كان للصحفيين نصيب ليس بالقليل في الإصابة بفيرورس كورونا، الذي أصبح كالشبح يطارد الجميع، في السطور القادمة نرصد لكم شهادات بعض الصحفيين الذين أصيبوا، وكيف تغلبوا على الإصابة وكيف ساهمت مجموعة “صحفيون في مواجهة كورونا” التي دشنت عبر “فيس بوك” في مساعدتهم على الخروج من النفق المظلم.

قدمت الجماعة الصحفية في مصر أمثلة في المساندة لبعضهم البعض، سواء في النصائح الطبية في فترة العزل، أو توفير بعض الأماكن في المستشفيات، أو توفير أدوية لبعضهم البعض أثناء فترة العزل الصحي داخل المنازل.

واتخذت نقابة الصحفيين مجموعة من الإجراءات التنفيذية لمواجهة فيروس كورونا لأعضاء النقابة وأسرهم، جاء هذا عقب وفاة الصحفي محمود رياض متأثرا بإصابته في أبريل الماضي، بالإضافة إلى تزايد أعداد المصابين في صفوف الجماعة الصحفية.

وجاءت من تلك الإجراءات في تسهيل إجراء التحاليل والأشعة التي تساعد على التشخيص المبدئي لمصابي كورونا، وتوفير مسحات للصحفيين إذا لزم الأمر، بالإضافة إلى توفير أماكن في مستشفيات العزل في حالة إذا كانت الحالة تستوجب ذلك.

ودشنت بالتزامن مع تلك الإجراءات مجموعة إلكترونية عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، جمعت الآلاف من زملاء المهنة لمشاركة الآلامهم بعضهم البعض، وساهمت في خلق فرص عديدة من توفير أدوية وأماكن للحالات الحرجة وإجراء مسحات بقدر الإمكان.

فكرة التأسيس

يروي الصحفي جرجس فكري مؤسس المجموعة، عن ظروف تأسيسها حيث قال:” تم تأسيس تلك المجموعة بعد وفاة الزميل الصحفي  محمود رياض الذي توفاه الله إثر إصابته، فقد علمت باستغاثاته المتتالية وخبر وفاته وانزعجت جدا بأن هناك صحفي أصيب وكان يستغيث دون أن يعلم الصحفيون، ولذلك قدمت على إنشاء المجموعة التي لاقت ترحيبا كبيرا سواء من الصحفيين أو من أعضاء مجلس النقابة الذين يحاولون دائما تقديم المساعدة ويد العون للزملاء للخروج من تلك الأزمة على خير”.

وأضاف:” أن المجموعة وفرت بعض الأطباء الذين  تطوعوا لمتابعة حالات العزل المنزلي للصحفيين وأسرهم، وكذلك  قام الزملاء في المجموعة بتوفير الأدوية لبعضهم البعض بعد أزمة اختفاء الأدوية من الصيدليات”.

يرى مؤسس المجموعة أن أفضل ما فيها أنهت أسست لخدمة الصحفيين وتقديم يد العون لهم دون أي أغراض شخصية أو انتخابية وإنما فقط حبا في مساعدة الجماعة الصحفية.

 

اقرأ ايضًا: “التكنولوجيا وكورونا”.. شاب مصري يتحدى الفيروس بأول روبوت

 

متابعة طبية مستمرة 

وتروي الصحفية منى عبد الراضي تجربتها مع الإصابة قائلة: “أصبت مع نهاية شهر مايو، لم أدري حتى الآن من أين أتت لي تلك الإصابة اللعينة رغم  حفاظي على كافة الإرشادات والإجراءات الاحترازية من تباعد اجتماعي وارتداء الكمامة في حالة النزول من المنزل، ومنع استقبال الزائرين داخل المنزل، حتى الأشياء التي كان يأتي بها عامل خدمة التوصيل كنت حريصة أشد الحرص أن يتم تطهيرها أولا بأول وتطهير الشقة والأسانسير بشكل دائم”.

وتستطرد قائلة:” في بداية إصابتي لم أعاني من أية أعراض سوى صداع بسيط أصاب رأسي لمدة 5 أيام تقريبا،  في تلك الفترة لم أتخيل أنني مصابة وكنت أتعامل على أنه مجرد صداع، لكن ما أكد لى الإصابة هو فقداني لحاستي الشم والتذوق، ذلك العرض الجديد الذي أكدت منظمة الصحة العالمية بأنه يؤكد الإصابة لدى الأشخاص التي تصاب به”.

وتضيف:” من هنا بدأت أدرك احتمالية إصابتي بالفيروس، لكن السؤال الذي كان يراودني دائما من أين أتت لي الإصابة وكيف بعد كل تلك الإجراءات المشددة التي اتخذها؟، استخدمت كارنيه مشروع العلاج للصحفيين  وبدأت رحلة التأكد فقد قمت بإجراء مجموعة من التحاليل والأشعة أوصى بها الطبيب،  الذي أكد على إصابتي بعد الإطلاع عليها، ومنذ هذا اليوم بدأت رحلة بروتوكول العلاج”.

وتستكمل “عبد الراضي” حديثها قائلة:” بدأت بعض الأعراض  تظهر واحدة تلو الأخرى مع الوقت، وبدأت  أشعر بضيق تنفس، وتنميل بيدي وقدمي، في هذه الفترة كنت قد بدأت المتابعة الطبية مع أحد الأطباء الذي حصلت على رقمه من مجموعة صحفيون في مواجهة كورونا، ذلك الطبيب الذي كان يتابع حالتي بشكل دوري دون ملل، فقد أخبرته بتلك الأعراض الجديدة ليؤكد أنها أيضًا من أعراض الإصابة بفيروس كورونا”.

شعرت الصحفية بالأمان والطمأنينة فقد أخبرها الطبيب الذي يتابع حالتها عبر الهاتف بأنه لن يتركها أبدا حتى تسترد كامل صحتها، وأنه سيظل يتابع حالتها دون كلل أو ملل، تلك الخدمة الجليلة التي قدمتها لها مجموعة ” صحفيون في مواجهة الكورونا”.

تتابع حديثها قائلة:” كانت رحلة علاجي في عزل منزلي داخل غرفة نومي وبحمام منفصل، كان أمامي تحد كبير في ضرورة التعافي حتى أستطيع أن أقف على قدمي وأخرج لأبنائي من جديد، بدأت رحلة الأدوية التي زادت أمرا جديدا وهي حقن المضادة للتجلد التي كتبها لي الطبيب بعد شكواي من التنميل الذي أصاب قدمي ويدي، فقد أخبرني أن فيروس كورونا قد يسبب في بعض الأحيان ” جلطة”، طلبت الحقن من الصيدلية وظلت أمامي أزمة ” مين هيديني الحقنة وخصوصا أنها بتتاخد عن طريق الحقن في البطن””.

تستكمل:” بدأت في مشاهدة بعض الفيديوهات على يوتيوب التي تتحدث عن طريقة أخذ تلك الحقن، وبالفعل بدأت حقن نفسي حتى اختفى ذلك العرض المزعج”، توضح الصحفية في نهاية حديثها أنها تعتقد أن الفيروس لازال يحمل الكثير من الأمور الغامضة التي لم يكتشفها أحد بعد وخصوصا فيما يخص طريق انتقاله.

 

 

اقرأ ايضًا: المعادلة الصعبة.. “كورونا” ينتشر والتعايش مسار إجباري

 

إحضار الأدوية في ساعات

يبدو أنه رغم انتشار الإصابة، إلا أن هناك بعض المواطنين الذين لازال لديهم أزمة في الإعلان عن إصابتهم، ويفضلون عدم البوح بها، صحفية في أحد المواقع الخاصة فضلت عدم ذكر اسمها تروي عن تجربتها قائلة: “أصبت في منتصف شهر مايو الماضي، ومع تدهور حالتي الصحية توجهت إلى أقرب مستشفى مخصص للكشف عن المصابين، وأجريت بعض الفحوصات اللازمة عن طريق مشروع العلاج الخاص بالصحفيين، ومع تأكيد إصابتي بدأت في رحلة بروتوكول العلاج، والعزل المنزلي”.

وتضيف:” ومع رحلة البروتوكول واجهتني أزمة نقص الأدوية، فقد دونت على صفحة مجموعة صحفيون في مواجهة كورونا عن احتياجي لتلك الأدوية وفي ساعات قليلة كانت بالفعل قد توفرت وتواصل معي أحد الزملاء الذي توافرت تلك الأدوية عنده وأوصلها لي”.

وتنهي الصحفية حديثها بالقول:” كانت تجربة قاسية جدا، ولم أتمنى في هذه الفترة سوى أن تنتهي على خير، دون خسائر أكثر ليس فقط بين الجماعة الصحفية ولكن بين العالم أجمع”.

إصابة رغم الاحتياطات

“أحمد رمضان” صحفي قدر له الإصابة بفيروس “كورونا” رغم الاحتياطات التي التزم بها منذ انتشار الفيروس، وحفاظه على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة وغيرها من الإجراءات التي أعلنت عناه وزارة الصحة والسكان عنها، لكن لم ينجح في الإفلات من الإصابة.

يروي “أحمد” تجربته قائلا: “يوم 18 مايو حضرت اجتماع عمل مع زملائي في الموقع الصحفي الذي أعمل به، وبعد مرور أربعة أيام على الاجتماع بدأت بعض الأعراض  في الظهور كان في مقدمتها ارتفاع في درجات الحراراة وصلت إلى 38.5 درجة، وتعاملت مع تلك الأعراض على أنها  دور برد عادي نتيجة لارتفاع درجات حرارة الطقس في هذه الأيام، وتناولت خافضًا للحرارة وذهبت إلى النوم واستيقظت في اليوم التالي بدون ارتفاع في الحرارة، وليس هناك أي أعراض اللهم إلا ألم في منتصف الصدر”.

ويضيف:”يومان ومن ثم فقدت حاستي الشم والتذوق تمامًا، ورغم تلك الأعراض كنت أنكر في داخلي أن أكون قد أصبحت في تعداد المصابين نظرًا لكافة الإجراءات الاحترازية الشديدة التي اتبعها، لكن الأمر بدأ يتضح مع ظهور بعض الأعراض على والدتي، حيث إنني  أثناء فترة حملي للعدوى وظهور الأعراض لم أعزل نفسي وخصوصا أن منزلنا مثل أغلب منازل المصريين لا تسمح بالعزل المنزلي بالحمام المنفرد، وكنت في تلك الفترة قد اختلطت وتعاملت مع أسرتي”.

وتابع أحمد في حكايته: “ذهبت أمي لعيادة طبيب خاص، وبعد الكشف والفحوصات شخصها بالتهاب في الشعب الهوائية، وبدأت رحلة العلاج، بعد يومين، فقدت أمي هي الأخرى الشم والتذوق، لمدة 6 أيام، لم يظهر علي أية أعراض سوى فقدان حاستي الشم والتذوق، حافظت على تناول كمية كافية من السوائل الدافئة يوميًا مع تناول الغذاء الصحي قدر الإمكان وبعض المسكنات حال الحاجة إليها، حتى عادت حاسة التذوق بنسبة كبيرة والشم بنسبة 50% تقريبا”.

أمنيات نقابية

ويستكمل “أحمد” حديثه قائلا: “في اليوم الخامس لعودة الحواس، بدأت أشعر بألم في منتصف الصدر مع شعور بضيق في التنفس وكأن النفس يدخل بثقل إلى الرئة واحتاج إلى مجهود عال للتشبع بالنفس، هنا قررت الذهاب إلى إحدى مستشفيات الفحص التي أعلنت عنها وزارة الصحة، وبالفعل ذهبت في الليل بعد بدء الحظر حتى أتجنب الزحام قدر الإمكان، وبعد فحصي من قبل طبيب، طلب مني إجراء فحوصات وأشعة، وبعدها عدت مجددا، وأخبرني الطبيب  بعد الاطلاع على النتائج أنت مصاب بكورونا وتأثيرها واضح في الرئة وباين في الأشعة المقطعية، ولكن عودة الحواس لك مؤشر جيد أنك هتتجاوزها وفي مرحلة التعافي، ليؤكد على تناول الأدوية لأسبوع وبعدها سأعود لحياتي الطبيعية تماما ولن أحتاج لأي مسحات”.

يقول أحمد:” بدأت رحلة العلاج، 3 أنواع من الحبوب مع حقن يوميًا وفيتامينات أصر الطبيب على تناولها، وأنا ليس في عقلي سوى سؤال واحد “أنا اتصبت ازاي بس؟”، قمت بإرسال الأشعة لطبيب صديق يطلع عليها، الذي أكد لي رواية الطبيب، بعدها بأيام ومع زيادة الألم في منطقة الصدر وزيادة صعوبة التنفس ذهبت لطبيب آخر في عيادة خاصة، وبعد شرح الأعراض والألم ومطالعة الفحوصات والأشعة، قال نصًا “واضح إن في التهابات على الرئة، ودي صورة الالتهابات اللي بيسببها فيروس كورونا”.

ويضيف: “تحسنت حالة والدتي مع العلاج والراحة المنزلية، أما أنا فبعد  7 أيام تقريبا بدأت أتحسن وذهب الألم في الصدر وراح شعور صعوبة التنفس، وذهبت مرة أخرى لنفس مستشفى العزل من جديد، وبعد مقابلة الطبيب طلب مني مجددا إجراء أشعة على الرئة وبعد الاطلاع على النتائج  طلب مني الطبيب التوقف عن تناول العلاج  وأخبرني بأنني تعافيت ولا يتبقى إلا أثار بسيطة للالتهاب ستذهب بالسوائل الدافئة والراحة والغذاء الصحي”.

يستطرد “أحمد رمضان” قائلا:”إن التجربة في حد ذاتها مؤلمة، سوف تشعر طوال الوقت بأن شيء ما سيحدث، إما تدهور حالتك، أو ظهور أعراض على مخالطين لك وما قد يسببه ذلك من شعور بتأنيب الضمير – حتى وإن لم يكن هناك ما يشعرك بتأنيب الضمير لأنك لم تكن تعرف حتى أنك مصاب –، ستظل طوال مدة الإصابة في توتر وقلق حتى يأذن الله بالشفاء”.

ينهي “رمضان” حديثه متمنيًا أن يشمل الدعم والرعاية الصحية اللذين تقدمهما نقابة الصحفيين، العاملين بالمهنة من غير النقابيين، كما يرى أن ما يتعرض له الصحفيون في مصر يستوجب هذا الأمر، خاصة مع تعقد أمر انضمام الصحفيين للنقابة، كما يشير إلى أن هناك وسيلة تستطيع النقابة أن تتأكد من خلالها أن الشخص صحفي بالفعل من عدمه، وذلك عن طريق خطاب من الجريدة أو الموقع الصحفي الذي يعمل به.