رفعت الحكومة المصرية مخصصات التعليم الجامعي وقبل الجامعي والبحث العلمي في موازنة العام المالي الجديد 2021/2020 لأعلى مستوى منذ إقرار الدستور قبل ست سنوات، في خطوة نحو الاقتراب من الاستحقاقات الدستورية.

ينص الدستور على رفع ميزانية التعليم الأساسي (تصفه موازنة الدولة بالتعليم قبل الجامعي ويبدأ من الحضانة وحتى نهاية التعليم الثانوي أو الفني) ليعادل 4% من الناتج المحلي، والتعليم العالي بنسبة 2%، والبحث العلمي بنحو 1% كحد أدنى.

وارتفعت مــــخصصات قــــطاع الــــتعليم قــــبل الــــجامــــعي لتبلغ 241.6 مــــليار جــــنيه في موازنة العام الجديد، التي يبدأ تطبيقها في أول يوليو المقبل، وبينما بلغت حصة الــــتعليم الـــــعالي 122 مـــــليار جـــــنيه، والـــــبحث الـــــعلمي ٦٠,٤ مـــــليار جـــــنيه، مصحوبة بتزييل يؤكد أن الزيادة تـأتي ضمن اســـــتكمال المشـروع الـقومي لـتطويـر مـنظومـة الـتعليم والـبحث الـعلمي.

وظلت وزارة المالية تتحاشى التطبيق الكامل المواد من (18 ـ 32) من الدستور المتعلقة بموازنات التعليم والصحة في ظل عجز موارد الدولة عن الوفاء بها كاملة، وواصلت رفعه بنسب ضعيفة نسبيًا وفق مبدأ “ليس في الإمكان أبدع مما كان”.

 وتبلغ مخصصات “التعليم قبل الجامعي” في الموازنة الحالية التي ينتهي العمل بها في غضون أيام 93 مليار جنيه، بينما يبلغ التعليم الجامعي 47.4 مليار جنيه، والبحث العلمى والتطوير نحو 23.6 مليار جنيه.

 

استحقاقات دستورية

وتؤكد وزارة المالية في الموازنة الجديدة أنها أوفت باستحقاقات الدستور تجاه قطاعي التعليم والصحة كاملا بنسبة 10% من الناتج المحلي، لكن تؤكد الحسابات الاقتصادية أن الرقم في المجمل صحيح، لكن قطاع الصحة جار على التعليم والبحث العلمي، وزاد عن النسبة الدستورية المقررة له “3% من الناتج المحلي في خضم أزمة كورونا بمخصصات تصل إلى 258.5 مليار جنيه بزيادة 47% عن العام الماضي.

اقرأ أيضًا:

رؤية مصر 2030.. “المركزية.” تهدد خطط التنمية المستدامة

 

ويبلغ الناتج المحلي المقدر للعام المالي الجديد 7.15 تريليون جنيه، وبالتالي يفترض أن تكون موازنة التعليم العالي عند 143 مليار جنيه، وقبل الجامعي عند 286.3 مليار جنيه، والبحث العلمي عند 71.5 مليار جنيه.

ويتضمن قطاع التعليم بوجه عام (الجامعي وقبل الجامعي والبحث العلمي) في الموازنة العامة التعليم الأساسي بجميع مراحله والتعليم العالي والتعليم غير المحدد بمستوى وخدمات مستوى التعليم والبحوث والتطوير في مجال التعليم.

ويضم القطاع أهم الجهات الرئيسية التعليمية، ووزارة التربية والتعليم، ومديريات التربية والتعليم بالمحافظات، ووزارة التعليم العالي والجامعات، والمركز القومي للبحوث التربوية، والمركز القومي للامتحانات، والهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، والهيئة لعامة للأبنية التعليمية، وصندوق تطوير التعليم.

 

وخصصت وزارة المالية 1.5 مــــليار جــــنيه لــــحافــــز تــــطويــــر الــــتعليم قــــبل الــــجامــــعي لاســــتكمال تحســين دخــول المــعلمين والمــوجهــين بــمرحــلة ريــاض الأطــفال والــصفوف الأول والــثانــي والــثالــث الابــتدائي بالمدارس والمــعاهــد الأزهــريــة، كما خصصت الوزارة 1.5 مــليار جــنيه لــحافــز الــجودة بــــالــــجامــــعات والمــــراكــــز والمــــعاهــــد والــــهيئات الــــبحثية لاســــتكمال تحســــين دخــــول أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم.

ودفعت جائحة كورونا الحكومة للتفكير بقوة في أهمية البحث العلمي في ضوء التسابق العالمي، على إنتاج اللقاحات والأدوية والمكاسب الخيالية المتوقعة للأدوية التي يتم تطويرها حاليًا للتخفيف من أعباء الوباء، والتي تم حجز مليارات الجرعات منها مسبقًا.

توظيف الأموال

لكن النائب مدحت الشريف، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان المصري، أكد خلال مناقشة الموازنة، أن السؤال الأهم ليس تخصيص مبالغ كاملة لقطاعيّ التعليم والصحة، ولكن كيفية توظيف تلك الأموال واستغلالها لصالح التنمية البشرية وتحسين الأوضاع الصحية والتعليمية. 

 

 

ربما يقصد النائب المستقل، الذي يطالب دائمًا بوضع خطة تقشفية لمواجهة تأثيرات كورونا على الاقتصاد المصري، أن الجزء الأكبر في أرقام قطاع التعليم يتعلق ببند الأجور في الموازنة الجديدة ليبلغ 105.1 مليار جنيه مقابل 97.4 مليار جنيه في الموازنة الحالية.

ويرى خبراء اقتصاد أن الموازنة الجديدة شديدة التفاؤل فيما يتعلق بتقديرات الناتج المحلي الذي يمثل الأساس الذي تبنى عليه كل الأرقام والمخصصات في ظل تأثيرات كورونا على الاقتصاد العالمي، بجانب الإيرادات التي تسجل قفزة كبيرة رغم تأثر النشاط الاقتصادي وبالتالي الإيرادات الضريبية.

ويبلغ بند شراء الأصول غير المالية “الاستثمارات” المخصصة لقطاع التعليم بوجه عام في الموازنة الحالية 36 مليار جنيه، مقابل 21.7 مليار جنيه الميزانية الحالية، مع خطة طموحة للتوسع في إنشاء فصول دراسية والتوسع في برنامج تطوير التعليم.

خطة طموحة

يقول مصدر بوزارة المالية إن الموازنة راعت العام الحالي وجود خطة لإضافة نحو 39 ألف فصل في مختلف المراحل التعليمية بتكلفة 12.2 مليار جنيه، موزعة بين مدارس تعليم أساسي حكومي تضم 27 ألف و500 فصل بتكلفة 6.8 مليار جنيه من أجل تقليل كثافة الفصول في خمسة محافظات، يصل فيها عدد الطلاب ببعض المدارس إلى 50 طالبًا أو أكثر.

اقرأ أيضا:

“الصحة” في الموازنة الجديدة..  أموال ضخمة وبند إضافي لـ”لقاح كورونا” 

 

ووفقا للمصدر، الذي خاض نقاشات مطولة مع وزارتي التربية والتعليم والتخطيط حين وضع الموازنة، فإن خطة 2020/2021 الاستثمارية تتضمن أيضًا بناء 27 مدرسة جديدة تقدم تعليمًا متميزًا موزعة بين 13 مدرسة يابانية و10 دولية و4 للمتفوقين بكثافة تصل إلى 78 ألف طالب، بتكلفة تقارب النصف مليار جنيه، مع 10 مدراس بتكنولوجيا التطبيقية بالمشاركة مع القطاع الخاص (بما يعني تقليل الضغط على المصروفات الحكومية) بطاقة استيعابية 3600 طالب، مع 100 مدرسة للتعليم المزدوج في مجالات التعليم الفني.

اعتراض سياسي

وصادفت الموازنة اعتراضات من قبل بعض القوى السياسية كحزب التحالف الشعبي الذي قال إنها لم تحقق الاستحقاق الدستوري، فالمخصص للتعليم يمثل 9% من مصروفات الموازنة و2% من الناتج المحلي بينما النص الدستوري ألا يقل عن 7% (مجموع التعليم الجامعي وقبل الجامعي والبحث العملي معًا) من الناتج المحلي.

ويقول الخبير الاقتصادي نادي عزام “إن كورونا تفرض أولويات كثيرة على الإنفاق فقطاع الصحة يحتاج تدابير عاجلة عن التعليم الذي شهد هو الآخر نموًا كبيًرا في المخصصات الحكومية حتى ولو تمثل لنسبة الدستور، ورغم ضعف موارد الدولة وانخفاض الإيرادات العامة الضريبية وغير الضريبية للعام الحالي بنحو 124 مليار جنيه”.

ويضيف عزام، لـ”360″، أن قطاع الصحة مسئولية الدولة بالكامل وليس القطاع الخاص، عكس قطاع التعليم الذي يشهد نموًا رهيبًا في استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي في المدارس والجامعات، وإقبالا من المواطنين على الالتحاق به لجودة مخرجاته وأفضلية ظروف التعليم داخله.

وتضم مصر حاليًا 7 آلاف مدرسة خاصة بجانب 45 ألف مدرسة حكومية وفقا للإحصائيات الرسمية، بينما تتجاوز عدد الجامعات الخاصة الحكومية في العدد بعدما ارتفعت إلى 26 جامعة تديرها شركات وأفراد، مقابل 24 جامعة حكومية.