يجد “إ. ع”، الذي يعمل في “بيتزا هت” السعودية، نفسه في مفترق طرق بعد إعلان شركة “إن إن بي سي إنترناشيونال”، صاحبة أكبر توكيل “بيتزا هت” في الولايات المتحدة الأمريكية، إشهار إفلاسها عقب صعوبات الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد الذي فاقم مصاعبها المالية الكبيرة.

كان الشاب الثلاثيني يفكر خلال طائرة العودة، بعد أسابيع من تعليق خدمات الطيران، في تفاصيل الحياة الجديدة التي يعيشها بعد الزواج وعقد قرانه منتصف الشهر الحالي، قبل أن يصبح مصيره معلقًا ومرتبطًا في المقام الأول بمدى تأثر فروع الشركة الأم بالمنطقة العربية في ظل سياسة الإغلاق التي انتهجتها السعودية لفترة طويلة، وتعطله عن العمل خلال الشهر الأخير في مسكنه.

 

اقرأ أيضًا:

خفض مساحة الأرز.. فرص ضائعة ومكاسب

 

لجأت الشركة، التي تدير سلسلة المطاعم العريقة منذ 1962، إلى إعلان الإفلاس لحمايتها من الدائنين بموجب الفصل 11 في محكمة جنوب تكساس، بعد تعرضها لخسائر بقيمة 930 مليون دولار، مع تضخم الأجور وارتفاع كلفة الطعام، وعجزها عن خدمات هيكلة قطاع التوصيل في ظل اعتمادها على أسلوب يقوم على تقديم الطعام في صالاتها الخاصة.

ووفقا لبيانات الرسمية الصادرة عن شركة “إن إن بي سي إنترناشيونال” فإنها توظف نحو 40 ألف شخص، بينما تضم الشركات الأخرى التي تدير فروع بيتزا هت مثل “يم” و”أمريكانا” عشرات الآلاف من العمال والطهاة.

 

ترتبط “بيتزا هت” بكونها مكان خارج المنزل لتناول الطعام منذ تأسيسها في مايو من عام 1958 عندما اقترض الشقيقان دان و فرانك كارنيري، 600 دولار أمريكي من أمهما، لفتح أول مطعم بيتزا لهم في ويتشيتا، كانسا وصنعو البيتزا بأنفسهما وحقق المكان شهرة بين المراهقين والشباب وجذب العائلات التي تخرج ليلا لتتمتع بتناول وجبة لن تكون في المنزل، ولم تستطيع أن تغادر تلك النقطة.

تقليص ديون وبيع مطاعم

تسعى الشركة إلى تقليص جزء من ديونها وبيع جزء من مطاعمها بحسب وثائق طلب الإفلاس وتدير أكثر من 1200 مطعم لبيتزا هت في 27 ولاية أمريكية، بالإضافة إلى إدارة 385 من منافذ العلامة التجارية “وينديز” لكنه غير المعروف حتى الآن السلاسل التي تتعرض للإغلاق والتي غالبًا ما تكون فروع خارجية وليس محلية.

رغم أن مجموعة أمريكانا، التي تأسست في الكويت عام 1964، تدير أكثر من 1800 مطعم في المنطقة العربية بينها فروع بيتزا هت، إلا أن الشاب يقول إن الفرع الذي يعمل به مثال حي على ما تعاني منه علامة “بيتزا هت” بشكل عام، فرغم عودتها للعمل إلا حجم الإقبال كان محدودًا للغاية، في ظل تخوف المواطنين من تناول الطعام في الخارج.

تعاني ” إن إن بي سي” من ديون بمليارات الدولارات بسبب هبوط مبيعاتها في الولايات المتحدة في ظل المنافسة الشرسة في قطاع المطاعم مع سلاسل محالات تقدم المنتجات ذاتها، مثل بابا جنوز، ودومنيوز بيتزا”.

ويتضمن إعلان الإفلاس بنودًا تسمح للشركة التفاوض على سداد المديونيات مع البنوك من خلال مبادلة حصة من ميدونياتها على نسبة من أسهمها وأصولها مقابل الديون دون إغلاق النشاط بالكامل.

“الديكور” يفاقم الأزمة

وفشلت الشركة الأمريكية في هيكلة أعمالها سريعًا لمواجهة تأثيرات فيروس كورونا في ظل اتباعها نمطًا واحدًا في ترتيب ديكور مطاعمها بصورة تعطيها طابعًا عائليًا يستقطب أعدادًا كبيرة من البشر، فاعتمدت على الطاولات و”الأرائك الكبيرة” بدلاً من الكراسي الصغيرة، وضيقت المساحات بين بعضها، وحينما جاء كورونا لم تستطع أن تلغي ذلك الطابع، وأن توفر مساحات واسعة تراعي اشتراطات التباعد الاجتماعي.

ووفقًا لأصحاب المطاعم والفنادق بالغرفة التجارية بالجيزة فإن إعلان شركة “إن إن بي سي إنترناشيونال”، صاحبة حقوق الملكية الخاصة بمطاعم بيتزا هت إفلاسها في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الديون المتراكمة عليها لن يضر أو يطال أعمال الشركة بمصر، لكن العاملين كان لهم رأي آخر.

 

اقرأ أيضًا:

“الهجرة الداخلية”.. “حكايات نجيب محفوظ خلصت والعشوائيات السبب”

 

ويقول أحد عمال التوصيل بـ “بيتزا هت مصر”، لـ”360″، إن كورونا يؤثر بقوة على حجم الطلب فمعدل التوصيل انخفض إلى النصف، والفرع الذي يعمل به حال غالبية الوقت، والجميع متخوف على مصيره من إمكانية تخفيض العمالة لتقليل النفقات مثلما حدث ببعض المطاعم الأمريكية الشبيهة.

مرونة المطاعم الصغيرة

ويقول الخبير الاقتصادي نادي عزام إن المطاعم الصغيرة كان لديها مرونة أكبر على التحرك لمواجهة تأثيرات فيروس كورونا، وتوفير اشتراطات تضمن التباعد بمسافة مترين بين طاولات الطعام، ومسافة متر بين كل شخص وآخر على عكس المطاعم الكبيرة التي تحافظ على نسق واحد للشكل كعنصر دعائي مترسخ مع علامتها التجارية.

 

يحاول قطاع المطاعم عالميًا تغيير طبيعة عمله للتوافق مع كورونا بالبقاء على مسافة متر عن باب العميل، وحال الدفع عبر الإنترنت يتم ترك الطعام على الباب ويرحلون كانت هذه رغبة العميل حتى لا يحدث أي تواصل بين الزبائن وعمال التوصيل.

ويقول عزام، لـ”360″، إن فيروس كورونا جاء ليثبت أن العلامات التجارية الكبيرة “أبطال من ورق”، موضحًا: “فالشركات الكبيرة كانت الأسرع انهيارًا مع امتلاكها أعباء مالية ضخمة ممثلة في آلاف الموظفين وشبكات فروع في العالم كله وتوسعها في النشاط عبر الاقتراض وعلى أمل تحقيق إيرادات نشاط تعوضها وهو ما تلقى ضربة في مقتل مع ظهور فيروس كورونا”.

وتعرضت سلاسل تجارية ضخمة للإفلاس مثل متاجر التجزئة “جي سي بيني” التي يعود عمرها لمدة 118 عامًا وتملك 850 فرعًا يعمل فيها 90 ألف شخص، و”جي كرو جروب”، صاحبة أكبر سلسلة محال للملابس الجاهزة بالولايات المتحدة التي أغلقت 500 متجر للبيع بالتجزئة وتسريح 11 ألف عامل، ومتاجر نيمان ماركوس، التي يبلغ عمرها 112 عامًا.