“حكايات نساء في أيام الوباء”، دراسة أعدتها مؤسسة قضايا المرأة المصرية، لتسليط الضوء على التأثيرات الواقعة على النساء المهمشات في ظل انتشار فيروس كورونا، بهدف زيادة قدرة هؤلاء النساء على مواجهة هذه التحديات.
ركزت الدراسة، التي تناولت في مضمونها أيضًا تأثير “كورونا” على المجتمعات الفقيرة، والفئات المهمشة التي تعاني من التمييز والعنف المبني على النوع الاجتماعي بشكل ملحوظ في شتى المجالات، على مجموعة من المحاور هي الوعي بوباء كورونا، والتأثيرات الاقتصادية، والتأثيرات الاجتماعية في إطار العلاقات، والأدوار بين أفراد الأسرة، والضغوط والتأثيرات النفسية، والعنف ضد المرأة.
“يعنـى الواحـد يمشي غلـط عشـان نقـدر نـاكل ولا أعمـل أيـه؟”، بهذه الكلمات بدأت إحدى السيدات المعذبات في ظل أزمة “كورونا”، حكايتها مع الظروف الراهنة، وما تعانيه من ظروف معيشية صعبة، مع مسئولية أطفال وأسرة، لها متطالباتها اليومية.
اقرأ أيضًا:
الخوف على شرفها يفوق خوفها على قسوة معاناتها، كما وصفت للمؤسسة، قائلة:”الســت التى أروح أنضــف عندهــا طردتنــى لمــا لقتنــى مــش لبســة جوانتــى أو كاممــة وقالت لــي انتــي جايــة مــن الشــارع تجبيلنا عـدوى مـع إني كنـت لافـة الطرحـة عـلى وشي، طيـب أنــا هجيــب منيـن ياريتهــا كانــت جابتــي هــي كمامــة بــدل مـا مشـتني، ده النـاس بقـت بتـرش علينـا كلـور قبـل ماندخـل نشــتغل، أهـم حاجة هـمـا يبقــوا كويســن”.
وتابعت: “ولمـا نزلــت مــن عندهــم قعـدت أعيـط في الشـارع، وقابلنـي راجـل كبـير بيشـتغل بـواب، جـه وطبطـب عليـا وجابـي شـيبيس وبسـكويت وحاجـة سـاقعة وبعدهــا قــالي تعــالي معايــا البيــت وهديــكي لحمــة وأكل وفلـوس.. روحـت زقيتـه ومشـيت وأنـا الـلى كنـت فاكـراه عـاوز يهــون عليــا، لــو واحــدة غيــري في نفــس الظــروف دي وقلــة الدخــل كانــت ممكــن توافــق.. تفتكــروا كــدة يعنــى هيبقــى حلــو؟؟”، بحسب قولها.
“أبويا بيضغط عليا”
ويبدو أن الحفاظ على النفس ليس أصعب ما يواجه النساء في زمن الوباء، حيث كشفت إحدى السيدات للمؤسسة، ما تعانيه في ظل أب قاس وأبناء صغار ولقب “مطلقة”.
وقالت “أنــا ابتديت حكايتــي لمــا أبويــا قــرر يجــوزني وأنــا لســه عيلــة صغيـرة لأي حـد مـن غيـر حتـى مـا يتأكـد أنـه كويـس وهيحافظ عليـا ولا لأ، والنتيجـة إني دلوقتـى 33 سـنة ومطلقـة بثلاثة عيـال مسـئولة عنهـم في كل حاجـة، ما هـو أنـا أصـلًا كانـت أهـم مشاكلي مـع أبو عيالي أنـه مكانـش بيتحمـل مسـئولية العيـال ومبريضـاش يصـرف عـلى البيـت ورامـي الحمـل عليـا، وكنـت بشـتغل وبسـاعد لكـن كتـر المشـاكل كانـت مأثـرة عـلى نفسـية العيـال، وللأسف مكنـش في حـد مـن أهلـي بيقـف جنبـي ويساعدني بالعكـس”.
وتابعت: “أنـا بعـد طلاقي بقيـت عايشـة مـع أبويـا وبصـرف عليـه هـو كمـان لأنه راجـل كبـير ومعنـدوش مصـدر دخـل، وكان بيخلينـي أخـد قـروض باسمي عشـانه، ومبشـوفش منـه أي تقديـر، بالعكـس طـول الوقـت بيحسسـني إني مقـصرة معـاه ده غيـر مضايقتـه المستمرة ليـا ولعيالي، العـبء زاد عليـا قـوي خصوصـًا دلوقتـى لـما مشونى مـن المصنع الـلى بشـتغل فيـه واسـتغنوا عـن عـدد كبـير مننـا عشـان يقللـوا العـدد بسـبب كورونـا، بقيـت هتجنـن مـش عارفـة أجيب منـين وأجيـب أكل وهدفـع الإيجار ازاي، وأبويـا بقـى بيضغـط عليـا أكتـر بسـبب ضيـق الحـال، وما مبقتـش أديـه فلـوس زى الأول، في بدايـة الأزمة أديتـه 100 جنيـة فقالي وجايـة علـى نفسـك كـدة ليـه” .
“شايلة الوبا وماشية بيه”
ووصفت إحدى السيدات ما تلقاه من سوء معاملة أثناء عملها بسبب “كورونا” بقولها “الناس بقـت بتخـاف منـي وكل مـا أنـزل أدور علـى شـغل في أي بيـت أمسـح فيـه سـلالم يرفضوني لأن المنطقة اللـي أنـا عايشـة فيهــا معمولهــا حجــر صحــي عشــان كورونــا، بتعامــل وكأني شــايلة الوبــا وماشــية بيــه”.
وأردفت: “وطبعــا وضعــي وعيشــتي بقــت صعبــة أوي، وكنــت بشــتغل عاملــة نظافــة في مدرســة قبــل كورونــا وكنــت بأخذ 1000 جنيــه في الشــهر، وطبعــًا قعدونــا لمـا المدارس قفلـت ومبقـاش عنـدي مصـدر رزق خالـص، حتـى جــوزي زي قلتــه مبيصرفش عـلـى البيــت وبالعكــس بيطلــب وبيتحكــم ومبقــدرش أقولــه حاجة، هعمــل أيــه ومــن هيســمعني ودي جــوازتي التانيــة ومــش حمــل طــلاق تاني وخايفــة كــمان مـن نظـرة النـاس ليـا”.
اقرأ أيضًا:
توصيات
وذكرت المؤسسة في دراستها، عدة توصيات للتخفيف عن كاهل الفئات المهمشة في ظل أزمة كورونا، والتي منها العمــل عــلى بنــاء جسر مــن الثقــة بين الدولــة والمواطنين عبر طــرح سياســات وخطــط وبرامــج واضحــة ومحــددة لمواجهــة وبــاء كورونــا والمصارحــة والشــفافية وتــداول المعلومــات بشــأن أعــداد المصابين والوفيــات والتجهيــزات الطبيــة.
كذلك ضرورة اتســاق القــرارات التــي تصــدر مــن الجهــات المعنيــة مــع خطــورة الوضــع الراهــن وتزايــد حــالات الوفيــات والإصابــات بوبــاء كورونــا وعــدم قــدرة المنظومــة الصحيــة على اســتيعابها، مــع الأخــذ في الاعتبــار الفئــات المهمشــة والأشــد احتياجــا قبــل إصــدار هــذه القــرارات، علاوة على، اتخاذ إجراءات وعقوبات معلنة ضد أي مسئول يتسبب في زيادة وانتشار العدوى بوباء كورونا.