تغييرات عديدة طرأت على العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأحزاب السياسية منذ وصوله إلى حكم مصر، في منتصف عام 2014، حيث كان السيسي حريصا في عامه الأول على الالتقاء بالقيادات الحزبية المؤيدة والمعارضة، وإطلاعهم على كافة الأوضاع في الدولة والمشاكل التي تواجهه، لكن الوضع تغير سريعا، حيث لم يلتقي الرئيس بممثلي الأحزاب على مدار السنوات الخمس الماضية.

الرئيس السيسي قبل وصوله إلى كرسي الحكم، حرص على لقاء قيادات وممثلي الأحزاب، وطالبهم حينها بالاندماج كل 10 أحزاب لهم نفس الرأي في القضايا المختلفة، في كيان واحد، حتى تستطيع الأحزاب القيام بدورها في إثراء الأحزاب السياسية، ورغم عدم تنفيذ رغبة الرئيس، إلا أنه كررها مجددا، لكن بقي الوضع على ما هو عليه.

والتقى الرئيس في عامه الأول بعدد كبير من فئات المجتمع، كان من بينهم ممثلي الأحزاب “المؤيدة والمعارضة”، والذين خصص لهم لقاءان الأول في يناير عام 2015، والثاني كان في مايو من العام ذاته، واستمر لمدة 5 ساعات، حرص خلالهما الرئيس على التأكيد  أنه يقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب.

 

اللقاءان كان لهما مردود إيجابي على الجميع، حيث أشاد جميع الحضور بالنقاشات التي دارت، ورسائل التطمين التي أكدها السيسي، فقالت رئيس حزب الدستور حينها، الدكتورة هالة شكر الله، في تصريح لها؛ إن الأحزاب ترى في اجتماعها مع الرئيس تقليد مهم وتدعمه لتفعيل حوار حقيقي بين الأحزاب والحكومة من أجل الاتفاق على سياسات عامة تعمل لصالح المجتمع وتلبي احتياجات المواطنين”.

التقليد الجديد للرئيس السيسي، انتهى بعد اللقاء الثاني، لتغيب الأحزاب “المؤيدة والمعارضة” عن طاولة الرئيس على مدار السنوات الخمس الماضية، ويقتصر حضورها على مؤتمرات الشباب وغيرها، في الوقت ذاته اختفت تقريبا كل الأحزاب المعارضة من على الساحة، إضافة إلى رموز ثورة يناير.

“ثلاثية الحكم”

رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، اعتبر أن لقاء السيسي مع الأحزاب في عامه الأول، كان بسبب عدم وضوح الرؤية بشأن وجود ما يشبه الظهير السياسي للنظام، وأن الوضع تبدل مع ظهور ائتلاف “دعم مصر”، لتتغير الرؤية لاحقا بشأن الأحزاب الموجودة على الساحة، والمساحات المتاحة لها للتحرك في ممارسة حقوقها السياسية.

ونوه الزاهد، والذي كان أحد الحاضرين في اجتماع السيسي الثاني، خلال تصريحات لـ”مصر 360″، إلى أن الأنظمة المصرية سابقا وحاليا تؤمن بأن هناك أولويات للرئيس ومؤسسات الدولة تتمثل في ثلاثية الحكم “الأمن والاستقرار والتنمية”، ويأتي بعدها الحياة السياسية، معتقدين أن التنوع السياسي سيكون ضارا على النظام وسيثير التوترات في المجتمع، رغم أن العكس صحيح، حيث سيكون مصدرا للثراء، واكتشاف وعلاج أوجه الخلل التي قد تؤدي إلى اضطرابات حقيقية.

 

“خطأ مبارك”

وتابع الزاهد “الأولويات السابقة، عززتها نظرية إن نظام الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، ترك مساحة للقوى السياسية للتعبير عن رأيها، وأدى ذلك في النهاية إلى أحداث ثورة 25 يناير 2011، لذلك بدأ النظام في غلق كافة المساحات الموجودة، من خلال عدم السماح بوجود قوة معارضة مستقلة، والقضاء على أحزاب الموالية مثل حزب الحركة الوطنية المصرية، الذي أسسه الفريق أحمد شفيق، وحزب مصر العروبة الذي أسسه الفريق سامي عنان، فضلا عن تهميش الأحزاب الموالية الأخرى لصالح حزب واحد”.

 

اقرأ أيضا:

الأحزاب المصرية ودعم مفاوضات السد.. التهميش يشل الدبلوماسية الشعبية

 

وأوضح أن الإجراءات السابقة أدت إلى تراجع دور البرلمان الرقابي، والإعلام والأحزاب والعمل الأهلي، وأن يصبح رمزا للمعارضة شخص مثل المقاول محمد علي، لافتا إلى أن تحسن الأوضاع مستقبلا مرتبط بانتهاء التهديدات الخارجية، وحدوث حالة رخاء اقتصادي.

وأكد الزاهد أنه رغم الخلافات السياسية، إلا أن أحزاب المعارضة تتخذ دوما موقفا داعما للدولة في القضايا القومية التي تهدد أمن وسلامة الوطن، معتمدة على أنها قضايا عابرة للخلافات، مؤكدا أن ذلك من طبيعة الشعب المصري بالكامل، ووالذي أثبت في كل تاريخه وعيه ووقوف بجانب وطنه، كما حدث عقب هزيمة 5 يونيو 1967، والتي رفض الشعب خلالها تنحي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والاستعداد للأخذ بالثأر.

 

“علاقة طبية”

المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى، قال إن العلاقة بين الرئيس السيسي والأحزاب عموما منذ اليوم الأول له في قصر الاتحادية كانت علاقة “طيبة ومتميزة”، لافتا إلى أن السيسي حرص خلال لقائه مع الأحزاب في عام 2015، على توصيل رسالة بأنه داعم وسند لجميع الأحزاب، ويقف على مسافة واحدة من كل منها.

 

اقرأ أيضا:

الأحزاب والشارع.. علاقة “وصولية” من أجل صناديق الانتخابات فقط

 

وأشار موسى في تصريحات خاصة لـ”مصر 360″، أنه رغم عدم تكرار اللقاءات مع القيادة السياسية إلا أن هناك تواصل من خلال المؤتمرات التي تعقد بحضور الرئيس، فضلا عن مشاركة شباب الأحزاب في مؤتمرات الشباب، وتبادل الأفكار مع تنسيقية الأحزاب بشأن كافة القضايا المتعلقة بالوطن، لافتا إلى أن التواصل المباشر مع الرئيس حاليا ليس موجودا وليس مطلوبا.

“معارضة وطنية”

رئيس حزب الغد وأحد المشاركين في لقاء مع الرئيس، شدد على أن حرص السيسي على دعم ولقاء الشباب وفي القلب منهم شباب الأحزاب باستمرار، تعد “سنة طبية”، من أجل إخراج أجيال جديدة تكون قادرة على تولي المسؤولية، وقيادة الدولة في المستقبل، بما يحفظ لمصر شأنها، لافتا إلى أن ذلك يعد تواصلا مع الأحزاب لأنهم شباب الأحزاب.

وذكر “موسى” أن الأحزاب حاليا تقوم بدورها السياسي الطبيعي، من خلال تقوية نفسها وتقديم مقترحاتها عبر مجلس النواب، منوها بأن هناك تحركات حزبية حاليا للتحالف في الانتخابات البرلمانية المقبلة من أجل تكوين معارضة وطنية بناءة تدعم الرئيس والجيش والشرطة ومؤسسات الدولة، ملحما إلى احتمالية تكوين تحالف بين حزب الغد والوفد، وعدد من الأحزاب خلال الفترة المقبلة لتحقيق ذلك.