هوليوود الشرق.. لم يكن حصول مصر على هذا اللقب الفني من فراغ، أو لصدفة أخرجت هذا الاسم، ولكن جاء ذلك بسبب جهد وفكر مارسته الكثير من الأجيال لتصنع فنًا واقعيًا يحاكي الحياة المختلفة للمصريين، ويقترب من الخيال، ويقدم ما لا يمت للواقع بصلة.

قدم الفن المصري أفلامًا ناقشت حرية المرأة وأتت بصورة السيدات سيئة السمعة، والرجال ممارسي البغاء، وناقش قضايا سياسية وجنسية ونفسية، فهو الفن الشامل، ولكن بين ليلة وضحاها قرر عدد من القائمات على الفن، التوبة واعتزال أعمالهن التي قدمنها بعد ما أطلقوا عليه “أباحة”، مُعلنات ندمهن على تقديم مشاهد التقبيل والمشاهد الحميمية، ومنهن من طالبت بمنع عرض أفلامها، أو قص المشاهد المُعترض عليها، وما شابه ذلك.

لم تخلو قصة أي فنانة معتزلة وارتدت الحجاب من جيل الثمانينيات والتسعينيات من اسم الشيخ الأزهري محمد متولي الشعراوي، حتى أطلق عليه البعض “رائد حجاب الوسط الفني”، كانت أولى من ارتدى الحجاب بل والنقاب أيضًا الفنانة شمس البارودي، التي قدمت تاريخًا هائلًا من المشاهد الساخنة “كما يطلق عليها”، وبعد اعتزالها تداولت الأخبار أن “الشعراوي” هو من شجعها على ذلك، لتخرج هي وتعلن أنه نصحها بأن النقاب فضيلة، مما جعلها تتراجع عنه، ولكنه ليس المشجع على ارتداء الحجاب.

 

 

كان أيضًا “الشعراوي” هو المشجع للفنانة شادية على قرار الاعتزال والحجاب وعفاف شعيب، وسهير رمزي وشهيرة ومديحة كامل وغيرهن، حيث قاد مسيرة “تحجيب” أكثر فنانات جيل السبعينيات.

 

اقرأ أيضا:

عاطف الطيب.. كشف المستور  فخسر الإخوان والأنظمة السياسية وفاز بحب الشعب

 

كما شجع البعض على الاعتزال، ولكن على جانب آخر أفتى للبعض بأن يقوموا بالتمثيل أثناء ارتداء الحجاب فالأهم، هو الابتعاد عن الإسفاف والتعري حسب ما قالت سهير رمزي في حوار سابق لها.

ووبحسب “شعيب” فقد أكد لهن أن التمثيل لم يكن حرام شرعًا، وذكر لها أنه يمكنها التمثيل كما ظهرت في مسلسل “الشهد والدموع”، مغطاة الرأس، حيث قال لها “وتربي أبناءك وتقدمي المواعظ للجمهور”.

 

رحلة التشويش بين الثبات والتذبذب

ظلت هؤلاء الفنانات لعشرات السنوات في ثبات على ارتداء الحجاب، وخاصة بعد تأثيرهن في جيل كامل، قمن أيضًا بارتداء الحجاب دون اعتزال الفن، مثل ميار الببلاوي وعبير صبري وصابرين وأجيال مختلفة، فإيمانهن بكونهن قدوة ثبتهن على الحجاب، ولكن بعد سنوات كثيرة تخطت الـ20 عامًا، عادت هؤلاء الفنانات ليرتبكن في حالة من التذبذب، هل كن على صواب أم أنه أصابهم التشدد بعد عدد من الأعمال التي كانت زائدة عن الحد في جرأتها؟، لنجد منهن من تعود قائلة إن الحجاب ليس فرض وأنه حشمة فقط، والأهم هو أن يكون اللباس لا يشف ولا يصف، وأنهن يرتدين الملابس الإسلامية وكن على رأس هؤلاء سهير رمزي وشهيرة وصابرين.

 وكانت آخر العائدات الفنانة حلا شيحة التي شعرت أنه قد فاتها الكثير بالابتعاد ولفهمها الخاطئ للكثير من المفاهيم.

 

الاعتزال.. المادة هي تحكم

مع عودة بعض الفنانات عن قرار الحجاب واختلاف رأيهن به، إلا أنهن لم يسعين لعودتهن للمجال الفني مرة أخرى، تحاصرهن الأضواء من بعيد دون التوغل في المجال مرة أخرى، وكأنهن استكفين بما قدمن خلال سنوات طويلة.

على جانب آخر، نجد أن المادة “المال”، يحكم في حالات بعض الفنانات اللاتي ارتدين الحجاب مثل عبير صبري وصابرين وهالة فاخر، اللواتي ارتدين الحجاب وعدن عنه، لتوقف حياتهن العملية، وعدم قدرتهم على التمثيل بالحجاب وتجسيد كافة الأدوار.

ومع قوة حكم المال في الأمر نجد أن من التزمت بالحجاب هي حنان ترك، التي لم تكن بحاجة إلى المال، وكان لديها من الاكتفاء المادي ما يغنيها عن العودة للوسط الفني مرة أخرى.

 

الرقابة أكثر من الرقيب

مع بداية سنوات الألفيات سينمائيًا، أصابت مصر موجة ادّعت أنها “السينما النظيفة” وهي الخالية من القبلات واللمس والأحضان، أي سينما خيالية لا تتواجد بها أي مشاعر، فارضين على أنفسهم رقابة أعلى من الرقيب نفسه، مُعلنين ذلك، برغبتهم في أن تصبح السينما لجميع أفراد الأسرة معًا.

فزادت الأفلام الكوميدية على حساب غيرها من الأفلام، لنجد مسمى “المُضحكين الجدد”، مثل محمد هنيدي وسعد وهاني رمزي وغيرهم، مع انتشار هذه النغمة، تواجه الفنانات الشاملات يعانين من الهجوم الشديد عليهن واتهامهن بإفساد الذوق العام والخروج على آداب المجتمع وما شابه ذلك من التهم التي تم استحداثها، ومنهم هند صبري ومنة شلبي وأحمد عز وآسر ياسين.

 

اقرأ أيضا:

عمليات التجميل والفنانات.. نهايات مأساوية واحتجاب عن الأضواء

 

ومع البحث قليلًا وراء السبب الحقيقي لهذه المسميات، وهل كانت السينما نظيفة حقًا كما يدعون أم لا؟، نجد أنها لم تكن نظيفة وأن هذه مسميات تم إطلاقها، لزيادة الإيرادات بتطبيق السلطة الأبوية وإرضاء “الزبون” بلغة الشارع، وأنه كان هناك تنمر داخل الأفلام، وسخرية من ذوات البشرة السمراء ونعت الفتيات بالعوانس، وبالتالي فقد ذهبت مصطلحاتهم سُدى.

ويقول في ذلك الأمر الناقد الفني طارق الشناوي: “إنه لا يوجد شيء يُسمى سينما نظيفة، وهل هذا يعني أن ما قبل ذلك كان سينما متسخة، وهي من جعلت أصحاب هذا المصطلح بالأساس فنانين يقفون أمام الكاميرات”.

وأضاف في تصريحات لــ “مصر 360″، “أن القبلات ليست ممنوعة في السينما طالما هي في سياق الدراما، أما التعنت في إصدار مصطلحات وما شابه فهو من الطبيعي ألا يكون له وجود في الوسط الفني”.

 

يوسف الشريف.. ملك التناقضات

منذ أن بدأ نجم يوسف الشريف يلمع في الوسط الدرامي، وخاصة بما يقدمه من أعمال خلال شهر رمضان فيظهر على أنه الفنان أكثر تناقضًا في الوسط حاليًا، وظهر ذلك جليًا من خلال تدويناته التي يخرج بها يوميًا على متابعيه بألا تجعلوا المسلسلات تلهيكم عن الصلاة والعبادة خلال شهر رمضان حتى وإن كان ما أقدمه أنا شخصيًا، ما هذا التناقض؟، فإن كنت تخشى على عبادات الجمهور فعليك بتأجيل العمل الخاص بك حتى انتهاء الشهر على سبيل المثال.

ليخرج أمس على الجمهور بعد أن أثار الجدل لفترة بعد انتشار شائعات حول اشتراطه فى التعاقدات الفنية ألا يلمس السيدات المشاركات معه، ليؤكد ذلك، ويضعنا أمام مرحلة جديدة من مراحل العمل الفني من الأساس وليست نظافتها من عدمه.