مع التطور الرقمي والتكنولوجي الذي تشهده دول العالم أجمع، حلت المنصات الإلكترونية، محل وسائل الإعلام التقليدية، وخلق التطور السريع في وسائل الاتصال عالمًا خاصًا برواد “الإنترنت”، حيث استغلت هذه المنصات الفرصة، وعملت على تقديم وإنتاج أعمال فنية عربية وأجنبية، تمكنت من خلالها من غزو دول الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة مع تدنى مستوى الأعمال العربية، سواء في السينما أو الدراما.

وتتصدر شبكة “نتفليكس” قائمة المنصات التي تحصد الاهتمام العربي من فئة الشباب، لتنوعها الكبير في المحتوى، ما بين أعمال درامية و”أكشن” وموسيقى وأخرى “رومانسية”، بالإضافة إلى الأفلام الوثائقية المميزة، إلا أن عرش الشبكة الأشهر بات مهددًا بشكل كبير مؤخرًا، خاصة مع بزوغ شمس منصات أخرى، بدأت تزاحمها الفضاء التي كانت تسبح فيه منفردة مدة من الزمن.

حصار شرس

فإن “نتفيلكس” في موقف لا تحسد عليه حاليًا، والسبب هو الشركات التي صعدت المنصة الأشهر في العالم على كتفها، من خلال شراء ما لديها من محتوى حين انطلاقها في 2007، بمبالغ زهيدة، ثم حققت من خلالها نجاحًا وانتشارًا لا نظير لهما، حيث يبلغ عدد الاشتراكات في الوقت الراهن 149 مليون مشترك، لتقرر هذه الشركات الانقلاب على “نتفليكس”، واستعادة ملكياتها منها، وأن تتعامل بمبدأ” نحن الأولى بالمكسب”.

هذا الباب جر “نتفليكس” إلى سلسلة من المشكلات، كان منها ما حدث مع شركة “ديزني+”، التي ستصدر منصتها قريبًا، وعلى الرغم من أن “ديزني” تشتهر بالرسوم المتحركة “ميكي ماوس”، فإنها تمتلك أكبر مجموعة أفلام تم تجميعها على الإطلاق، بما فيها الأفلام الثلاثة الأكثر مبيعًا حتى الآن في هذا العام، وهي “أفنجرز: نهاية اللعبة” و”كابتن مارفيل” و”علاء الدين”.

كما تملك “ديزني+” الأفلام الثلاثة الأكثر مبيعًا في 2018 وهي “الفهد الأسود” (بلاك بانثر) و”أفنجرز: الحرب اللانهائية” و”إنكريدبلز 2″، بالإضافة إلى الأفلام الثلاثة الأكثر مبيعا لعام 2017 “حرب النجوم: الجيداي الأخير” و”حراس المجرة 2″ و”الجميلة والوحش”.

كل هذا يؤكد مدى فداحة الخسارة المنتظرة لـ”نتفليكس”، بعد إزالة هذه المحتويات من منصتها، ولن يتبقى لها إلا ما أنتجته مؤخرًا من أعمال.

وبسبب خشية “نتفليكس” مما ستتعرض له، تسارع خلال هذه الفترة في إنتاج أعمال خاصة بها.

تدمير المكتبة

وليست أفلام ديزني الوحيدة التي خسرتها نتفليكس، فعلى مدار العامين المقبلين، ستتعرض مكتبتها السينمائية والتلفزيونية بأكملها للتدمير، إذ أنه وفقًا لصحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن أكثر العروض مشاهدة على “نتفليكس” هو مسلسل “ذي أوفيس”، الذي تمتلكه شركة “إن بي سي يونيفيرسال”، والتي ستقوم بدورها بإطلاق خدمة البث الخاصة بها وسحب المسلسل من “نتفليكس” بنهاية العام المقبل.

ومن جهة أخرى، ستواجه “نتفيلكس”، شبكة “إيه تي آند تي”، والتي تمتلك شبكة HBO، الأكثر نجاحًا على الإطلاق، التي أطلقت أفلامًا ومسلسلات شهيرة مثل “ذي سوبر انوس” و”لعبة العروش” و”جنس في المدينة”، وبالتالي ستكون “نتفليكس” أمام معضلات كبيرة، تحاول الوصول بها إلى حل، أو سيُحب البساط من تحت قدميها وخاصة في دول الشرق الأوسط.

شبكات أخرى

منصة “شاهد. نت” التابعة للملكة العربية السعودية، بدأت تأخذ خطوات بالانتشار في الوطن العربي، ولكن خطواتها بطيئة، وحتى الآن فلم تستطع اكتساب أرضية كبيرة من الجمهور، نظرا لسوء جودة عرض الأعمال.

 

وتعتمد “شاهد. نت”، بشكل أساسي على الأعمال التابعة لها مع شبكات الـ mbc، بالإضافة إلى بعض الأفلام الأجنبية القديمة، وهي متاحة في كل مكان، وبالتالي نُصبح أمام شبكة تقوم بالتسويق لإنتاجها فقط، ولا تسعى إلى اكتساب شعبيات أكبر، إلا من خلال عرض بعض الأعمال المصرية لجذب الجمهور المصري.

أما منصة viu، فقد حصدت مشاهدات الشعب الجنوب آسيوي، لتخصصها في عرض إنتاج الأعمال الكورية، أما على مستوى الوطن العربي، فقررت شركة الاتصالات العملاقة PCCW، التي تُطلق منصتها الترفيهية باسم  viu، أن تثبت أركانها في الوطن العربي، وفي مصر بشكل خاص بطريقة مختلفة عبر إنتاج أعمال خاصة بها من الأساس، ليتعرض على شاشتها، ثم يتم بيعه للقنوات، والتي كان منها آخر عمليين للفنانة “غادة عبد الرازق” و”زينة” وغيرهما.

 

توجهات وأفكار

تختلف التوجهات الفكرية لكل منصة تم إطلاقها بالوطن العربي، فنجد على سبيل المثال أن منصة “نتفليكس”، ذات الشهرة الأكبر عربيًا، تعتمد على عدد من العناصر التي يجب أن تضمنها الأعمال الإنتاجية الخاصة بها، وهي التي تساعد على توثيق بعض الأفكار التي قد تكون جديدة على المجتمع العربي، حي يُهاجم من يحاول البوح بها على مواقع التواصل على أقل تقدير، فأعمال “نتفليكس” لابد من احتوائها على قصة في كل عمل فني يُقدم لأصحاب الميول الجنسية المختلفة من الرجال والنساء “رينبو”، وهذا يعد جديد كليًا على منطقتنا.

كما أن الأعمال تتطرق إلى بعض المناطق المحظورة بشكل كامل، ومنها زنا المحارم الذي ترفضه الأديان المختلفة، وظهر هذا من خلال مسلسل “elite”، وأيضًا معاناة أصحاب الديانات المختلفة في وطن متعدد الجنسيات والديانات وما شابه، بالإضافة إلى أعمال يتم صناعتها خصيصًا لمناقشة الحياة الجنسية بشكل مفصل، وهو ما يجذب بالطبع الكثير من أبناء الوطن العربي، إذن فإن المنصة تُتتهم بأنها تريد تصدير وجهات نظر محددة من خلال ما تنتجه من أفلام يتم عرضها بالشرق الأوسط.

 

أما “شاهد.نت”، فإنها تخاطب غالبًا الشعب الخليجي وتقدم له الأعمال الحصرية، وتنتج الأعمال السورية واللبنانية التي تهتم بالسياسة هناك، محاولة كسب هذا النوع من الجمهور، بالإضافة إلى بعض الأعمال المصرية التي تعرضها بالاتفاق مع قنوات mbc  التابعة لها.

 

اقرأ أيضا:

“البشرة السمراء” بالسينما المصرية.. الإبداع في خدمة العنصرية

 

وإذا تحدثنا عن شركة  viu، فهي تنشيء الدراما التقليدية، حيث قامت بصناعة محتوى لها خصيصًا، بالاعتماد على كتّاب ومعدّين أعمال، لكي تكون جاهزة للإنتاج دون تقديم أي جديد.