم، خاصة البرنامج المرتبط برفع مستوى المناعة.

محطات هامة 

روى لنا عمرو محمد تفصيليًا ما حدث داخل منزله بداية من استخدام أطباق وأكواب استعمال المرة الواحدة وأكد أيضًا  ضرورة شرب المياه بواقع 3 لتر أو ما يزيد في اليوم الواحد فضلا عن تناول المشروبات كالينسون والليمون والفاكهة ومنها التفاح والخوخ.

كما نصحهم  أحد الأطباء نصحهم بتناول الكورتيزون في ضوء السعي لمحاربة الفيروس، ولكنهم توافقوا على العمل على تعزيز الجهاز المناعي للجسم من خلال الفيتامينات والأطعمة، نظرًا لأن الكورتيزون يضعف المناعة، مؤكدًا أنهم عانوا من ارتفاع لدرجة الحرارة تراوح ما بين 38 لـ 39 وكذلك تكسير في العظام وهمدان عام للجسم وخمول، وكل هذه الأعراض صنفها الأطباء أنها نتيجة الأدوية ومحاربة الجسم للفيروس.

كما شدد عمرو على وجود الكثير من الحالات في محيطه ووجود المرضى في المستشفيات، خاصة أن أحد الجيران ذهب لإعطاء ابنه حقنة في مستشفى وعاد حاملًا للفيروس هو وابنه، وأكد أنهم ينتظرون الآن بعد تعافيهم وزوال ارتفاع درجة الحرارة إجراءالمسحة الثانية، مؤكدًا أنهم سيكملون شهرًا خلال هذا الأسبوع على إصابتهم وهم في عزل كامل ولا يخرجون من المنزل، باستثناء الأب غير المصاب يخرج متخذًا كامل الإجراءات الاحترازية لشراء لوازم المنزل بالقرب من سكنهم.

أكد أنهم يؤجلون عمل المسحة الثانية لسببين، الأول أن المستشفى بالفعل موبوء ويخشون على أنفسهم وهم في مرحلة النقاهة، والثاني أنهم علموا من الأطباء أن المسحة الثانية في حال الاستعجال وعملها تظل إيجابية لأن الفيروس يموت ويبقى عدة أيام داخل الجسد، مؤكدًا أنهم سيقومون بعمل المسحة عند التأكد الكامل من التعافي الذي بات وشيكًا بعد زوال الأعراض.

“عمرو ” أضاف أنه من اللحظة الأولى لتأكده أنه مشتبه بإصابته وحمله لفيروس كورونا أخبر الجميع سواء زملائه في العمل أو أصدقائه دون خوف من النتائج، فالمرض خارج عن إرادته، كما أنه ساهم في توجيه الكثيرين، مؤكدًا أنه كان ينزعج من عدد الوفيات المرتفع، مما جعله عازفا لبعض الوقت عن التعامل مع مواقع السوشيال ميديا فضلا عن تلقيه الدعم النفسي شبه المستمر من أفراد عائلته عبر “الفيديو كول” لما لهذا الدعم النفسي من تأثير إيجابي في محاربة الجسم للفيروس.

 

محمد .. فارق الحياة 

شعبان محمد توفيق شاب ثلاثيني يروي لنا رحلة والده التي لم تدم طويلًا مع المرض حتى الوفاة، تحدث شعبان عن اكتشافهم لمرض والده قائلا: “ابي كبير السن يبلغ من العمر نحو الـ 70 عاما ولديه تاريخ مرضي مع السكر والضغط،، أصيب بفيروس كورونا ولم نكن نعلم، فقد حدثنا أنه يشعر بألم في صدره واستمر الأمر نحو أربعة أيام، قمنا خلالها بزيارة طبيب طلب منا مجموعة من التحاليل ومسحة لفيروس كورونا وقمنا بعملها وانتظرنا نتيجة المسحة خمسة أيام متصلة ونحن لا نعلم ما يعانيه الوالد، فقط نقوم بإعطاء بعض الأدوية للمشتبه في إصابتهم بكورونا وفقا لنصيحة الطبيب المعالج”.

اقرأ أيضًا:

علاج مصابي “كورونا” بـ”التأمين الصحي”.. كبار السن في فوهة البركان

نتيجة المسحة والوفاة:

استطرد “شعبان” بمزيد من الألم قائلًا: “قبل ظهور النتيجة لم نكن على يقين من إصابته بكورونا وخبرتنا مع الفيروسات ليست كبيرة، ونحن أبسط من التعرف على ما قيل لنا في المستشفى من تعزيز المناعة وغيرها من الأمور، وعند ظهور النتيجة تأكدنا من الإصابة وأعطونا الأدوية اللازمة وطلبو منا عزله في المنزل، وتناول أبي الدواء لكنه مرض بشدة ولم يستطع التنفس، فقررنا الذهاب لمستشفى الصف العام التي لم يكن بها سرير شاغر، ورفضت استقباله، وانتظرنا من الساعة الخامسة حتى اتصل بنا أحد الأطباء في تمام العاشرة يخطرنا بوجود سرير شاغر، وبالفعل دخل المستشفى وبقي بها 4 أيام الى أن توفاه الله.

توقفت كلمات “شعبان” وتعالى صوت أنفاسه قائلا “مات، أبلغونا بعد 4 أيام في تمام الساعة العاشرة أنه مات وتمكنا من توفير اثنين لتغسيله ومن ثم دفنه في تمام الساعة الثالثة صباحًا، وانتهت رحلته مع الحياة خلال 10 أيام”.