جرت العادة في السنوات الأخيرة بالدوريات الأوروبية الكبرى، أن يقوم أول فريق يواجه البطل المتوج حديثًا بلقب الدوري أو الكأس أو بطولة قارية، بإقامة ممر شرفي قبل مواجهة ذلك البطل، كنوع من الاحترام والتقدير له، ولافتة تعكس الروح الرياضية والتي تعتبر عصب الرياضة عمومًا، وأحد أهم رسائلها السامية، وقامت عدة فرق ودوريات بالعالم بتقليد ذلك باعتباره شيئًا محمودًا.

لكن تحولت تلك العادة الجيدة إلى عنوان دائم للأزمات في بعض المناسبات، خاصة بين الفرق المتنافسة بشدة، والتي يغلب على جماهيرها التعصب الأعمى كقطبي إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة، ومانشستر يونايتد وليفربول في إنجلترا، وكذلك الأهلي والزمالك في مصر.

ومع قيام فريق مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بالموسم الماضي، بإقامة ممر شرفي لنجوم فريق ليفربول الذين حسموا اللقب بالموسم الحالي قبل نهاية المسابقة بسبع جولات، قبل مباراتهما الخميس الماضي، لفتت تلك الفعلة الأنظار مجددًا للروح الرياضية العالية، ولكنها لم تستمر طويلاً فكانت أشبه بالخديعة والتنويم المغناطيسي للريدز من قبل رجال المدرب الإسباني الأشهر بيب جوارديولا.

 

بعد أن قام لاعبو “السيتي” بإقامة الممر الشرفي لليفربول، نزل الفريق المباراة بشوطها الأول بعزم شديد على الانتقام ولو معنويًا من خسارة لقبه لصالح الريدز، وكأنهم تعاهدوا على أن يعكروا صفو فوز “الليفر” بالبطولة الغائبة عن خزائن النادي منذ 30 عامًا.

 

اقرأ أيضًا:

من الإنفلونزا الإسبانية لـ كورونا..كيف تعاملت كرة القدم مع الأوبئة السابقة؟

 

فاستطاع “السيتي” أن يدك شباك البطل بثلاثة أهداف دفعة واحدة في الشوط الأول فقط، وسط توهان وغياب جماعي لكل عناصر الريدز في مشهد مؤسف وغير مألوف كثيرًا لفريق المدرب الألماني يورجن كلوب، بيد أن اللقاء انتهى لصالح السيتي برباعية نظيفة وسط صدمة الجماهير ربما عبر العالم أجمع، فهل هذا هو الفريق البطل؟ أم أنهم مجرد أشباح بعدما حسموا اللقب لصالحهم قبل جولة واحدة من تلك المباراة العصيبة.

 

تحول الممر الشرفي المخادع من قبل السيتي لليفربول قبل المباراة، إلى وسيلة تنويم فقط لنجوم الفريق الأحمر العريق، حتى أجهزوا عليهم تمامًا داخل المباراة وأخرجوهم بالمنظر المؤسف ذلك.

الدوري الإنجليزي

تكررت تلك العادة كثيرًا في البريميرليج بالآونة الأخيرة، وحرص مانشستر يونايتد من قبل في عام 2004، على الوقوف في ممر شرفي للاعبي تشيلسي على ملعب أولد ترافورد، بعد تتويج البلوز بلقبهم الأول في عصر البريميرليج.

ولكن تشيلسي لم يقع في الشرك الذي وقع داخله ليفربول، فاستطاع حينها قلب تأخره بهدف نظيف إلى الفوز بنتيجة 3-1 والخروج بصورة جيدة كونه البطل بها العام.

 

فيما تكرر الأمر ثانية، ومع تشيلسي أيضًا في موسم 2013-2014، وبعد أن أضاع اللقب على منافسه ليفربول حينها، في المباراة الشهيرة بين الفريقين بملعب أنفيلد التي انزلق بها قائد الريدز التاريخي ستيفن جيرارد، قام لاعبو ليفربول رغم ذلك في الموسم التالي مباشرة بالوقوف في ممر شرفي للبلوز بعد تتويجهم باللقب.

ولكن لم يسلم جيرارد من السخرية من قبل جماهير تشيلسي، التي ذكرته بانزلاقه الشهير، إلا أنه تمكن من تسجيل هدف ليفربول الوحيد في اللقاء الذي انتهى بالتعادل 1-1.

أزمة بسبب الممر 

ورغم أن الأمر يعتبر عادة محمودة بالملاعب العالمية، ظهرت أزمات عديدة بسبب ذلك الممر، واعتبرت بعض الفرق أنه من العار أن تقوم بهذا الأمر لغريمها التقليدي، بعد تفوقه عليها في حصد الألقاب، وكان الرفض والتشاجر والتناحر وسيلة تلك الفرق ولاعبيها وجماهيرها في الرد على إمكانية الوقوف بممر شرفي لمنافسهم الأزلي.

ولعل أبرز تلك الوقائع، هي حادثة الكلاسيكو الأشهر بين ريال مدريد وبرشلونة، في مباراة الإياب لموسم 2017-2018، حيث قرر زين الدين زيدان مدرب الملكي، عدم تكريم برشلونة حينها بإقامة الممر الشرفي، وقال عن ذلك: “هذا هو قراري وهذا هو… برشلونة كسر التقليد”، وكان ذلك في اللقاء الذي جمع الفريقين في ذهاب هذا الموسم في سانتياجو بيرنابيو، وكان الريال قد خسره وهو بطل لمونديال الأندية حينها وأغضب ذلك زيدان كثيرًا.

وأثارت هذه الحادثة الكثير من الجدل، ورأى النقاد وقتها أن التقاليد يجب أن تُحترم، لكن اللاعبين لم يكترثوا، وبعد أن قرر المدرب الفرنسي الرد على تصرف برشلونة برفض الوقوف بممر شرفي لهم، صرح جيرارد بيكيه، لاعب البارسا، متهكمًا على قراره: “أنه أصبح غير قادر على النوم منذ هذا القرار”.

 

وبدأ التراشق بين الطرفين، لاعبين ومدربين وجماهير وبات الأمر مرتعًا للمشاكل والتلاسن والمشاجرات، حيث رأى سيرخيو راموس، قائد الريال، أن هناك ضجة كبيرة على هذه القضية، وقال: “حصد البارسا اللقب، وهو ما أراده، لكن لن يكون هناك ممراً شرفيًا”.

الممر لا يفسد للتنافس قضية

رغم الحالة السابقة وأمثلة كثيرة أخرى، إلا أنه في إسبانيا وتحديدًا بين القطبين الريال والبارسا، حدث الممر بينهما من قبل، ففي عام 1991 أقام ريال مدريد الممر لبرشلونة في سانتياجو بيرنابيو معقل النادي، عندما نجح فريق أحلام يوهان كرويف في الفوز بالدوري الإسباني.

 

اقرأ أيضًا:

“اتفاق برشلونة ويوفنتوس” .. 4 صفقات” مجنونة” تصدم جماهير كرة القدم

 

كما سبق لبرشلونة إقامة الممر الشرفي لريال مدريد بعام 1998 في كلاسيكو بالكامب نو، وتكرر هذا الأمر تحت قيادة المدرب الهولندي فرانك ريكارد موسم 2007-2008 عندما فاز الميرينجي بالدوري الإسباني، وعن هذا الموقف قال قائد الفريق وقتها كارليس بويول أنه لم يحب الأمر لكنه كان ضروريًا.

 

في مصر الأمر مختلف 

لم تصل الفكرة الجوهرية من هذا الأمر لعقول المسئولين واللاعبين قبل الجماهير في مصر، خاصة جماهير القطبين الأهلي والزمالك، فلم يُقم الزمالك أي ممر شرفي للأهلي خلال السنوات الأخيرة، والتي شهدت تربعه على عرش البطولات المحلية والإفريقية، وكذلك رفض الأهلي فعل ذلك في القمة التي سبقت توقف كورونا هذا العام، وكان الزمالك بطلاً للسوبر الإفريقي حينها، فيعتبر الطرفان أن هذا نوعًا من أنواع الخنوع أو الرعونة والخضوع لزهو انتصار خصمه المباشر والأزلي.

وعلى العكس فقد أقيمت عدة ممرات شرفية بين باقي فرق الدوري المصري، بعيدًا عن القطبين، مثلاً قيام لاعبي الأهلي والجونة بإقامة ممر شرفي لنجوم المنتخب الأوليمبي بطل إفريقيا 2019، وقيام لاعبي الزمالك بالوقوف في ممر شرفي للاعبي بيراميدز عقب الفوز بكأس مصر، وذلك قبل تسلمهم ميداليات المركز الثاني، وكذلك قرر لاعبو سموحة تنظيم ممر شرفي للأهلي بالموسم الماضي، إلا أنها لم تكتمل بسبب قرار مراقب المباراة الذي أكد أنه لم يتلق أي تعليمات من لجنة المسابقات واتحاد الكرة بإقامة ممر شرفي وقام بإلغائه.