تداولت وسائل إعلام هندية ، خلال الأيام الأخيرة، معلومات نقلا عن مصادر استخباراتية، مفادها أن “تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية”، يعمد منذ مارس الماضي إلى تحويل “قبلة الجهاد” الخاصة به إلى إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، في مؤشر خطير على احتمالية تصاعد الأوضاع في الإقليم، الذي يعاني سكانه وغالبيتهم مسلمون من تعسف السلطات الهندية، وسط توترات كادت أن تتحول إلى حرب حدودية بين الجارين اللدودين.
يرى التنظيم في ذلك فرصة ذهبية مواتية لاستغلال تدهور الأوضاع في كشمير، والانقسام الطائفي الجديد في الهند، بسبب سياسات الحكومة الهندية الحالية، التي وصفت من قبل محافل دولية عدة بأنها “عنصرية ومناهضة للوجود الإسلامي” في الهند، ومن ذلك قانون تعديل المواطنة لعام 2019، وقانون إعادة تنظيم جامو وكشمير لعام 2019.
ويلعب التنظيم منذ إنشائه عام 2014، على وتر تأجيج مشاعر المظلومية بين المسلمين في المنطقة، داعيا إلى “حماية المسلمين من الاضطهاد”، ما كان له أثر بالسلب، وجاء بنتائج عكسية على المسلمين أنفسهم في ثماني دول أسيوية؛ حيث تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والاضطهاد.
وفي 21 مارس، أكد «تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية»، في واحدة من أكبر مجلاته باللغة الأردية، حدوث هذا التحول الجغرافي في الاستراتيجية “الجهادية القاعدية”، الذي يعبر في الغالب عن الأهداف المرحلية الجديدة للتنظيم، خاصة بعد جنوح حركة “طالبان” الحليف الرئيس للتنظيم إلى السلام، وعقدها مباحثات مطولة مع الولايات المتحدة، ما يعني ضرورة خروج مسلحي “القاعدة” من منطقة الحدود “الأفغانية- الباكستانية”، إلى مكان آخر لا تكون لواشنطن أي ولاية عليه، وانضمامهم إلى زملائهم من أعضاء “تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية”، الأمر الذي يزيد من خطورة الوضع في الإقليم الملتهب.
ويرى المراقبون أن أفغانستان لم تعد الملاذ الأساس لتنظيم القاعدة، أو لفرعه في جنوب آسيا. وقد تكون النهاية المحتملة للحماية التي أسبغتها حركة “طالبان” على التنظيم، كنتيجة لاتفاقها مع الأمريكيين برعاية الدوحة، هي سبب إقدام تنظيم “القاعدة” في شبه القارة الهندية على تحويل مركز عملياته.
“غزوة الهند” القادمة
خصصت مطبوعة “القاعدة” فصلا كاملا عن “الجهاد في كشمير”، معلنة أن هذه المنطقة ستكون مركزا للنشاط الجهادي لتنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، وأماطت اللثام عن استراتيجيته المستقبلية المتمركزة حول الإقليم، تحت شعار “غزوة الهند”.
كما تضمن العدد مقالا بعنوان “من قندهار (أفغانستان) إلى دودا (كشمير): موسم الآمال”. تطرق المقال إلى عزم “القاعدة” على تثبيت جذوره في كشمير. وألمح كاتب المقال إلى الأوضاع المتغيرة في المنطقة، ومخططات تنظيم القاعدة لـ “مواصلة جهوده لنشر الإسلام والدعوة إلى الجهاد من أجل المسلمين الذين يعانون الاضطهاد والضيم في المنطقة”.
وهو نفس ما تعهد به الإرهابي أيمن الظواهري، زعيم “القاعدة الأم” من خلال بث إصدار مرئي عن فرع «القاعدة» بشبه القارة الهندية، بإعادة حقوق المسلمين المسلوبة، وتوفير الأمن والاستقرار لهم ولأسرهم وممتلكاتهم، مؤكدًا لهم حياة الاستقرار، بعد السنوات الطوال التي شهدوا أشد أنواع العنف، وهو ما لم يتحقق أبدا، رغم مرور نحو 6 سنوات على تأسيس التنظيم، الذي – على العكس- جاء بنتائج كارثية على الأقليات المسلمة بهذه الدول.
وتحول فرع «القاعدة» في شبه الجزيرة الهندية من الدفاع عن الأقليات المسلمة، إلى تسببه المباشر في تهجير أقليات مسلمة وصل عددها إلى مليون شخص، كما حدث في «بورما»، وهاجروا بالفعل إلى دول الجوار، أبرزها بنجلاديش، بعد وقوع العديد من أحداث العنف الطائفي ضدهم.