لحظة إعلان فوز كتابه بجائزة أفضل كتاب على مستوى العالم، عن كتابه “السعي والعدالة.. القانون والطب الشرعي في مصر الحديثة”، لا يمكن أن تُمحى من ذاكرته، وقد منحته اللقب جمعية التاريخ الاجتماعى في بريطانيا.

إنه المؤرخ المصري “خالد فهمي”، الذي يقول: “شغفي بعلم التشريح بدأ منذ زمن بعيد، وقرأت العديد من المؤلفات عن المجال نفسه قبل الكتابة”.

ويضيف العالم البالغ من العمر 65 عامًا، بصوته المرتجف، خلال مداخلته عبر موقع جمعية التاريخ الاجتماعي، وقد أبدى سعادته بفوزه بالجائزة، أنه أصبح يمتلك قناعة تامة بأن الطب يمكن أن يساعد على التأريخ لبناء مصر الحديثة، ، ويشير إلى أنه قضى وقتا طويلا في الإطلاع على الوثائق التاريخية والمراجع والدوريات التي ساعدته في تأليف الكتاب، ويؤكد أنه استفاد كثيرًا من تقارير الطب الشرعي المرفقة بسجلات الشرطة ضمن قضايا القتل والاعتداء.

كنز التشريح

لم يحصل “فهمي” على هذه الجائزة بمحض المجاملة، فقد أشادت لجنة التحكيم بالكتاب من الناحية العلمية، وهو يُثمن كقيمة كبيرة لما يتناوله من الطب الشرعي في تاريخ مصر الحديث، وأهم ما جاء في الكتاب أنه يُفند الاعتقاد السائد بأن التطور الذي حدث في هذا المجال كان بسبب التأثير الأوروبي، أو بمعنى آخر أنه تقدم مستورد من ثقافات أخرى، فأكد من خلال كتابه، الأصول المصرية لعلم التشريح وتطورها عبر الزمن.

 

اهتم “فهمي” بتوثيق ما جاء في كتابه بمصادر تاريخية ثرية، ومخطوطات يرجع عمرها لمئات السنين، ليس هذا فحسب، فالكتاب يحتوي أيضاً على صور نادرة توضح المسار التاريخي للطب الشرعي، بدءًا من التجارب البسيطة ، وصولاً إلى أكثر العمليات الدقيقة المتعلقة به، حتى أوصت اللجنة في تقريرها النهائي، بأن هذا الكتاب يعد مرجعاً للدارسين في مجال التشريح.

كما وضعت الجائزة شروطًا صارمة للتقدم إليها وقد اجتازها “فهمي” جميعاً، ومن بين تلك الشروط أن تكون الكتب المقدمة مترجمة للغة الإنجليزية، كما اشترطت أن يكون المؤلف من سكان بريطانيا وقت تقدمه للجائزة، كذلك اشترطت الجائزة أن يكون هناك مؤلفات سابقة للمؤلف، على أن يكون الكتاب المرشح للجائزة هو الثاني على الأقل، وتكون الجهة المرشحة للكتاب هي جهة النشر.

 

اقرا أيضا”

“كتاب لا يريدك ترامب أن تقرأه”.. الضربات تواصل ملاحقة ساكن البيت الأبيض

 

لم يكن هذا الكتاب هو المؤلف الأول لخالد فهمي، فله العديد من المؤلفات والأبحاث يأتي في مقدمتها كتاب (الجسد والحداثة) وهو صادر عن دار الكتب والوثائق القومية، كذلك كتاب (تنفس الصباح) وهو صادرعن دار البشير للثقافة والعلوم وغيرها من المؤلفات الثمينة.

تاريخ مُشرف

وقد نمت موهبة “فهمي” منذ صغره لتمهد لنجاحات عدة، العامل المشترك بينها جميعاً هو ارتباطه وشغفه بالتاريخ الاجتماعي والثقافي للشرق الأوسط، رغم عدم ارتباط دراسته الأساسية بالتاريخ إلا أنها الهواية الذهبية بالنسبة له.

حصل “فهمي” على درجة البكالوريوس في الاقتصاد عام 1985، ثم حاز بعدها على درجة الماجستير في العلوم السياسية عام 1988 من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تلاها حصوله على رسالة الدكتوارة بموضوع التاريخ الاقتصادي والاجتماعي من كلية القديس بطرس، من جامعة أوكسفورد في 1993 وبعد إقامته في جامعة أوكسفورد أصبح أستاذًا مساعدًا في قسم دراسات الشرق الأدنى في جامعة برنستون خلال الفترة من 1994 إلى عام 1999، ثم ذهب إلى نيويورك ليعمل أستاذاً مساعداً بقسم الدراسات الشرقية والإسلامية في الفترة ما بين 1999 إلى 2010، وهو نفس العام الذي عاد بعده “فهمي” لأرض الوطن ليشغل منصب رئيس قسم التاريخ في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وقدم عددًا من المؤلفات في موضوعات مختلفة منها التعذيب، التجنيد، التخطيط الحضري، السجون، الشرطة، الطب الشرعي، ومواضيع أخرى تتعلق بالقرن التاسع عشر.