ليل أجوف خال من الأصوات والأضواء، شوارع بلا عوادم سيارات ولا زحام، لا أصوات أيضًا لقطع الدومينو عندما تصظدم بعضها ببعض، مع اختفاء صخب الشباب من المقاهي، ونيل مياهه أصبحت باهتة ومراكب تم إغلاق إضاءتها وأعلنت أم كلثوم غضبها باختفاء صوتها، فتحولت قاهرة المعز الساهرة إلى أحد المدن المهجورة في المساء.

عاشت مصر بهذا الحال 3 أشهر وبضع أيام في العزل الصحي الذي فرضته الحكومة في ظل الإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا المستجد”كوفيد-19″، الذي طرأ على شعوب العالم في غفلة من الجميع، فقتل الكثير وأصاب آخرين، ولكن في النهاية أصبحنا أمام ما لا يرى بالعين المجردة الذي يهابه الجميع.

 

اقرأ أيضًا:

تراجع متوقع وحصار قائم.. تطور المنصات الإلكترونية يهد “نتفليكس”

 

 أحداث وكواليس كثيرة دارت في البيوت والمستشفيات في ظل تفشي هذا الوباء، حيث  حولحياة الناس إلى دارما دون أن يتدخل سيناريست لكتابتها، فكل ما يُحكى عن هذه الفترة سيكون حقيقيًا بالتأكيد.

 

بالتأكيد يسعى صناع السينما والدراما في مصر إلى توثيق هذه الفترة التي مر بها العالم أجمع وخاصة مصر، لتكون مرجعًا لأجيال قادمة عما دار في هذه الفترة، كما تم توثيق الـ18 يومًا لثورة يناير 2011، في بعض الأعمال، ولكن إذا أخذنا مقارنة بين المرحلتين فعلينا أن نتعلم مما مررنا به من أخطاء في تجسيد أعمال فنية عن الثورة وألا نعيدها في أزمة كورونا.

أعمال فنية

وعن إمكانية إنتاج أفلام تسجل الفترة التي قضاها المصريون خلال الحجر المنزلي وانتشار فيروس كورونا المستجد، نرى عددًا من النقاد يؤكد أنه سيتم إنتاج أعمال فنية خاصة بتلك الفترة، كما تم طرح أعمال خاصة بثورة ٢٥ يناير، والتي استمرت لمدة 18 يومًا فقط، ولكن الأعمال التي أنتجت عنها لم تكن على قدر الحدث الذي تم بمصر، وذلك نتيجة للرؤية المتسرعة التي تداولت بها الفكرة رغبة في توثيق الحدث من جهة، ومن اتجاه آخر لمواكبة الحدث الذي استمرت مصر هائمة بنجاحه عددًا من السنوات.

 

أهمية المحتوى

وفي هذا الشأن يقول الناقد الفني رامي متولي، “إنه بالتأكيد سيكون هناك أعمال سينمائية ودرامية تحاكي ما حدث في مصر بل والعالم أجمع فيما يخص فيروس كورونا والتأثيرات التي أصابت المصريين جراء هذا الفيروس”.

ويضيف في تصريحات خاصة لـ “مصر ٣٦٠”، “أن تواجد الأعمال أمر طبيعي كجزء من توثيق ما مررنا به، ولكن الأهم في هذه الأعمال هو كيفية تناولها للأحداث ومدى الدراما بها، وعدم اللهث وراء أننا سنقدم عملًا مواكبًا للأحداث مطمئنين أنه يحقق نسب مشاهدة عالية دون النظر إلى محتوى ما سيقدم”.

ويشير إلى “أنه علينا أن نعي ما قاله المخرج الراحل محمد خان إبان أحداث ثورة  25 من يناير، من إنه يجب التروي في صنع أعمال تتعلق بالثورة حتى لا نقع في أخطاء، وكي يتضح الأمر أمامنا دراميًا، وبالتالي لابد أن نأخذ في الاعتبار ما قاله حين نبدأ بالعمل على الأعمال الخاصة بفيروس كورونا”.

مادة خصبة

ويؤكد “متولي”، “يجب على أي شخص ينوي أن يقدم عملًا عن فيروس كورونا أن يحدد ما الهدف من السيناريو الذي يتناول الموضوع تحديدًا، هل سيكون بشكل روائي طويل أم وثائقي، فالعالم أجمع حتى هذه اللحظة لا يعرف تفاصيل كثيرة حول أمر هذا الفيروس، فكيف سيتم تناوله، وهل سيتم اللهث وراء الفكرة فقط دون أن نتروى، فيما سيقدم أم لا”.

وعن تأثير ما طرأ على المجتمع بسبب فيروس كورونا، يقول رامي متولي، “إن السينما هي انعكاس للواقع، كحالها دائمًا وبالطبع ستتأثر بما أحل بالـ7 ونصف مليار نسمة بالعالم والتي جعلت سكان العالم حبيسي البيوت، وهذا سيكون مادة خصبة بالتأكيد للأعمال الدرامية ولكن مع كل هذا سنظل في حالة تخوف عن كيف ستناقش هذه الفكرة”.

 

التروي وعدم التسرع

وفي ذات الأمر، يقول الناقد الفني نادر عدلي، “بالطبع سنرى خلال الفترات المقبلة أعمالًا كثيرة ستتناول قضية كورونا ومن وجهات نظر مختلفة، وسيكون هناك إفراط في التقديم”.

 

اقرأ أيضًا

“الفن الحلال” من “الشعراوي” إلى “يوسف الشريف”.. “سينما نظيفة” وحجاب

 

ويضيف في تصريحات خاصة لـ”مصر 360″، “أنه بمقارنة تسارع الأحداث في السينما والرغبة في الدخول بالسبق الفني، وجدنا بعض الأبطال سارعوا إلى إنتاج أفلام أثناء ثورة يناير، ولكنها لم تكن على الحدث المطلوب بسبب عامل السرعة”.

ويؤكد “أنه على القائمين على إنتاج هذه الأفلام أن يترووا فيما ينوون تقديمه من أعمال حتى لا نرى أعمال مهترئة، تفقد القضية والمرحلة معناها الحقيقي، وتتجاهل ما دار خلال الفترة الماضية من قصص أغلبها مأساوي”.