تراجعت المشاركة السياسية للشباب في مصر تدريجيًا حتى اختفت تمامًا عن المشهد خلال السنوات السبع الماضية، وتفتتت الحركات الشبابية التي كان لها دور كبير وهام خلال ثورة يناير والسنوات التي سبقت الثورة.

تبلورت أهمية الحركات الشبابية في فترة من الفترات أصبحت فيها ورقة ضغط كبيرة على السلطة، واستطاعت في تلك الفترة استخدام تلك الورقة من أجل الحصول على بعض المكتسبات السياسية.

لكن الأمر لم يستمر كثيرًا، وعقب ثورة يناير استقبلت تلك الحركات الكثير من الضربات، سواء التنظيمية والأمنية التي أفقدتها قدرتها على العمل السياسي، ومع الوقت اختفت الحركات الشبابية ما بين مطاردة وتفكك داخلي وهجرة لبعض كوادرها خارج مصر.

 

اقرأ أيضًا:

في الذكرى السابعة لـ30 يونيو.. 5 وجوه نسائية فجرت الثورة المصرية

 

“جبهة طريق الثورة ( ثوار) ميادين”، وغيرها من الجبهات التي نظمتها الحركات الشبابية ومستقلون، لكن عمرها السياسي كان صغيرًا رغم محاولات إيجاد طريق ثالث خاصة بعد ثورة 30 يونيو.

تلك الجبهات التي تشكلت من عدد من الحركات السياسية، كان من بينها “حركة شباب 6 إبريل، حركة شباب من أجل العدالة والحرية، طلاب مقاومة ….. وغيرها”، رغم الدور الهام الذي قامت به سواء في فترة ما قبل يناير أو بعدها، لكنها أيضًا لم تصمد كثيرًا، وانتهت الحركات والجبهات السياسية الشبابيىة، واختفى الشباب عمومًا عن العمل العام.

 

يرى أحد مؤسسي جبهة طريق الثورة، الذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن هناك عدة عوامل ساهمت في اختفاء الشباب من ساحة العمل السياسي والعمل العام عمومًا.

ضربات موجعة

ويوضح لـ”مصر 360″، :”إذا كان الحديث عن فترة ما بعد ثورة يناير 2011 حتى يونيو 2013 فلا أنكر أن هناك أخطاء وقعت فيها تلك الحركات، ولكني أرى أنها كانت هامشية وكانت تلك الحركات تستطيع أن تكمل دورها السياسي، لولا الضربات الأمنية الموجعة التي وجهت إليها وتسببت فيما بعد في تفتت تلك الحركات”.

ويضيف:”أرى أن أبرز الأزمات التي وقعت فيها تلك الحركات هي الصراعات الداخلية، وعدم تقديرنا لحقيقة إمكانياتنا، بمعنى أننا كان لدينا قدرة كبيرة في الحركة في الشارع والتأثير على الجمهور، لكن الأدوات الحقيقية للعبة السياسية لم تكن في أيدينا تمامًا، بالإضافة إلى انشغال الشباب بفعل الاحتجاجات الثورية على حساب العمل السياسي المنظم وخوض الانتخابات البرلمانية، ما أثر على تطور إمكانياتهم وقدرتهم وعلاقتهم بالمواطنين”.

ويقول: “هذا بالإضافة إلى التشتت الواسع جدا بين الشباب الذين توزعوا على عشرات الأحزاب والحركات الشبابية، إلى جانب الرومانسية الثورية في بعض الأحيان والتي ساهمت في تغييبهم عن المشهد”.

لكن العضو البارز في جبهة “ثوار” يرى أنه بالرغم من تلك الأخطاء، إلا أنه كان يمكن تداركها لولا وجود عوامل أخرى خارجية ساهمت في تجريف الحركات السياسية بشكل كامل”.

ويتابع: “على سبيل المثال حركة شباب 6 إبريل التي تعرضت كثيرا لضربات أمنية موجعة وتشويه إعلامي كبير، ليس فقط في فترة ما بعد 30 يونيو، ولكن أيضًا في فترة جماعة الإخوان والمجلس العسكري أيضًا، وبالتالي التشويه الإعلامي مع الملاحقة الأمنية التي وجهت للحركة ساهمت كثيرًا في حصارها وإخفائها عن المشهد السياسي”.

سببان

ويكمل العضو البارز حديثه قائلا: “أما مابعد 30 يونيو، فقد حاولت تلك الحركات تقديم عمل سياسي على الأرض لكنه لم يستمر كثيرًا، وأبرز الأمثلة على ذلك جبهة طريق الثورة التي جمعت أغلب الحركات السياسية تحت مظلتها، وعملت على تنظيم صفوفها وتشكيل حرك سياسي كل أهدافه هو تحقيق أهداف ثورة يناير، لكن تلك الجبهة انتهت نتيجة لسببين أرى أنهم الأبرز على الإطلاق”.

ويتابع: “السبب الأول هو الضربات الأمنية المتتالية للجبهة والقبض على عدد كبير من أعضائها، وملاحقة آخرين وخصوصًا مع إقرار قانون التظاهر عام 2013، والسبب الثاني والمهم جدًا هو الرفض الشعبي الذي جاء بعد 30 يونيو لأي فعل احتجاجي على الأرض”.

ويقول: “إن الرفض الشعبي كان له تأثير كبير ليس فقط على جبهة ثوار التي تشكلت، لكن على المجموعات الشبابية أيضًا، فقد امتد الغضب الشعبي ووصل لمرحلة أن المواطنين كانوا يقومون بأعمال عنف ضد الشباب المشاركين في الأفعال الاحتجاجية التي تلت 30 يونيو، ووصل الأمر إلى أن بعضهم كان يتحفظ على الشباب ويقوم بالإبلاغ عنه”.

 

اقرأ أيضًا:

شباب 30 يونيو.. السجن يحاصر طيور الحرية

 

ويكمل: “عزف الشباب عن المشاركة في العمل العام منذ 30 يونيو لأن كلفته أصبحت باهظة، فقد أصبحت مدة حبس الشباب تمتد لسنوات، كما قام آخرون بالخروج من البلد خوفًا من المطاردات الأمنية، كل هذه العوامل كان من الطبيعي أن تؤدي إلى اختفاء الحركات السياسية من المشهد”.

مشاكل داخلية

أما محمد نبيل العضو البارز بحركة شباب 6 إبريل فيرى:”أن الحركات السياسية مثل 6 إبريل وغيرها تم التعامل معها أمنيًا بتفجير مشاكل داخلية أدت إلى صراعات داخلية ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى انشقاقات”.

 

ويشير لـ”مصر 360″ إلى “أن ما حدث من طارق الخولي الذي كان عضوًا بارزًا في حركة 6 إبريل، دفع نحو انشقاق الحركة، وساهم كثيرا في تأجيج الصراع الداخلي في الحركة، وفي النهاية وجدناه في خندق الدولة واستطاع أن يكون عضوًا في البرلمان في الوقت الذي يطارد فيه البعض أمنيًا وحياتهم أصبحت مهددة، وآخرون محبوسون احتياطيا بالفعل”.

ويرى “نبيل” أن قانون التظاهر ساهم كثيرًا في القضاء على الحركات السياسية، حيث تمت مطارد ة قيادات شبابية، والحكم على غيرهم بموجب هذا القانون، بالإضافة إلى الترصد لاجتماعاتهم وتحركاتهم ما أدى إلى توقف أي نشاط لتلك الحركات”.

ويصف “نبيل” الإجراءات الأمنية التي حدثت بعد 30 يونيو بالعاصفة التي أجبرت الكل على الخضوع.