تفتح وفاة حافظة أدويتها لتتناول الجرعة اليومية من دواء “مرض السكري” لتكتشف أن كبسولات الدواء قد انتهت، فتسرع إلى هاتفها لتتصل بأقرب صيدلية من موقع منزلها تطلب منه الدواء، لتجيبها ” آسف يا فندم الدواء مش موجود”، تنهي وفاء، مكالمتها الأولى وتتصل بصيدلية أخرى لتطلب منها الدواء لتجيبها أيضاً” ناقص يا فندم علشان مستورد”، يجن جنون “وفاء”، فهذا الدواء أحد الأدوية الأساسية والهامة لها، تحاول مجددًا مع صيدلية أخرى، لكنها تخبرها: “مع الأسف يا افندم الدواء ده ناقص لأنه مستورد، بس المصري منه موجود”.

تنهي “وفاء” مكالمتها في حيرة، ثم تقرر الاتصال بطبيبها الخاص لتخبره بما حدث معها، فيخبرها بأنه علينا تغيير الدواء بآخر مصري قد يكون متاحًا في الصيدلية، تغلق “وفاء” المكالمة وتهاتف الصيدلية التي أخبرتها بوجود المنتج المصري، فيؤكد توفره ثم يرسله لها مع خدمة التوصيل.

نفس الأمر تكرر معها بعد أيام قليلة في رحلة بحثها عن حقن مضادة للتجلطات الدموية، لكن هذه المرة وجدت تلك الحقن لكن بعد رحلة شاقة بين الصيدليات.

توقف حركة الطيران

محمد توفيق، طبيب صيدلي، يقول: “هناك نقص فى بعض الأدوية في السوق بالفعل، منها الأدوية التي اعتمدت من البروتوكول الطبي لوزارة الصحة لمرضى كورونا، خاصة بعد انتشار البروتوكول الطبي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخرى أدوية مستوردة بسبب توقف حركة الطيران والاستيراد”.

 

10% فقط

الدكتور أحمد إدريس، المتحدث باسم شعبة الصيادلة في الاتحاد العام للغرف التجارية، يشير إلى أنه مع كل أزمة تحدث يظهر ما تسمى بأزمة الأدوية المستوردة، التى طفت على السطح بسبب توقف الطيران، موضحًا: “أذكر أن وقت ارتفاع  سعر الدولار واجهتنا تلك الأزمة فهي ليست جديدة ولكنها سرعان ما تنتهي، ومع فتح الطيران خلال الأيام المقبلة  ستنتهي تلك الأزمة”.

 

اقرأ ايضًا:
 الحوامل في زمن كورونا.. قلق وغضب وامتناع عن النوم

 

ويقول إن نسبة الأدوية المستوردة في مصر تقدر بـــ10% فقط من الاستهلاك، والاعتماد الأكبر على الدواء المحلي الذي يغطي نسبة 90% من الأدوية، مضيفًا “أنه خلال الفترة القليلة الماضية ظهرت أيضًا أزمة الأنسولين ولكن بدأنا في حلها، وهناك بعض الصيدليات الكبيرة تستحوذ على هذا النوع من الأدوية بنسبة أكبر من الصيدليات الصغيرة فيظهر أن هناك أزمة، لكن الأمر يكون سهل ويمكن حله”.

ولا ينكر الدكتور إدريس أن هناك أزمة طفت على السطح مع السحب غير المنطقى الذي قام به المواطنون خلال الفترة الماضية للأدوية التي كتبت في البروتكول الطبي لمرضى كورونا، وهذا السحب تسبب بالفعل في الأزمة لكنها أيضًا في طريقها للحل، بحسب قوله.

وفى هذا الصدد، يقول الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن هناك انفراجة قريبة جدًا سيشهدها سوق الأدوية خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى أن هيئة الدواء ضخت كميات كبيرة من الأدوية المستخدمة لمرضى كورونا والمعتمدة من بروتوكول العزل المنزلي، إلى جانب المواد الخام الدوائية المستوردة منتصف شهر يونيو الجارى، والتى تدخل فى إنتاجها من قبل الشركات المحلية.

المادة الفعالة 

أما الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة، فيرى أن هناك خطأ كبير يقع فيه المصريون أطباء ومرضى وهو الدواء الأجنبي، اعتماد بعض الأطباء على الدواء المستورد من منطلق أنه أكثر فاعلية، وإيمان بعض المرضى بأن المستورد به الحل السحري، لكن في حقيقة الأمر أن المستورد والمحلي ما هو إلا مادة فعالة، وبالتالي لتجاوز الأزمة على المريض أن يبحث عن دواء باسم المادة الفعالة لا الاسم التجاري.

 

ويضيف “لا أحد يخفي أن هناك  نقص في الأدوية المستوردة، ورغم أنها ليست حديثة العهد لكنها تظهر بوضوح مع الأزمات، ومع جائحة كورونا وغلق الاستيراد ووقف الطيران ظهرت تلك الأزمة، لكن من ناحية أخرى الدواء المصري الذي يحمل نفس المادة الفعالة موجود ومتاح في الأسواق وهو ما يخفف من وطأة تلك الأزمة”.

اقرأ أيضًا:
 ختان الإناث بمصر.. المشرط الحاد يواصل الفتك و ضحاياه 91 % من النساء

 

ويرى وكيل نقابة الصيادلة أن أزمة الدواء ليست في مصر فقط، وإنما في دول العالم أجمع بسبب الجائحة، كما يشير إلى أن أزمة الدواء الحقيقية ستظهر خلال الفترة المقبلبة خاصة في الأدوية التي تستخدم لمرضى كورونا.

ولفت إلى أن تلك الأزمة ستتأجج مع إجراءات رئاسة الوزراء التي اتخذت خلال الأيام القليلة الماضية، والتي من شأنها رفع أغلب الإجراءات الاحترازية، وعودة الحياة لطبيعتها، ما يعني تزايد نسبة المصابين بشكل أكبر من الفترة الماضية، ويعني أيضًا الإقبال أكثر على شراء الأدوية، ما يؤدي إلى نقصها من الصيدليات”.