يتزامن اليوم الخميس الموافق 25 من شهر يونيو، مع مرور عام على القبض على المحامي والناشط السياسي زياد العليمي، على خلفية اتهامه في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”قضية الأمل”، والتي جُدد له الحبس بها قبل أيام بـ45 يومًا.

sss

وفي قضية أخرى، كانت محكمة جنح المقطم، قد قضت في 10 مارس الماضي بحبس “العليمي” لمدة عام وغرامة 20 ألف جنيه، بتهمة “تشويه سمعة مصر” من خلال نشر أخبار كاذبة، بحسب وسائل إعلام محلية، وجاءت التهمة على خلفية تصريحات خلال لقاء أجراه مع قناة “بي بي سي”.

معارك “العليمي”

معارك كثيرة خاضها “العليمي” دفاعًا عن وطن، كان يحلم بالحرية والديمقراطية فيه، معاركه العديدة رسمت طريقه إلى السجن، لكن خلال عام من السجن بتهمة نشر أخبار كاذبة، لازال زياد يحلم بوطن جديد.

شارك “زياد” في ثورة 25 يناير 2011، وكان عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة والمتحدث الرسمي باسم الائتلاف، وقبل الثورة كان أحد مديري حملة “البرادعي” الانتخابية، وخاض انتخابات مجلس الشعب 2011-2012 ضمن قوائم الكتلة المصرية، عن الدائرة الرابعة بالقاهرة، وحاز على المقعد في الجولة الأولى، واشتهر في البرلمان بمعارضته للمجلس العسكري وصداماته السياسية مع نواب الإخوان.

 

خلال عضويته في البرلمان، واجه حملة لرفع الحصانة عنه بعد تهكمه على الشيخ محمد حسان، أحد الزعماء الروحيين لليمين الديني في مصر، وأحاله مجلس النواب ذو الأغلبية الإخوانية، برئاسة محمد سعد الكتاتني إلى هيئة التحقيق بالمجلس، محاولين فصله من عضوية المجلس.

ورفض “العليمي” تقديم اعتذار صريح في جلسة مجلس الشعب المقامة في 19 فبراير2012 مكتفيا بتعليق الأمر على إساءة فهم تصريحاته، وقرر رئيس المجلس محمد سعد الكتاتني إحالته إلى هيئة المجلس لاتخاذ الإجراءات المناسبة حياله.

استمر “زياد” في معارضته للتيار الديني وحكم الإخوان، أحد أبرز التيارات اليمينية المتطرفة، فشارك في احتجاجات الثلاثين من يونيو ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، والتي أطاحت به من سدة الحكم. والآن هو جنبًا إلى جنب مع خيرت الشاطر، وتنظيم حسم، على قائمة الإرهاب.

يذكر أنها ليست المرة الأولى، التي يتم فيها القبض على “العليمي”، ففي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في مارس ٢٠٠٣، ألقي القبض عليه مع مجموعة من الحقوقيين والنقابيين من بينهم “الدكتورة منى مينا، والمحامي جمال عيد”، وواجهوا حينها اتهامات بـ التظاهر وتهديد الأمن العام، وقلب نظام الحكم، وأخلي سبيلهم في أبريل 2003.

قضية الأمل

دائرة الإرهاب بمحكمة الجنايات، أدرجت المحامي الحقوقي وعضو الحزب المصري الاجتماعي والبرلماني زياد العليمي، وعدد من رفاقه المتهمين في قضية” الأمل”، على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات، ومنعه من السفر هو ورفاقه، وحرمانهم من ممارسة أي عمل سياسي، لكن الحكم لن يمنع الأمل الذي التصق باسم قضيتهم.

 

اقرأ أيضا:

“معركة صامتة” .. زياد العليمي من حصانة البرلمان إلى قوائم الإرهاب

 

وطالبت أسرة “العليمي” وعدد من النشطاء والحقوقيين بضرورة الإفراج عنه، بعد تأكد إصابته بارتشاح في القلب وتراجع حالته الصحية أثناء تواجده في فترة الحبس الاحتياطي، بالإضافة إلى معاناته من بعض الأمراض المزمنة ومنها حساسية الصدر، والسكر، ونقص بالأجهزة المناعية.

“تشويه سمعة مصر”

وأبدت والدة “العليمي”، الصحفية إكرام يوسف، تعجبها من تهمة تشويه “سمعة مصر” قائلة إن القضية التي صدر الحكم بشأنها، ظهرت فجأة، حيث تذكروا أن هناك محاميا كان قد تقدم ببلاغ ضد “العليمي” منذ ثلاث سنوات يقول فيه إنه نشر أخبارا كاذبة تسيء لسمعة الوطن في حوار مع بي بي سي”، مشيرة إلى أن الفيديو نفسه مفبرك وليست فيه صورة.

وقالت عبر صفحتها، إن نجلها “بعدما قبض عليه في 25 يونيو 2019، أدرج على قضية اسمها “تحالف الأمل”، وهو محبوس احتياطيا على ذمتها، ولا يزال قيد التحقيق، أي لم يصدر اتهام رسمي ضده حتى الآن”.

 

قيد سياسي

“الحكم ينهى الحياة الحزبية تمامًا، ويؤدي إلي تكريس الابتعاد عن ممارسة العمل الحزبي، أو الانخراط في العملية الديمقراطية عبر بوابة الانتخابات المزمع عقدها عام ٢٠٢١”، هكذا بدأ المحامي الحقوقي محمود قنديل، حديثه عن وضع “زياد العليمي”، ورفاقه على قوائم الإرهاب على ذمة قضية “الأمل”، مضيفًا أنه من المعلوم أن اتهام وحبس العليمي، نتيجة لممارسته حقه الدستوري في العمل الحزبي العلني.

وأضاف “قنديل” أن الحكم وإن كان عنوان الحقيقة، فهو هنا عنوان لإهدار ضمانات المحاكمة العادلة حيث فوجئ زياد، وآخرين بصدور الحكم في غيبتهم، ولم يواجهوا بالاتهام، أو فرصة لمناقشة ودحض المستندات، وما عساه من أدلة، جميعها تعتبر مجهلة لأن (المتهم) لم يواجه بها.

ولم يمنح فرصة هو أو محاميه بإبداء دفاعه، ذلك لأن طلب الحكم بالإدراج في قائمة الكيانات الإرهابية يكون من النائب العام وفقا لما يراه.

ويقول قنديل: “بالطبع ما يراه هو محضر جميع التحريات وغيرها من الاتهامات والأدلة التي باتت نمطية واكتسبت مع الوقت صفة “الكلاسيكية” وغاية الأمر هو تمكين المتهم من الطعن بالنقض على الحكم بعد نشره في الجريدة الرسمية.

والمثير في الأمر، أن زياد تم التحقيق معه وحبسه احتياطيا على ذمة قضية عُرفت إعلاميا بـ” قضية الأمل” ولكن هذا الحكم جاء للاتهام في قضية جديدة تماما غير قضية “الأمل”!؟.

ويوضح قنديل أن وضع ناشط سياسي عاش حياته يكافح التيارات الدينية المتطرفة، بوضعه على قوائم الإرهاب، ينال من الحكم ومن قيمة القانون نفسه.

وبمنطق رسمي وبراجماتي فهو يضر بالدولة أكثر ما يفيد، بل أنه يؤدي بالضرورة إلي سطحية وعدم الثقة في الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الدولة لمكافحة جريمة الإرهاب وغيرها من الجرائم الخطيرة، و جريمة غسيل الأموال، والجريمة المنظمة عبر الوطنية.

وكانت نيابة امن الدولة العليا قد اتهمت البرلماني السابق زياد العليمي، والناشط السياسي رامي شعث منسق الحركة الشعبية لمقاطعة إسرائيل ” والصحفييان هشام فؤاد وحسام مؤنس مدير الحملة الانتخابية لحمدين صباحي، والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، بمجموعة من الاتهامات منها، مشاركة جماعة إرهابية لتحقيق أغراضها مع العلم بأغراضها، نشر وإذاعة أخبار كاذبة الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

بتلك الاتهامات واجه العليمي ورفاقه، مصيرهم المجهول مع أول حضور لهم أمام النيابة بعدما ألقي القبض عليه في 25 يونيو من العام الماضي، وألقي القبض على العليمي، وعدد من السياسيين والصحفيين والمحامين، بصورة متفرّقة ومن مناطق مختلفة، وظهروا بعد ساعات في نيابة أمن الدولة العُليا.

وكان رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد، قد أكد على أن حزبه كان جزءًا من مشروع سياسي مشترك بين أحزاب وسياسيين منتمين للقوى المدنية الديمقراطية، وكان الهدف منه هو فتح المجال العام للعمل السياسي السلمي، وكذلك خوض كل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ” قائمة الأمل”.

 

الكيانات الإرهابية

وبحسب أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015، فى شأن تنظيم الكيانات الإرهابية، فإن حكم إدراج الأشخاص على قوائم الإرهاب يقضي بالإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد، وسحب جواز السفر أو إلغائه أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي المناصب العامة أو النيابية، ووقف الخدمة بالوظائف العامة.

 

اقرأ أيضًا:

إكرام يوسف: زياد العليمي يدفع ثمن مشاركته في ثورة يناير

 

ويؤدي الحكم إلى تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للإرهابي، وحظر ممارسة كافة الأنشطة الأهلية أو الدعوية، وكذلك وقف العضوية في النقابات المهنية ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات وأي كيان تساهم فيه الدولة أو المواطنين، وأي كيان مخصص للمنفعة العامة.

وعلق الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي ساهم في تأسيسه “العليمي”، في بيان له قائلاً: إنه في تطور خطير وغير مسبوق تم وضع اسم زياد العليمي على قوائم الاٍرهاب، ليكون أول شخصية سياسية غير محسوبة على الإخوان وجماعات التطرّف يتم وضعها على هذه القوائم، والذي عُرف طوال تاريخه السياسي بالعداء لجماعات الاٍرهاب”.

وطالب الحزب في بيانه، برفع اسم زياد العليمي من قوائم الاٍرهاب والإفراج عنه فوراً، واعتبر الحزب، أن هذا الحكم يعد تصعيداً خطيراً، ويدفع كل المهتمين بالمجال السياسي – على قلة عددهم– إلى الشك بعمق في جدوى استمرار الأحزاب السياسية، وبعدما فرض عليها ما يمكن وصفه بدون أي مبالغة بالتجميد القسري من قبل السلطات، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إلى إعادة النظر من المؤسسات المعنية.