عدد من الأزمات تواجه الصيادلة وأصحاب الصيدليات في الآونة الأخيرة، خاصة بعد انتشار فيروس كورونا المتحول “كوفيد 19″، وهو الأمر الذي أعاق قدرتهم على مواصلة العمل في كثير من الأحيان، وتعد الشائعات المرتبطة بمساهمة الصيادلة وأصحاب الصيدليات في تقليل حجم الدواء وتسريبها للسوق السوداء أحد أبرز هذه الأزمات على الإطلاق، فضلا عن عدد من العوائق التي تحتاج لتدخل حكومي مباشر.

رئيس شعبة الصيدليات، أمير هارون، أكد أن الصيدلي خط الدفاع الأول خلال أزمة فيروس كورونا التي تمر بها البلاد، وهو ملاذ الأهالي الآمن من المستشفيات، خاصة بعد القرار الذي أصدرته وزارة الصحة والسكان بلجوء المواطنين إلى العزل المنزلي لتصبح الصيدلية هي وجهة المصابين الرئيسية وقبلتها، ولما تقوم به أيضًا من إجراءات حماية وتعقيم.

يقول “هارون” إن أزمة نقص الدواء لا تتحملها الصيدليات، مشيرًا إلى تزايد الإقبال على بعض الأدوية في ظل انتشار كورونا، مما أدى إلى حدوث نقص في العديد من الأدوية المرتبطة بتقوية المناعة والفيتامينات على سبيل المثال، وهو أمر لا يمكن أن يتحمل مسئوليته أي شخص أو جهة، مشيرًا إلى أن الشركات توفر مخزونها لمدة ثلاثة أشهر بحسب احتياجها الطبيعي، مضيفًا أن حالة الخوف التي أصابت المواطنين دفعتهم إلى تخزين الدواء، فمن يحتاج إلى عبوة دواء يشترى 5 عبوات إضافية تجنبًا لنقصه، وهو الأمر الذي ضغط على الكميات المطروحة في القطاع الصيدلي.

 

الصيادلة في كورونا

رئيس شعبة أصحاب الصيدليات يؤكد أن عدد الصيادلة، الذين راحوا ضحية أزمة “كورونا” لا يُحصى نظرًا لطبيعة عملهم، واستقبالهم للحالات والتي يتعامل معها الصيدلي “كزبائن” له فلا يستطيع أن يوقف تعاملاته الإنسانية معهم فهو أشبه الى حد كبير بـ “العمدة” في القرية، يستقبل أصحاب المشاكل محاولًا حلها.

ويشير “هارون” إلى أن جميع الجهات تتحدث عن الجيش الأبيض والتمريض، وعند الحديث عن الصيدلي يتم اتهامه بالتربح، وهو ما حدث في أزمة الكمامات والكحول الإثيلي، مما دفع الدولة الى تسعير الكمامات بـ 2 جنيه في حين أن الصيدلية قامت بشرائها في بداية الأزمة بسعر 4 جنيهات، وهو ما جعل الكثير من الصيدليات والسلاسل تتوقف عن بيعها، لافتًا الى “أن هذه ليست الواقعة الأولى التي تم اتهام الصيدلي فيها بالتربح أو يتم التشكيك فيه، ولكن بالنظر الى حملات التفتيش على الصيدليات فطريقة تعاملهم وعددها يتجاوز حملات التفتيش المستهدفة لبيوت الدعارة وتجار المخدرات”.

لم تتوقف أزمات الصيادلة عند هذا الحد، بل أكد رئيس شعبة أصحاب الصيدليات، أن هناك سلسلة من القرارات التي صدرت مؤخرًا، ومنها بيع بعض الأدوية من منافذ التوزيع بالمخالفة للقانون 127 لسنة 55 الذي ينص على عدم بيع الدواء إلا من خلال منشأة صيدلانية، وهو ما تمت مخالفته بتوجيه المواطنين الى فروع التوزيع وهو ما يدل على عدم وجود ثقة في الصيادلة.

 

اقرأ أيضًا:

التعايش مع “كورونا”.. رفع القيود غير صائب دائمًا

 

عدم الاختصاص

محمود فؤاد رئيس مركز الحق في الدواء، أكد “أن الصيدلي يتعامل في جائحة كورونا بقدر كبير من عدم الاختصاص، فعلى سبيل المثال وصف دواء لـ كورونا، فالصيدلي يقوم بإعطاء المريض مجموعة من الأدوية المعززة للمناعة على أنها علاج، فلا يوجد دولة في العالم يذهب فيها المريض إلى الصيدلية ويصف ما يعانى منه ويقوم الصيدلى باختيار الدواء له دون وجود روشتة، لأن كل مريض له تاريخه وسجله مع المرض فضلًا عن احتياجه للفحوصات اللازمة إضافة الى علمه بالتفاعلات الكيميائية للأدوية”. 

دور لا يمكن تجاهله

الدكتور مصطفى الوكيل، عضو مجلس نقابة الصيادلة، أكد أن الصيدلى يقوم بدور لا يمكن تجاهله في ظل أزمة كورونا معتبرًا أن هناك عدد من الأزمات التي تحتاج إلى تدخل الدولة ومنها إعادة صياغة القوانين التي لازالت إصدار عام 1955 رغم تغير جميع العلوم، مشددًا على دور الصيدلى البطولي في أزمة فيروس كورونا معتبره مقاتلًا يقف في خط الدفاع الأول في ظل الضغوط التي تعاني منها المنظومة الطبية بشكل عام.

 

السوق السوداء

يكشف الدكتور أمير هارون أن هناك مغالاة في أسعار عدد كبير من الأدوية نظرًا لتوريدها للسوق السوداء، فعلى سبيل المثال: “علبة الجلايكوجين سعرها 90 جنيه لكنها تُباع في السوق السوداء بـ 1500 جنيه”، وعادة ما يتم إلقاء اللوم على الصيادلة، ولكن حقيقة الأمر أن الصيدلي لا يستطيع فعل ذلك لعدد من الأسباب أهمها أن سوق تحتاج الى كميات كبيرة من الدواء والصيدليات لا تتوفر لديها هذه الكمية، متهمًا شركات التوزيع والشركات المنتجة ببيع الدواء للسوق السوداء مؤكدًا أن الصيدلى هو الطرف الأضعف في هذه المعادلة. 

“أحمد على”، أحد الصيادلة، أكد أن دورهم قاصر على اعطاء الدواء للمريض ولا علاقة لهم بما تم تداوله بشأن نقص الأدوية أو تهريبها، فالصيدلية تطلب الأدوية من الشركات التي تتحكم بشكل أساسي في الدواء سواء من خلال توفيره أو بيعه في أماكن أخرى، معتبرًا أن مصلحة الصيدلية تقتضي توفير احتياج المواطنين ونقص الأدوية يجعل المواطن يبحث عن مكان بديل وهو ما تعانى منها جميع الصيدليات الآن بعد القرار الصادر بشأن بيع الأدوية في منافذ الشركة المصرية.

 

اقرأ أيضا:

الأعداد الحقيقية لحالات كورونا بمصر.. المعلن رسميًا نحو 10% فقط

 

المشاكل والحلول

رئيس شعبة أصحاب الصيدليات أكد أن هناك عدد من الأزمات تعانى منها الصيدليات بشكل عام يأتي على رأسها عدم توافر الأدوية وعدم دعم الحكومة للصيدليات العامة والمخرج من هذه الأزمة هو توفير الأدوية للصيدليات والسماح للصيدليات ببيع الأدوية التي تم قصر بيعها على منافذ الشركة المصرية دون غيرها فضلا عن ضرورة التنسيق بين التفتيش والصيدليات على نحو يحقق المصلحة العامة دون الإضرار بأي طرف في معادلة التعامل مع الأدوية. 

 

 

وأضاف “أن الصيادلة يتعاملون مع المواطنين بالمجهود الذاتي دون تلقي أي تدريبات، لذا فإن القيام بإتاحة التدريب وتوفيره في ظل الظروف الراهنة أصبح ضرورة للتعامل مع فيروس كورونا وتوابعه التي تطلب تدخل الصيدلي خاصة بشكل مباشر بعد قرار وزارة الصحة الأخير بالعزل المنزلي في حالة الشعور بأعراض المرض”.