تعد النساء من الأكثر تأثرًا بالأوبئة، خاصة فيما يتعلق بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي، ولم يختلف وضعهن خلال جائحة كورونا التي لا تزال قائمة.

كوورنا تسبب في وجود أزمــة صحيــة وإنســانية واقتصاديــة، وأشارت هيئـة الأمم المتحـدة إلى أنـه مـن المرجح أن يزيـد الوبـاء مـن عـدم المسـاواة القائمة علـى النـوع الاجتماعي في جميـع أنحـاء العـالم، ومـع توقـف النشـاط الاقتصادي، فـإن النسـاء اللواتي يواجهـن الحرمـان في الحصـول عـلى عمـل لائق سـيعانين أكثـر مـن غيرهـن، كمـا أن الأوبئة الصحيـة ممكـن أن تزيـد مـن صعوبـة حصـول النسـاء والفتيـات عـلى العـلاج والرعايـة الصحيـة، وهنـاك أيضـا قلـق متزايـد مـن أن العنـف ضـد النسـاء والفتيـات يتصاعـد، حيـث تتواجـد النسـاء مـع الشـركاء المسيئين في نفـس المـكان معزولات عـن الأشخاص والموارد التـي يمكـن أن تسـاعدهن.

 

وقـد أشـار الأمين العـام للأمم المتحـدة إلى وجـوب أن يكـون كوفيـد- 19 بمثابـة نـداء للصحـوة وإنهـاء “للعجرفـة”، وباعثًـا عـلي التحلي بقدر من التواضع، لأن التهديدات العالمية تتطلب وحدة وتضامنا جديدين، داعيًا إلى  وضـع سياسـات معالجة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للأزمة، والتركيز عــلى الفئــات الأكثر تـضـررا مثــل النســاء والأطفال وكبــار الســن وأصحــاب الجور المتدنية وغريهـم مـن المجموعات الضعيفـة.

وطبقـا للبنـك الدولي فقـد تـؤدي الفجـوات القائمة بـين الجنسين إلى زيـادة الآثار السـلبية لكورونـا عـلى النسـاء، وواقـع الحـال أن هنـاك مخاطـر كبـيرة تتمثـل في زيـادة عـدم المسـاواة بـن الجنسين أثنـاء هـذه الجائحـة وبعدهـا، وحـدوث انتكاسـة في المكاسب التـي تحققـت للنسـاء والفتيـات، والمتمثلة في تراكـم رأس المال البشـري، والتمكـن الاقتصادي، والقـدرة عـلى التعبيـر، والولاية علـى النفـس والاستقلالية، سـيما وأن هـذه المكاسـب قـد تحققـت بشـق الأنفس عـلى مـدى عـشرات السنين.

وكانـت “الإسكوا” إحـدى اللجـان الإقليمية للأمم المتحدة، اللجنـة الاقتصادية والاجتماعية لغـربي آسـيا، قـد أشـارت إلي أن انتشـار فـروس كورونـا المستجد يشـكل تهديـدا خطيـرا علـى مشـاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية، خاصـة في القطاعـات غيـرالرسـمية، ويحتمـل زيـادة الفجـوات بيـن الجنسين في سـبل العيـش، ففـي مـصر تمثل المـرأة المصريـة 70 % مـن القـوى العاملـة في قطـاع الرعايـة مدفوعـة الأجر، خاصـة كمعلـمات وأخصائيـات صحيـات واجتماعيات، وتزيـد احتـمالات عمـل النسـاء في قطـاع الرعايـة المدفوعـة بأربـع مـرات أكثـر مـن الرجـال.

 

الآثار الاقتصادية

بحسب الدراسة التي أعدتها مؤسسة قضايا المرأة المصرية بعنوان “حكايات نساء في أيام الوباء”، فأن 85% من النساء الموظفات في القطاع الخاص قد تضررن سواء بفقد عملهن أو بانخفاض أجورهن، بينما العامـلات بأجـر يومـي هـن الأكثر تتضررا مـن الأزمة، حيـث بلغـت نسـبة تضررهن 100 % سـواء بفقـد الأجر أو انخفاضـه، مـع عـدم وجـود مظلـة حاميـة اجتماعية قويـة لهـذه الفئـات، مـا جعلهـن يعاننن مـن أجـل البقـاء علـى قيـد الحيـاة. كما أن 85% من إجمالي أسر النساء ربات البيوت قد تضررن سواء بفقد عملهن أو بانخفاض أجورهن نتيجة وباء كورونا.

 

اقرأ ايضًا: مبادرات ” المجتمع المدني” لإنقاذ الفئات المهمشة من شبح كورونا

 

 

العلاقات الأسرية 

وفى الجانب الاجتماعي، فإن تواجــد أفــراد الأسرة لفتــرات أطــول بســبب الحظــر، مــع زيــادة الأعباء والضغــوط الاقتصادية، أدى إلى زيــادة الخلافات والمشاحنات بــن أفــراد الأسرة، وارتفــاع معدلات العنــف الأسري ضــد النســاء والأطفال، ولا تزال العـادات والتقاليـد والثقافـة السـائدة تكـرس الصـورة النمطيـة لأدوار الذكـور والإناث في المجتمـع، فنحو 65% مـن النسـاء الاتى يعيـش معهـن ذكـور يتحملـن أعـال الرعايـة والأعـمال المنزليـة بمفردهن دون مشـاركة الذكـور، و76% مـن النسـاء تـرى أن الأعباء تزيـد عليهـا بسـبب وجـود الذكـور فتـرات أطـول بالمنـزل دون أن يشـاركوا في الأعمال المنزلية، بينما 6% فقط هي نسبة الزيادة في مشاركة الذكور في الأعمال المنزلية أثناء وباء كورونا.

الضغوط النفسية والعنف

مع استمرار الأزمة الراهنة وزيادة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، عانت العديد من النسـاء مـن ضغـوط نفسـية شـديدة وأعـراض نفـسية جسـدية، أي أعـراض جسـمانية ولكـن السـبب الحقيقـي وراءهـا نفـسي وليس عضوي.

وزادت معدلات العنف ضد النساء داخل الأسرة، فنجد أن 63 % من النساء اللاتي يعيش معهن ذكور قد تعرضن للعنف الأسري في ظل كورونا، 90 % مـن النسـاء المعنفـات قبـل وبـاء كورونـا قـد زاد العنـف ضدهـن في ظـل  الوبـاء، و 42% من النساء تعرضن للعنف لأول مرة ممن يعيش معهن من الذكور في ظل كورونا. فيما تعرض  59 % مـن النسـاء المعنفـات في ظـل وبـاء كورونـا للعنـف النفسي، و36 %مـن النسـاء المعنفات في ظـل وبـاء كورونـا تعرضـن للعنـف الجنسي، و5 % مـن النسـاء المعنفـات في طـل الوبـاء تعرضـن للعنـف الاقتصادي والاجتماعي، كالاستيلاء على أموال النساء من بعض الذكور بالأسرة . وأرجعت الدراسة أسباب زيادة العنف ضد النساء إلى تجاهـل الأجندة التشريعية أهمية تغيـر قوانيـن الأسرة وغيرهـا مـن القوانين التمييزيـة ضـد النسـاء، وعـدم إصـدار قانـون للعنـف الأسري، وسـوء الأحوال الاقتصادية.

 

نسب الوعي 

حول مدي وعي النساء المهمشات بوباء كورونا، وطرق الوقاية والعدوي منه، كشفت الدراسة أن استخدم مجموعة من إجراءات الوقاية لتجنب العدوى يتوقف طبقًا لظروفهن الاقتصادية وطبقًا لمعلوماتهن حول إجراءات الوقاية، حيث بلغ استخدام الكلور كطريقة وقاية أعلى بنسبة بواقع 88% من إجمالى العينة، وجاء غسل الأيدى بالماء والصابون فى المرتبة الثانية من إجراءات الوقاية التى تستخدمها النساء بنسبة 60%، ثم يليهما استخدام الكحول بنسبة 26%، ثم يأتى استخدام الكمامات والقفازات بنسبة 17%.

 

اقرأ ايضًا:“تعذيب الأطفال”.. ميلاد مريض نفسي جديد فى المنزل

 

 

وتنوعـت احتياطـات الوقايـة بالنسـبة للنسـاء المستمرة في أماكـن العمـل، واختلفـت مـن فئـة أخرى مـن عينـة الدراسـة، بالإضافة إلي وجـود إشـكاليات متعلقـة بالوقايـة، فالنسـاء الموظفـات بالقطـاع الحكومـي أو الخـاص ذكـرن أن هنالك عـدة احتياطـات تـم اتخاذهـا للوقايـة مـن فـروس كورونـا من قبل مؤسساتهم.

 

اقرأ ايضًا:“الصحة” في الموازنة الجديدة..  أموال ضخمة وبند إضافي لـ”لقاح كورونا” 

 

النسـاء العامـلات بأجـر يومـي، ومعظمهـن عامـلات نظافـة، منـازل، عاملات بمطعـم أو مصنـع أو عامـات جائـلات أو بائعـات في الأسواق، فهـن يحاولـن بقـدر الإمكان أخـذ بعـض الاحتياطات مثـل اسـتخدام الكلـور في التنظيـف ووضـع غطـاء الـرأس عـلى الفـم بـدلا مـن الكمامة، فسـعرها ليـس في متنـاول أيديهـن، ويسـتخدمن الميـاه والصابـون بشـكل دائـم، بينما تذكـر أخريـات أنهـن لا يسـتعملن أي مطهـرات أو كمامات لأن أسـعارها مرتفعـة وأنهـن يريـن أن أصحـاب العمـل عليهـم  أن يوفـروا وسائل الحماية لهن.