لم تكن الفتاة العشرينية “سناء سيف” تريد أن تعيد قصتها مع السجن من جديد، لكن أحيانًا يكون الأمر أكبر من الأمنيات والأحلام، فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

نشأت “سيف”، التي تبلغ من العمر 27 عامًا بين أسرة عاشقة للوطن، وقدمت الكثير في المجال الحقوقي والسياسي في مصر، فهي البنت الصغرى للدكتورة ليلى سويف أستاذة الرياضيات في كلية العلوم، والمحامي الحقوقي اليساري أحمد سيف الإسلام، الذي يحمل سجلا حافلا في الدفاع عن النشطاء والمحكومين بين أروقة المحاكم.

“سناء” أصغر أشقائها، تأتي قبلها الناشطة الحقوقية منى سيف التي أسست حملة “لا للمحاكمة العسكرية للمدنيين” في أعقاب ثورة يناير، أما شقيقها الأكبر فهو علاء عبد الفتاح، والذي يعاني من دوامة السجون، كان أولها عام 2011 على خلفية أحداث ماسبيرو، وحكم عليه في 2015 بالسجن 5 سنوات بتهمة التظاهر بدون ترخيص.

وتم الإفراج عن “علاء” بعد انتهاء مدة محكوميته، لكن ظل يقضي فترة تحت مراقبة قسم الشرطة، وفي أحداث سبتمبر الماضي قبض عليه مجددًا أثناء قضائه فترة المراقبة داخل القسم، وتم حبسه احتياطيًا منذ هذا الوقت وحتى الآن.

“أنا فاقدة الأمل فى التغيير، ومفيش داعى للدخول فى مقاومة مفيش جدوى منها، وتكلفتها غالية، أما أنا فأى مقاومة بعملها مش من منطلق الأمل فى التغيير، ولكن هى مفروضة عليا لمساندة أخويا اللى بيتعرض لظلم، وأنا من وقت القبض عليا أول مرة – عام ٢٠١٤- كنت أحب أسافر، وأرمى كل دا ورا ضهرى، لكن كل حاجة يمكن الاستغناء عنها إلا العيلة”، هذا ما ذكرته “سناء” أثناء التحقيقات معها في نيابة أمن الدولة العليا أمس، بعدما تم القبض عليها من أمام مكتب النائب العام أثناء توجهها لتقديم بلاغ في واقعة الاعتداء عليها وعلى أسرتها أمام سجن طرة.

اقرأ ايضًا: سحل وحبس ومناشدة بالإفراج.. القصة الكاملة لواقعة “سناء سيف”

 

صعد اسم الفتاة العشرينية في سماء المجالين السياسي والحقوقي في مصر، منذ ثورة 2011، ومرت بتجربة السجن مرتين، الأولى كانت في يونيو عام 2014 من أمام قصرالاتحادية في مظاهرة لرفض قانون التظاهر والمطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي، حيث حكم عليها بالسجن 3 سنوات، ثم خُفف الحكم إلى عامين ومراقبة عامين، ومن ثم تم العفو الرئاسي عنها في سبتمبر  2015 مع 100 آخرين.

وتوفي المحامي اليساري أحمد سيف الإسلام في أغسطس عام 2014، أثناء وجود سناء وعلاء داخل السجن، وبعد مناشدات خرج الشقيقان لحضور  جنازة وعزاء والدهما الذي أقيم بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير وحضره المئات.

اقرأ ايضًا: شادي حبش.. “نهاية فنان” تعيد فتح ملف الحبس الاحتياطي بمصر

أما المرة الثانية، التي مرت “سناء” فيها بتجربة السجن، كانت في عام 2016 حيث حكم عليها غيابيا بالحبس 6 أشهر بتهمة إهانة القضاء، جاء هذا الحكم على خلفية عدم تلبية سناء للاستدعاء للتحقيقات على خلفية احتجاجات الأرض “جزيرتي تيران وصنافير” في إبريل عام 2016، وسلمت سناء نفسها عقب صدورالحكم.

وفي أكتوبر عام 2019 وعقب أحداث سبتمبر من العام نفسه، أوقفت الشرطة سناء عبد الفتاح، بعدما رفضت السماح لها بتفتيش هاتفها، كإجراء تقوم به أجهزة الأمن التي شهدها ميدان التحرير في 20 سبتمبر.

وقالت الناشطة منى سيف، شقيقة “سناء” آنذاك عبر حسابها على موقع “تويتر”: “سناء اتاخدت على قسم عابدين عشان وقفوها في الشارع وتمسكت بحقها القانوني ورفضت تديهم موبايلها”.

وأمس كانت التجربة الثالثة لـ”سناء” مع الحبس، حيث قررت نيابة أمن الدولة العليا حبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات، بعد توجيه عدة تهم لها وهي: “نشر أخبار كاذبة، وإساة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتحريض على جرائم إرهابية”.

اقرأ ايضًا: محمد سعد عبد الحفيظ يكتب: الحبس الاحتياطي.. ثقب مصر الأسود

وتم القبض على “سناء” على حسب تعبير شيققتها الكبرى منى سيف” من أمام مكتب النائب العام أثناء توجهها لتقديم بلاغ  في واقعة الاعتداء عليها وعلى أسرتها من قبل سيدات أمام سجن طرة.

وذكرت “منى” عبر صفحتها، أن شقيقتها “سناء” تعرضت للضرب والسرقة والسحل وتمزيق ملابسها أمام قوات الأمن التابعة لتأمين سجن طرة.

وجات تلك الأحداث بعد مرور يومين على انتظار الدكتورة ليلى سويف أمام بوابة سجن طرة، وهي تحمل لافتة “عايزة جواب” من ابنها علاء عبد الفتاح المحبوس احتياطيًا للإطمئنان على صحته، وقبل الواقعة بساعات حضرت “سناء” وشقيقتها “منى” للوقوف بجانب والدتهما التي أرهقها طول الانتظار من أجل “جواب”.