تُعتبر الأقلية الأذرية ذات الأصول التركية، وصاحبة السطوة والنفوذ الأعلى بين الأقليات إذ تتمكن من تحريك المجتمع وتحديد توجهاته العامة، حيث يمارسون حياتهم بصورة طبيعية ويساندهم بشكل عام النظام الإيراني، ويسمح لهم بالحصول على مناصب مرموقة في الدولة عكس غيرهم من الأقليات.

الأذرية في الدولة الإيرانية
والأذريون هم مجموعة عرقية تعيش بشكل رئيسي في جمهورية إيران الإسلامية، يتحدثون اللغة التركية، ويطلق عليهم أتراك أذربيجان، ويعتنق أغلبهم المذهب الشيعي وقلة منهم يتبعون المذهب السني.
يعيشون في جمهورية أذربيجان الإيرانية، التي يتواجد فيها أكبر عدد من الأذريون حول العالم، كما أن لديهم تراث ثقافي مختلف ومتعدد يشمل تراث قوقازي وتركي وإيراني.
يتواجد معظمهم في شمال غرب إيران أي محافظات أذربيجان الشرقية، وأردبيل، وزنجان وأجزاء من أذربیجان الغربیة، وبأعداد قليلة في محافظات أخرى مثل كردستان، قزوين، همدان، غیلان ومركزي، ويعيش كثير من الإيرانيون الأذريون في طهران وكرج ومناطق أخرى.
ويمثل الأذريون، ثاني أكبر مجموعة عددية في إيران بعد الفرس، ويصل عدههم إلى أكثرمن 22% من عدد سكان إيران، ليصل عددهم إلى أكثر من 20 مليون نسمة، وفقًا لما نشره مركز دراسات واشنطن للشرق الأدنى.

جمهورية أذربيجان
تبلغ مساحة أذربيجان حوالي 186 ألف كم مربع، ويقع أكثر من 90 ألف كم في إيران، والباقي كان يقع داخل الاتحاد السوفيتي حتى انهياره عام 1990 ما جعل أذربيجان تحصل على استقلالها.
قنبلة تخشاها إيران
تعد جمهورية أذربيجان، قنبلة موقوتة مثيرة للقلق بالنسبة لإيران، ويخشى النظام الملالي من وجود أحزابًا متواجدة في جمهورية إذربيجان، تحث إلى توحيد أذربيجان كاملة وتنشر خريطة لأذربيجان الكبرى تضم إذربيجان الشمالية المتمثلة في جمهورية أذربيجان الحالية، وأذربيجان الجنوبية المتمثلة في “أذربيجان الغربية، والشرقية، وزنجان” في إيران.
واحتجت إيران رسميًا، عن طريق سفيرها في باكو علي نشر حكومة أذربيجان مثل هذه الخرائط التي تدعو إلى انفصال جزء من دولة إيران، بالتمرد على حكومتها.
وتبدي طهران، تخوفها الدائم في الفترة الأخيرة من احتمالية أن تُستخدم الأراضي الأذربيجانية في تنفيذ أي هجوم أمريكي متوقع عليها، ولا تُخفي قلقها من تطور العلاقات اللافت بين كل من أميركا وإسرائيل مع أذربيجان.
بل ويعتبر النظام الإيراني الوجود الأميركي في بحر قزوين تهديدًا لأمنها القومي، نظرًا لأنها أكبر منطقة تحتوي على نفط وغاز طبيعي.
تحركات انفصالية
واشتد التوتر بين طهران وباكو، عام 2013 على خلفية اجتماع لمجموعة أذرية تطالب باستقلال إقليم أذربيجان الإيراني في العاصمة الأذرية، مما أثار غضب مسؤولين حكومين في إيران.
واستدعت الخارجية الإيرانية، سفير جمهورية أذربيجان في طهران واحتجت على عقد الاجتماع، معتبرة أن الهدف منه تفكيك إيران وتعدي على سيادتها ووحدة ترابها الوطني.
وطالب حسين شريعتمداري مستشار المرشد علي خامنئي، و منصور حقيقت بور، نائب لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، على هامش تلك الأزمة بضم جمهورية أذربيجان باعتبارها ولاية إيرانية انسلخت عن جسم الإمبراطورية الفارسية في أوائل القرن التاسع عشر.

 

 

اقرأ أيضًا:

“يهود إيران”.. الأقلية الأرقى والأوفر حظًا في الجمهورية الإسلامية

الأذريون والثورة الإسلامية
لعب الأذريون، دورًا هامًا في نجاح الثورة الإسلامية، التي قامت عام 1979، والتي حققت أغراضها بعدما أطاحت بالشاه البهلوي محمد رضا، وإقامة جمهورية إيران الإسلامية، إلى أن جرد أية الله الخميني، شريعتمداري الذي يعد أكبر رجل دين شيعي إيراني ذو أصول أذرية من مرجعتيه الدينية.
في الوقت ذاته سعى الخميني، إلى كسب رضا الأذريين عن طريق منحهم امتيازات خاصة لم يحظى بها أي أقلية في إيران، حيث منحهم إدارة ملفات القضاء والأمن، وكان “خلخالي وموسوي وعبد الكريم أردبيلي”، أشهر من تقلدوا مناصب في السلطة والقضاء الإيراني لمدة تزيد عن 10 سنوات.
الموقف الحالي
يتغلغل أذريوا إيران، في كافة مفاصل وقطاعات الدولة الإسلامية ما جعل الحكومة تعاملهم بشكل استثنائي، مع منحهم العديد من الصلاحيات والامتيازات دون غيرهم من أقليات.
وتسيطر الأقلية الأذرية على المناصب العليا في مؤسسات الحكومة الرسمية والاقتصادية، كما أنهم يمتلكون المئات من المؤسسات الثقافية والفكرية غير الحكومية وعشرات الصحف غير المرخصة، ولا تستطيع الحكومة إغلاقها، كما يسيطر أكثر من مليون أذري على الأسواق التجارية في طهران فقط.
يقول الصحفي المعني بتحليل الشؤون الإيرانية، مصطفى فحصن، إن الأذريين عصب الدولة الإيرانية، ويسيطرون على مفاصل الإدارة وأعلى المناصب في مختلف القطاعات حتى في الجيش.
إلا أن أكثر ما يجعل تلك الكتلة الأقلية حرجة هي قدرتها وحدها على الإطاحة بالنظام إذ تمتلك خطوط اتصال مفتوحة دائمًا مع الأقليات المضطهدة داخل بلاد فارس وتحثهم من حين إلى آخر على التمرد على القمع الذي يتعرضون له، وتأتي تلك التحركات مدعومة من أحزاب داخل الجمهورية الأذرية، حسبما أوضح مركز المزماة الإماراتي للدراسات السياسي.

حقوق دستورية
حافظ الدستور الإيراني، على حقوق الأذريين في التمثيل داخل مجلس الشورى الإسلامي فقط بعدد كبير من المقاعد، بالإضافة إلى عدد من المناصب في الحكومة الإيرانية.
مشاهير الأذريين
أقتصر مشاهير الأقليات الإيرانية دون الأذريون، على أهل الفن والرياضة والغناء، ولم يحظى أحدهم بأحد المناصب العليا في الدولة، عكس الأذريون الذين استطاعوا الوصول إلى مناصب مرموقة في الدولة بل الوصول لسدة الحكم بعدما فاز أحمدي نجاد بالرئاسة الإيرانية وكان سادس رؤساء دولة ما بعد الجمهورية.
كما تمكن مير حسين الموسوي، من الترقي حتى عُين رئيسًا لوزراء إيران، بل وكان أبرز المرشحين المحتلمين للرئاسة عندما نافس أحمد نجاد.
لم يقتصر دور الأذريون، على المناصب السياسة فحسب وإنما امتد الأمر للمرجعيات الدينية إذ ترجع أصول المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، إلى أذربيجان.

 

 

اقرأ أيضًا:

البهائيون في إيران.. الأقلية الأكبر عددًا والأكثر اضطهادًا

المعارضة الأذرية
على الرغم من المعاملة الخاصة التي تحظى بها تلك الأقلية إلا أنهم ظلوا لسنوات محط سخرية واضطهاد من المواطنين ذو الأصول الفارسية، إذ نشبت تظاهرات عدة في جميع أنحاء البلاد من قبل الأذريون الأتراك، بسبب السخرية التي تعرضوا لها في إحدى البرامج الساخرة التي تذاع التليفزيون الرسمي الإيراني، بعدما وصفهم مقدمها “بالأغبياء”.
وعلي الرغم من الخطوات التي اتخذتها هيئة الإذاعة والتليفزيون بوقف البرنامج وإقالة مسؤول كبير في الهيئة، إلا أن تلك الإجراءات لم تجدي نفعًا، وقال نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن قوات الأمن منعت التجمهر في مدينة تبريز، وهددت باعتقال أي متظاهر، ورغم التواجد الأمني في كثير من المحافظات، إلا أن ذلك لم يمنعهم من التظاهر دفاعًا عن قوميتهم الأذرية.

 

 
https://web.telegram.org/#/im?p=u908924040_17216481206220610096

لم تقتصر المعارضة الأذرية، فقط علي التظاهرات بل امتد الأمر إلى تكوين أحزاب خاصة أبرزها جمعية “كومه له ي زيانه و ه ي” بكردستان، ومنظمة “خبات الثورية الإسلامية”، التي دعت للاتحاد مع أكراد إيران والحصول على الحكم الذاتي داخل حدود الدولة الإيرانية، وأن تصبح اللغة التركية هي اللغة الرسمية لهم، إلا أن النظام الملالي يعتبر تلك الأحزاب خارجة عن القانون وتطاردهم الحكومة الإيرانية.